في البدء التحية لحواء بلادي وهي تتقدم الصفوف وتقف وقفات بطولية في وجه السلطة الجائرة ، وتقدم أمثلة مشرفة سيقف التاريخ عندها كثيرا ، ومن النماذج المشرفة أم كبس امرأة نخلة ، تقف أمام قوات الأمن بكل كبرياء وشموخ وتطلق زغرودة قوية يهتز لها عرش الطغاة ، وهي في طريقها إلي زنازين النظام ، بعد أن أعلنت رفضها لسياسات النظام أمام الملا ، وأعلنت عن اسمها ومكانها بوضوح ، ولم تختبئ أو تتواري ، بل تقدمت صفوف الثائرين لتعلن أن جدار الخوف قد سقط ، وان قطار الثورة انطلق ، وان فجر الخلاص قد لاح ، وان صوت المقاومة لا يعلو عليه ، وكذلك خروج طالبات المدارس الثانوية بالخرطوم بحري في مظاهرة هادرة ضد النظام ، يجعلنا نقول بكل ثقة أن الثورة دخلت المرحلة الحرجة وان انفجارها علي طول وعرض البلاد قد حان ، وان هذه الأفعال الملهمة ستجعل الشعب يكتب أخر فصول المأساة ،وسيذهب الطغاة إلي مزبلة التاريخ حيث يجب أن يكونوا . مرحلة العصيان المدني التي ولدت من رحم الشعب وتستمر لمدة ثلاثة أيام كمرحلة أولي قد نجحت قبل أن تبدأ ونتائجها قد أثمرت وحدة وتنظيم وصمود ، فكل الشعب أصبح في صف المقاومة ، والمد الثوري في تصاعد ،والغضب المحبوس في الصدور يترجم إلي هتاف وأفعال ضد النظام ، ومرحلة الخوف قد ولت ، والجميع نبرة رفضهم لسياسات النظام عالية ومسموعة ، وان بريق الثورة متلألئ ومتوهج ولن يخبو ، فالواقع مرير ولا يمكن تزينه بزيف الكلام والتخدير بالوعود الزائفة وتبرير الفشل بالمؤامرات الخارجية التي تحاك ضد الوطن ، فكل ما في جعبة الحكومة أصبح مكرر ومحفوظ وممل ، والمواطن قد سئم ووصل إلي خلاصة مفادها إسقاط النظام لننعم بصباح الحرية والشفافية التي فقدناه في زمنهم الأغبر . المؤتمر الصحفي الذي عقده وزير الصحة والذي أعلن فيه إقالة الأمين العام لمجلس الأدوية والسموم ، ومراجعة قوائم أسعار الدواء عبارة عن ذر الرماد في العيون ، فالمشكلة ليس في الدواء وحسب ، ولكن في الفساد المستشري في مفاصل الدولة ، والحروب العبثية التي يقتات منها أمراء الحرب ، والتردي والتدهور في كل المجالات ، فالمشكلة اكبر من أن يتم حصرها ، فسبع وعشرين عام عجاف قد أحالت الوطن إلي خراب ودمار ،ولم يتبقي لهم غير الترجل بأمر الشعب وهم صاغرين ، فالثورة انطلقت وطريقها معبد ولا مجال للتوقف أو الخذلان ، فالشعب موحد والمطالب التي يلتف حولها موحدة وسقوط النظام بات اقرب ألينا من حبل الوريد .