لا ينكر إلا مكابر الوزن الثقيل للحركة الشعبية ودورها المهم والاساسي في عملية التغيير السياسي في السودان سواء أن كان ذلك عن طريق فوهة البندقية أو عن طريق التفاوض الذي يؤدي لتفكيك هيمنة النظام الأحادي الشمولي الي صالح دولة المجموع حتي وان كان خيار التفاوض يمر بمخاض عسير من الالتواءت ونقضان العهود والمواثيق من قبل نظام الإبادة الجماعية والتطهير العرقي. وقد كانت أطروحات الراحل الدكتور جون قرنق ووضوح رؤية الحركة الشعبية السبب الرئيسي في سطوع نجم الحركة الشعبية في سماء الحقل السياسي السوداني، فالشخصية الكاريزمية للدكتور جون قرنق وإطلاعه الواسع وسعة معرفته مكنته من استقطاب السودانيين من شتى بقاع البلاد للانضمام الي صفوف الحركة الشعبية منذ بواكير إنطلاقها في نسختها الثانية 1983، فاستطاع الدكتور بحنكته وعمق بصيرته من توحيد السودانيين علي قلب رجل واحد فجاءته الجماهير من جبال النوبة والنيل الأزرق ودارفور وشرق السودان حتي من اقاصي الشمال البعيد لتدافع عن رؤية السودان الجديد وقدمت في سبيل ذلك الغالي والنفيس. إن ما تشهده أروقة الحركة الشعبية والاستقالة المدوية للفريق عبدالعزيز آدم الحلو وإذا ما سارت الأزمة في طريق مسدود فإن ذلك من شأنه أن يؤدي إلي فرح النظام الذي تأتيه الهدايا من حيث لا يحتسب وهي بلا شك ضربة قاضية ليس للحركة الشعبية وحدها ولكنها في الاساس ضربة للعمل المعارض باجمعه، فالخاسر الأكبر في هذه الأزمة هو الشعب السوداني في المقام الأول هذا الشعب الذي ظل يصطلي من ديكتاتورية هذا النظام الغاشم المستبد لمدة تقترب من الثلاثة عقود وأنه من نافلة القول التذكير بأن النظام هو صاحب المصلحة من هذه الصراعات داخل القوي السياسية المعارضة له والذي يسعي لتاجيجها بشتي السبل ويكرس لها رجال أمنه وزبانيته الذين يعملون ليلا ونهارا علي تفتيت احزابنا السياسية. ختاما لا يسعني إلا دعوة قادة الحركة الشعبية علي لملمة اطرافهم وتجاوز هذه المحنة وإنني على ثقة عمياء في قدرتهم علي معالجتها وتفويت هذه الفرصة علي النظام بما لديهم من حنكة وخبرة طويلة في دروب العمل السياسي، وهم الذين افنوا حياتهم داخل الغابات في الدفاع عن مشروع السودان الجديد من أجل أن يرونه حلما يمشي علي قدمين.