نفى وزير المالية (الفريق) محمد عثمان الركابي وجود أي نوايا للحكومة بتعويم الجنيه للمرة الثانية في أقل من عام، ووصف الحديث عن ذلك بأنه "مجرد شائعات"!! كنت قد تناولت فى مقال سابق التدهور المريع للجنيه أمام العملات الأجنبية بعد رفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية، وتصريحات رئيس الحكومة بأن رفع العقوبات لن يؤدى الى أى تحسن فى الاقتصاد بسبب الديون الهائلة على السودان ووجود اسم السودان على القائمة الامريكية للدول الراعية للارهاب، مما يحتم اللجوء الى "مدرسة جديدة" للتعامل مع الوضع الاقتصادى، وفسرت ذلك بأن ذلك يعنى توحيد سعر العملة بالنسبة لكل ورادات السودان بما فى ذلك القمح والدواء والجازولين، أو بعبارة أخرى (تعويم الجنيه) وترك تحديد سعره لظروف السوق، الأمر الذى سيؤدى لتدهور قيمة الجنيه بشكل كبير، ووصول سعر الدولار الأمريكى الى 30 جنيها قبل نهاية العام!! غير أننى فيما يبدو كنت متفائلا أكثر مما يجب، فلقد وصل سعر الدولار الى ما يقارب الثلاثين جنيها قبل نهاية العام بأكثر من شهر ونصف، ووصل السعر حتى نهاية يوم امس حوالى 28 جنيها، ويتوقع أن يصل الى 30 فى اليومين القادمين قبل أن تعلن الحكومة ميزانيتها للعام المالى الجديد (2018 ) والتى من المتوقع أن تتضمن رفع الدعم (المزعوم) عن كافة السلع بما فيها القمح والدواء، أى (إستيراد القمح والدواء والجازولين وكافة السلع الأخرى بالقيمة السوقية للدولار)، ما يعنى ارتفاع اسعار السلع بشكل كبير جدا، ووضع المزيد من العبء على المواطن المغلوب على أمره ليتحمل أخطاء وفساد ونفقات الحكومة الباهظة !! وللتدليل على نية الحكومة فى رفع الدعم عن القمح والسلع الأخرى، حديث وزير المالية أمام المجلس الوطنى فى الاسبوع الماضى عن دعم الحكومة لجوال القمح المحلى بمبلغ (355 ج)، والمستورد بمبلغ (111 ج)، وتوقعات مدير البنك الزراعى (صلاح حسن) في المنتدى التشاوري للمجلس الزراعي، برفع الدعم عن القمح، فضلا عن (المدرسة الجديدة) فى الاقتصاد التى الى اشار إليها رئيس الحكومة فى حديث سابق، وامتناع صندوق النقد الدولى عن التعامل مع السودان منذ عدة أعوام لعجزه عن الايفاء بديونه، والضغط عليه لانتهاج سياسة جديدة (توحيد سعر العملة) ورفع الدعم بشكل نهائى عن كافة السلع حتى ينظر فى إمكانية للتعامل معه مرة أخرى !! ونسأل السيد وزير المالية، إذا لم يكن رفع الدعم بشكل كامل عن كافة السلع، بما فى ذلك القمح، واستيرادها بالقيمة السوقية للدولار، لا يعنى تعويم سعر العملة السودانية، فماذا يعنى ذلك؟! كفاكم خداعا لأنفسكم وللناس، وضغطا على الشعب ليتحمل نتائج أخطائكم وفسادكم .. وارحلوا عنا، فلقد سئمناكم وكرهنا النظر الى وجوهكم والاستماع لأحاديثكم، حتى لو كنتم ملائكة لا تكذبون !! [email protected] الجريدة الالكترونية
