مقدمة: ****** (أ) الله وحده يعلم سبب احجام ملوك السعودية السابقين الذين حكموا المملكة في الفترة من عام 1982 حتي هذا العام الحالي 2018 اي بالتحديد طوال 36 عامآ ولم يقم احد منهم بزيارة السودان، وهم:(خالد، فهد، عبدالله، سلمان بن عبدالعزيز)!!، ولم يكلف احد منهم حتي المرور علي مرور مطار الخرطوم ولو(ترانزيت)!! (ب) *** ان السبب القوي الذي دعاني لفتح هذا الموضوع اليوم، هو مرور الذكري ال(52) علي زيارة الملك فيصل للسودان في يوم 5/مارس/ 1966، وهي ليست الزيارة الاولي له للسودان، ففي شهر اغسطس عام 1967 زار الخرطوم مرة اخري، وشارك في جلسات مؤتمر القمة العربية الرابعة والمعروفة باسم (قمة اللاءات الثلاثة أو قمة الخرطوم)التي انعقدت في الفترة من يوم 29 اغسطس حتي اليوم الاول من سبتمبر 1967،وهي القمة العاجلة التي دعا لها السودان لمناصرة الدول التي تضررت من الحرب، وانعقدت مباشرة بعد شهرين من حرب يونيو 1967، والمعروفة ب(حرب حزيران 1967)، وايضآ باسم (حرب النكسة). 1 *** في هذا المؤتمر التاريخي، اكد الرؤساء الحاضرين في هذا المؤتمر علي (اللاءات الثلاثة) وهي: "لا سلام مع إسرائيل، لا اعتراف بإسرائيل، لا مفاوضات مع إسرائيل"، واكدوا علي ضرورة وحدة الصف العربي ووحدة العمل المشترك، وضرورة التنسيق والقضاء على جميع الخلافات. وقد أكد الملوك والرؤساء وممثلي رؤساء الدول العربية الأخرى في المؤتمر موقف بلادهم من قبل تنفيذ ميثاق التضامن العربي الذي تم التوقيع عليه في مؤتمر القمة العربي الثالث في الدار البيضاء، ووافقوا علي وافق رؤساء الدول العربية على توحيد الجهود السياسية على الصعيد الدولي والدبلوماسي لإزالة آثار العدوان، وضمان انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي العربية التي كانت تحتلها منذ عدوان (5) حزيران على أن يتم ذلك في إطار المبادئ الرئيسية التي يمكن للدول العربية الالتزام بها، أي "لا سلام مع إسرائيل، لا اعتراف بإسرائيل، لا مفاوضات معها"، والإصرار على أحقية الشعب الفلسطيني ببلاده. 2 *** في هذا الاجتماع التاريخي، بادر الملك فيصل علي تقديم دعم مالي للدول التي تضررت من العدوان الاسرائيلي، فقدم دعم لمصر بمبلغ (41) مليون استرليني، ومبلغ (17) مليون استرليني للاردن. 3 *** يعتبر الملك فيصل هو الملك الوحيد الذي زار السودان في زمن السودان السعيد (زمن الديمقراطية وسودان الهيبة عام 1966) ، واستقبل رسميآ وشعبيآ بصورة لم تعرف لها البلاد مثيلآ من قبل، كان استقبال شبيهه باستقبال الرئيس جمال عبدالناصر عند زيارته للخرطوم عام 1967 للمشاركة في جلسات مؤتمر قمة الخرطوم عام 1967. 4 *** قام الملك خالد بن عبدالعزيز بزيارة قصيرة للخرطوم عام 1976 بدعوة من الرئيس جعفر النميري، واستقبل اروع استقبال بشكل رسمي، ولكن لم تكن كبيرة وشعبية كزيارة الملك فيصل بسبب الاجراأت الأمنية البالغة التشديد والصرامة، مما قلل كثيرآ من دور ابراز الاستقبال الشعبي!! 5 *** ظاهرة لم تخفي علي احد علي الاطلاق منذ عام 1989 حتي اليوم ، انه بالرغم من زيارات عمر البشير التي فاقت ال(17) زيارة للملكة العربية السعودية، وكانت اغلبها زيارات حج وعمرة!!، وبعضها للعلاج، واحيانآ استدعاء وقراءة الفاتحة في "البقيع"!!…لم يقم اي ملك حكم السعودية خلال ال(28) عامآ الماضية بزيارة للسودان!!، بل ولا فكر احد منهم ان يجرب حتي ولو المرور (ترانزيت) عبر مطار الخرطوم!! 6 *** الملوك الذين حكموا السعودية خلال ال(28) عامآ الماضية ورفضوا زيارة السودان، هم: (أ) فهد بن عبد العزيز آل سعود (يونيو 1982 حتي الاول من اغسطس 2005) (ب) عبد الله بن عبد العزيز آل سعود (الاول من اغسطس 2005 حتي 23 يناير 2015) (ج) سلمان بن عبد العزيز آل سعود (23 يناير 2015 حتي اليوم) 7 *** هؤلاء الملوك امتنعوا عن قصد ومع سبق الاصرار زيارة السودان في زمن نظام البشير، لانهم لم ينسوا انه النظام الذي ساند صدام حسين، وهتفت فلول الاسلاميين التابعين للجبهة الاسلامية وقتها:(اضرب، اضرب ياصدام القاهرة والدمام)!!، هؤلاء الملوك عندهم ثار لا ينسي ضد البشير وأهل النظام، وانتقموا منه بال (طناش) الشديد!! وعدم الاهتمام بحاله المزري، وسكتوا عن دعمه حتي ان خنع، وارسل كل قواته السودانية المسلحة الي اليمن!! 8 *** يبدو ان هذا (الطناش) عن زيارة السودان قد ان انتقل بالوراثة من الملوك السابقين الي الاب الملك سلمان، ثم الي الابن الامير محمد بن سلمان (رجل السعودية القوي)، الذي زار عدة دول بعيدة من وقريبة من قبل، ولكن أول زيارة له منذ توليه ولاية العهد كانت مصر، ثم يطير بعدها الي لندن وواشنطن، ولكنه ما فكر حتي مجرد فكرة في زيارة الخرطوم القريبة من القاهرة!!، وقال بيان صادر من الديوان الملكي نشرته وكالة الأنباء الرسمية "واس" إن الزيارة تأتي بناءً على توجيهات الملك سلمان بن عبدالعزيز واستجابة للدعوة المقدمة له من الرئيس المصري. 9 *** من راقب الاوضاع السياسية في السودان، يجد ان (الجمود) في العلاقات السودانية السعودية قد بدأت في الاتساع بعد ان اتهم النظام الحاكم السعودية عدم دعمه ماليآ، وقامت صحيفة "الراكوبة" قبل ساعات قليلة في هذا اليوم الجمعة 23/مارس/2018، بنشر خبر (قنبلة) تحت عنوان: (انتقادات الإعلام السوداني للسعودية: شعبي أم حكومي أم كلاهما؟!!)، ومفاده: (أثارت الانتقادات الواسعة التي وجهتها كثير من وسائل الإعلام السودانية، منها المقربة من الحكومة، للسعودية اهتمام الخبراء والمحللين، كونها انتقادات غير مسبوقة من ناحية النوعية والجهات التي تطلقها، وأثيرت التساؤلات حول انعكاساتها وأي وجهات النظر تمثل، الحكومة أم الشعبية أم الاثنتان معًا. هذا السخط على سياسيات السعودية نحو الخرطوم تزامن مع ضائقة اقتصادية تعانيها السودان منذ مطلع العام الحالي، ما زاد من الغضبة الإعلامية على الرياض، التي تعتبرها الخرطوم حليفا إستراتيجيًا، بعد أن قطع السودان علاقاته مع إيران من أجلها..ويعاني السودان من شح في النقد الأجنبي منذ انفصال الجنوب عام 2011 وفقدان ثلاثة أرباع موارده النفطية، التي تمثل 80% من موارد النقد الأجنبي، و50% من الإيرادات العامة للدولة. كما شهدت ميزانية العام الحالي عجزا مقدرا يبلغ 28.4 مليار جنيه (4.11 مليارات دولار)، تشكل 2.4% من الناتج المحلي الإجمالي..وتعد موجات النقد الإعلامية التي استهدفت الحكومة السعودية هي الأولى في السودان منذ سنوات، وكذلك من المرات النادرة التي تكون المملكة محل انتقاد الصحافة السودانية. وكتب الوزير السابق ورئيس تحرير صحيفة "مصادر" (خاصة)، عبد الماجد عبد المحيد، أنه "مثلما أعدنا صياغة طريقة تعاملنا الظرفي والاستراتيجي مع عدة دول من حولنا وبعيدًا عنا (..)، ومثلما أقدمنا على هذه الخطوة، وبشجاعة (التدخل السوداني في اليمن ضمن التحالف العربي الذي تقوده السعودية)، نحتاج أن نعيد صياغة أسئلة تعاملنا الظرفي والاستراتيجي مع المملكة العربية السعودية"). (انتهي الخبر) 10 *** خلاصة الكلام، ان نظام البشير مهما تمادي في سخطه وغضبه علي السعودية، فان هذا لن يغير شيئا من سياسة السعودية تجاه الخرطوم!!،.. الخرطوم "المتقلبة" دائمآ في كل الاتجاهات ولا تستقر ابدآ علي حال واحد: (من روسيا رأسآ الي تركيا ومنها الي قطر، ثم العودة لمصر..ثم انظار دعم سعودي!!).. 11 *** واخيرآ، اتوقع كيدآ وتَشَفِّياً في السعودية، ان يقوم البشير بانهاء وجود الكتيبة السودانية في اليمن ويامرها بالعودة للخرطوم!!…… يهرول بعدها الي قطر( وما الحنين الا للحبيب الاول)!! [email protected]