وجد الترابي منى الشاذلي المذيعة بقناة دريم المصرية خالية الذهن تقريباً عن الوقائع السودانية التي سبقت انقلاب يونيو 89م فمرر عبرها إلى المشاهد حجج لا يمكن بلعها حين سألته لماذا أسقطتم حكومة الصادق المهدي المنتخبة كقوله إن الانقلاب خططوا له في حزبهم لان الديمقراطية بعد انتفاضة ابريل ما كانت ديمقراطية بالمعنى المتعارف عليه بل هي طائفية وقبلية وإن الصادق المهدي يستند إلى إرثه منذ الثورة المهدية و… و… إلى آخر السكباج. ومن عجب ِ أن الترابي مقتنع ومغتبط بنتيجة تلك الانتخابات فيما يتعلق بحزب الجبهة الإسلامية القومية (جاق) حين ذكر لمحاورته أن حزبه حصل على خمسين مقعداً في البرلمان بعد أن كان في السابق حصل على خمسة أي أنهم يتوسعون. يتساءل المرء ويحتار لم شارك الترابي وحزبه في برلمان تلك الديمقراطية إن لم يكونوا مقتنعين بها؟ هل كانوا يمثلون؟ وإذا كان الشعب السوداني قد جاء بحزبهم ثالثاً في تلك الانتخابات بعد حزبي الأمة الأول والإتحادي الثاني فهل كانت نتائج تلك الانتخابات طائفية وقبلية فقط فيما يتعلق بالحزبين ومدنية حديثة فيما يتعلق بحزبهم؟ الكل يعلم كيف خطط المجلس العسكري بقيادة سوار الدهب لدوائر الخريجين فلم يجعلها قومية كما جرت العادة والنتيجة أن نائباً من خريجي حزب الجبهة هو تميم فرتاك فاز ببضع وعشرين صوتاً فقط بدائرته في الجنوب بينما لم تفز نائبة في الخرطوم عن الحزب الشيوعي هي ا سعاد إبراهيم احمد بأكثر من عشرين ألف صوت. أي بفارق ألف ضعف. يقول الترابي إنه يكره العسكر منذ معاوية ابن أبي سفيان حتى البشير .والسبب واضح فالعسكر حالوا بينه وبين السلطة المطلقة . ورغم وقوفنا ضد الانقلابات لكن لو نظرنا للأمر من ناحية سايكلوجية من قاد الانقلاب نجده سيقول بينه وبين نفسه: - أنا خاطرت برقبتي وكنت عرضة للرمي بالرصاص أجي أديها ليك باردة ومع ذلك تسبني؟ قال الترابي في معرض سبه للعسكر أنهم أخرجوه من حكومة الصادق ولذا قام بالانقلاب. لكن حزب الجبهة لم يكن أغلبية حين أخرجه المهدي من الحكومة الائتلافية . لماذا لم يقتنع حزب الأقلية بالجلوس في مقاعد المعارضة ؟ وهل كان خروجاً من حكومة ملزمة هي بأن يشارك هو فيها؟ الحكومة لحزب الأغلبية فلم استعان الترابي للنجاة من رمضاء خروجه من الحكومة بنار الانقلاب على الديمقراطية ثم باتي الآن يتباكى عليها؟ لا الترابي لا يتباكى على الديمقراطية فهو لا يؤمن بها بتاتاً وإنما يتباكى على فقدانه السلطة لا غير. وعلى القوى الديمقراطية ألا تجعل من نفسها سلماً يتسلق عليه الإسلام السياسي السوداني وزعيمه الترابي من جديد. أي إجماع هذا الذي تشارك فيه القوى نفسها التي يجب أن تقف أمام الشعب لمحاسبتها عما اقترفته يداها من تخريب للحياة السياسية السودانية. إنه إجماع يجب ضربه في التنك.