عبدالغني بريش اليمى // الولاياتالمتحدة الأمريكية… عندما قامت قوات عمر البشير ومليشياته بإحتلال مدينة أبيي المتنازع عليها بين شمال السودان وجنوبه ، ودون احترام للبرتوكول الخاص بهذه المنطقة الوارد في اتفاقية نيفاشا الموقع عليها في عام 2005 بين حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية ، أطلق عبدالرحمن عصمت رئيس هيئة أركان جيش البشير من أبيي تهديدات عشوائية يطالب فيها الجيش الشعبي بتسليم أسلحته أو مواجهة التجريد بالقوة في كل من جبال النوبة والنيل الأزرق ، وفي حينه قلت رداً على هذه التهديدات في مقال لي نُشر في عديد من الصحف الإلكترونية السودانية بأن ” جبال النوبة ليس أبيي ! ” ، وفعلا تحقق ما جاء في مقالنا ، عندما حاولت قوات الجنرال الهارب من العدالة الجنائية عمر البشير في ليلة الرابع من يونيو 2011 تجريد الجيش الشعبي من أسلحته في جبال النوبة ورد لها ثوار الجبال صاع بصاعين وألحقها هزيمة تأريخية قاسية يوم الأحد 18 سبتمبر 2011 اعلن الناطق الإعلامي للحركة الشعبية بجبال النوبة السيد/ قمر دلمان استيلاء الجيش الشعبي في معارك عنيفة مع جيش عمر البشير على منطقة طابولي الاستيراتيجية وسلامات وتلودي النوبة 0 وفي وقت لاحق من الإثنين 19 سبتمبر -قال الامين العام للحركة الشعبية شمال السودان ياسر عرمان في اتصال هاتفي مع فرانس برس إن قوات الجيش الشعبي طردت القوات الحكومية من حامية مدينة تلودي لكن المتحدث باسم الجيش السوداني العقيد الصوارمي خالد سعد نفى هذا الامر وقال لفرانس برس “كل الامر ان اعدادا قليلة من متمردي الحركة الشعبية حاولوا التسلل للمنطقة وتصدت لهم القوات المسلحة ولم يحدث قتال حقيقي “ ولنقف طويلاً أيها السادة والسيدات عند ( ولم يحدث قتال حقيقي ! ) ، ولنسأل السيد/الصوامي سعيد ما إذا كان ما يصرح به لوسائل الإعلام يأتيه فعلا من أرض الأحداث أم أنه اجتهاد منه لتسجيل حضور إعلامي فقط ؟ إن تصريح وكلام السيد/ الصوارمي بعدم دخول جيشه في قتال حقيقي مع الجيش الشعبي لهو كلام مضحك ومبكي في نفس الوقت ، وربما أصيب أهل الإنقاذ أنفسهم بحالة من الذهول والاستغراب لدى سماعهم له ، حيث لا يوجد داعي لهذا المبرر التافه وجيشه هناك أصلاً ليقاتل الجيش الشعبي وهزيمته – كما أن عمر البشير يرسل كل يوم رسائل مفادها أن الإستقرار لم يحدث في السودان إلآ بكسر شوكة الحركة الشعبية والجيش الشعبي – فهل هذه الرسائل لا تصل لمن هم في الميدان من مليشيات عمر البشير ومجاهديه ودفاعه الشعبي ؟ إن هذا الصوارمي أيها السادة والسيدات يستهين بعقول السودانيين جميعا .. ولا يعي أن من يخاطبهم لهم مشاعر وأحاسيس ، ولا يحترم معرفتهم وإطلاعهم وقدرتهم على فهم مجريات الأمور والأحداث – أنه يستصغرهم ولا يكترث لردة فعلهم على الأكاذيب التي يرددها عليهم كل يوم – يطلق تصريحاته غير المسئولة معتقدا في في قرارة نفسه انها لن تعود اليه ، هادفاً منها تخدير القراء والتمويه والتضليل على الصورة الحقيقية ، متمنياً أن لا يدرك القارئ أو المستقبِل لها أنه يكذب وينافق – لكنه كما في كل مرة أخطأ التقدير قرأنا كثيراً عن الكذب عند الأمم والشعوب والأقوام والحكومات الرئاسية والملكية وغيرها . واستخلصنا أن حكومة البشير أكذب حكومة على الإطلاق في الوقت الحاضر . تفننت في قلب الحقائق وممارسة الدجل والتحريف والتزوير والتزييف والافتراء . إنها تكذب لأنها تخفي الحقيقة ، وعازمة بوعي ورضى ، أن تكرر الكذب كل مرة يفتح فيها أهلها أفواههم الوسخة ، وهذا ما حدث ويحدث مع الناطق الرسمي لجيش عمر البشير كل مرة يدلي فيها بتصريح لوسائل الإعلام 0 لم يعد أحد يعجب من تصريحات ” الصوارمي ” وهو يطالعها أو يشاهدها أو يستمع إليها أو يدقق بها . وليس ثمة ما يحتاج إلى تدقيق أو دليل على الكذب البواح . فقط من أراد أن يتثبت من كذب العقيد/الصوارمي فليجمع تصريحاته ويقرأها ليرى الحقيقة بأجلى صورها . فقبل أكثر من أسبوع صرح حضرته بأن الحدود السودانية الليبية آمنة ولن يسمح الجيش بتسلل خليل ابراهيم إلى داخل الأراضي السودانية ، ولم يمضي على تصريحه هذا سوى يوم واحد حتى أدلى بتصريح آخر لوكالة الأنباء السودانية يقول فيه إن تسلل خليل إلى السودان عمل إنتحاري وأن الجيش سيهزمه إذا حاول الإعتداء عليه !! 0 لنعود إلى مدينة تلودي التي طهرها الجيش الشعبي من مليشيات المؤتمر الوطني ويصر العقيد/ الصوارمي على ان ليس هناك قتالا حقيقيا وقع فيها ، رغم كل الشواهد المتوفرة على أن تلودي دخلت منذ الثامن عشر من هذا الشهر ضمن المناطق المحررة في جبال النوبة . والغريب أن السيد/ الصوارمي لم يعلن أن جيشه الذي لم يدخل في قتال حقيقي مع قوات الجيش الشعبي قد انسحب من حامية تلودي أو استسلم للجيش الشعبي ؟. ألآ يكفي دفن الحقيقة ليبدأ العويل بالكذب على الملأ يا أيها الصوارمي؟ 0 إذا كانت قوات الجنرال عمر البشير لم تدخل في قتال حقيقي مع قوات الحركة الشعبية في تلودي ، وأنها صدت هجوما للحركة الشعبية كما قال أحدهم – إذن لماذا هذه القوات هناك – إذا لم تقاتل ؟ هل هي هناك لتسلم على أفراد الجيش الشعبي وتعتذر لهم على حماقات عمر البشير وحربه غير المبررة في جبال النوبة ؟ والسؤال الأهم هو : هل استسلمت القوات التي لم تقاتل الجيش الشعبي قتالاً حقيقياً كما قال الصوارمي في تلودي – أم هربت تاركة من وراءها آلياتها وأسلحتها لتنجو بنفسها من الموت المحتم ؟ 0 ما الذي يجري يا أهل الإنقاذ في مجالسكم ! ويا عمر البشير ! ويا أصحاب المشروع الحضاري المشروخ ؟ ألا يكفي السودان انفصال جنوبه عن شماله ؟ ألا تستطيعون أن تجتمعوا على كلمة سواء حتى في الكذب ؟ بالله عليكم قولوا لنا على الأقل رواية ثابتة عن الوضع العسكري والميداني في كل من جبال النوبة والنيل الأزرق ، وليس مهماً أن تكون صادقة أو كاذبة ! . بس رواية واحدة متناسقة متجانسة حتى يمكن أن يبتلع السودانيين الكذب ، وبعدها يدخلوا مرغمين في متاهات التحليلات والتأويلات 0 الحرب التي أشعلها حزب المؤتمر الوطني في كل من جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق دون ان يضع أي احتمال للفشل ، هي التي ستقصم ظهره ، سيما وان الحركة الشعبية تسيطر على أكثر من 80% من ولاية جنوب النيل الأزرق ، وعلى أكثر من 70% من ولاية جبال النوبة/جنوب كردفان ، وأكد قيادات الحركة الشعبية – قطاع الشمال – عزمهم على هيكلة الدولة السودانية وبناءها بناءاً يتسع لكل السودانيين — فلماذا يكذب النظام على مواطنييه ، وعلى ماذا يراهن ؟ وألآ يكفي المأزق الذي وضع فيه هذا النظام الشعوب السودانية من مجاعة قاتلة وحروبات عبثية وفوضى في كل مكان وغلاء السلعة الأساسية والضرورية ؟ 0
