لم يحفل الناس كثيرا بكل التي سمت نفسها أحزابا وشاركت في الحكومة الجديدة ، وجلّها ، موجود من قبل في موخرة قطار السلطة، بعد ان روضتها الانقاذ أو سلختها عن جلود أحزابها الكبيرة ، وجعلت منها تقيحات تلهب حكة تلك الكيانات بالمزيد من النزف خارج شرايينها ! بيد أن الكل يتوقف عند مشاركة الاتحادي الأصل الهزيلة ، والتي تعتبر الانقاذ ومؤتمرها الوطني أكبر الرابحين منها ، باعتبارها تمثل انفلاقا جديدا فيما تبقي من جسد الحزب الذي يبدو أنه بات رهينا بيد سيد لا يريد جدالا في قدسيته التي جعلت من الحزب مجرد شجرة مغروسة في جنينة ارثه ، وكل اعضاء الحزب من ذلك المنظور يجب أن يكونوا ثمارا تتدلى في سلة طاعته، ويعود قرار مشاركتها من عدمها الى رغباته فقط ، ولو تأبى الاجماع أو تحفظ! الان وبعد أن قبل البعض وابتلعوا طعم سنارة المشاركة ، طفت الى السطح وبالصوت العالى، عبر الفضائيات حالة الاستقطاب الحادة بينهم والممانعين من زملائهم، وتجاوزت أروقة الحزب ، بما يشير الى أن مفاصلة كبرى في طريقها الى شق ما تبقي من حوائط ذلك الحزب والتي أعملت الانقاذ ، معاولها هدما فيها ، وبمثل ما فعلت في حزب الامة الجريح في كل مواضع جسده الهرم ، لتظل الانقاذ هي الكيان الوحيد الأقوي الذي ينمو فوق ركام واطلال تلك الاحزاب ، الى أن ابتلاها الله في انشطار حركتها الاسلامية ذاتها ! بالأمس استمعنا الى أقطاب الحزب الاتحادي الأصل وهو يشدون في خناق بعضهم عبر تلفزيون البي بي سي ، فيتلعثم عثمان عمر الشريف ، بمنطق مشي الغراب الذي حاول أن يقلد البلبل في تمخطره ، فلم يفلح ، وأراد أن يعود لمشيته فنسيها ،وأخذ يقفز في مسخ لاهو بلغة الانقاذي التي لا يتقنها ، ولا هو قادر على التحدث بجسارته كمعارض سابق! فيما كان على السيد أكثر ثباتا وأقوي منطقا في تفنيد مرامي الفخ الذي وقع فيه الحزب وبارادة قلة اثرت مصالحها في تمسحها برئيس الحزب ، فقبلت بما تحت الاقدام وفي متناول يد المصالح الذاتية، بديلا عما هو ضخم في افق النظر البعيد ، وفيه تعميم الفائدة للوطن قبل الحزب والذات الضيقة ! ولئن كان تباين الخطوط بين قيادات الحزب الاتحادي الأصل قد صنف المشاركين ، ضمن من لعنهم التاريخ الوطني ، ونبذهم الضمير الحي لأغلبية جماهير الحزب، فان عدم المشاركة ايضا قد وضع الذين تمنعوا عنها في زاوية حرجة ! فاما أن يتحركوا منها انسلاخا عن حزب داس على ارادة الاجماع ودخل في قطيع النظام ، ليقتات يابس العشب في ا لهزيع الاخير من قحط موسمه الفاشل ! واما أن يتشبثوا عند البقية الباقية من اسلاك سوره الشائكة والصدئة ، رغم جروح وسموم طعناتها في أجسادهم حفاظا عليه، وهما حلان لاتقل مرارة أحدهما عن علقم الآخر ! وهكذا هي لعبة ثعالب الانقاذ التي ما أن تغوص اقدامهم في وحل مراحل الفشل المتكرر ، حتي يجدوا من يقفزون على ظهره للعبور به ، وتلويثه بما علق في اقدامهم من نجاسة الاخفاق ، التي تتطلب غسلا كاملا ، ووضوءا جديدا لمن أراد العودة ا لى صفوف الصلاة على قبلة العمل الوطني النظيف والخالص ، هذا ان قبل الشعب توبته ! فالخالق الباريء تواب رحيم ، وكلُ ابن ادم خطْاء وخير الخطائين التوابون ! والله المستعان… وهو من وراء القصد..