مقدمة ! الموقف في بلاد السودان ( يوم الأثنين 19 ديسمبر 2011 ) ، يشوبه الهدوء ! ربما الهدوء الذي يسبق العاصفة ؟ دعنا نستعرض بعض الأحداث ، وتداعياتها علي الموقف السياسي في بلاد السودان ، في عشر محطات ، كما يلي ! 1- الرئيس سلفاكير ! شارك الرئيس سلفاكير في مؤتمر واشنطن الدولي للإستثمار في جنوب السودان ( واشنطون – الأربعاء 14 ديسمبر 2011 ) ! والأهم من هذه المشاركة ، لقاء الرئيس سلفاكير الحميمي مع القس الأفانجيلي فرانكلين جراهام ! يمكن للذين لم يتعرفوا على القس فرانكلين من قبل ، أن يشاهدوا الفيديو على الرابط أدناه ، الذي يصور مقابلة للقس مع الرئيس سلفاكير : يسعي القس فرانكلين لأن يجعل من دولة جنوب السودان واحة استقرار وسلام ، لأنه يؤمن أن ذلك الإستقرار من شروط العودة الثانية للمسيح ! ويؤمن القس بأن الجغرافيا السياسية تربط ربطا محكمأ وجدليأ ، بين الإستقرار في دولة جنوب السودان ، والإستقرار في دولة شمال السودان ! ويؤمن القس بأن الرئيس البشير هو الوحيد الذي يمكن أن يضمن الإستقرار في دولة شمال السودان ! ذلك أن الرئيس البشير مدعوم من قبل الجيش السوداني المؤدلج ، ومليشيات الدفاع الشعبي ، وبقية المليشيات الإنقاذية الحاملة للسلاح ، والمؤدلجة حتى النخاع ! الرئيس البشير ديكتاتور قوي في الداخل السوداني ! تدور حول شمسه كل المجرات الأخرى ، وتسمع كلامه ! خصوصأ قادة الجيش وقادة المؤتمر الوطني ! يقف الترتار عند الرئيس البشير ، في بلاد السودان ! مما يمكن الرئيس البشير من حفظ الإستقرار والسلام في دولة شمال السودان ، بالقوة الخشنة ، إن دعا الأمر ! كما يحدث حاليأ في اقليم دارفور ، وولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق ! ولهذا السبب ترفض إدارة اوباما محاولات الإطاحة بنظام البشير ، أو تغييره ، حتى بالوسائل السلمية ! وتدعو الى إصلاحه ديمقراطيا ، عبر الآليات الدستورية ، وحسب التساهيل … مثلا انتخابات مخجوجة عامة مبكرة ، لذر الرماد في العيون ! 2 - أمر القبض ؟ لكن هذا الديكتاتور القوي داخليأ ، رهينة في أيادي إدارة أوباما ! بفضل أمر القبض ، الذي لم تساعد إدارة اوباما ، كثيرأ ، في انزاله من السماء ، في عام 2005 ! بل أمتنعت عن التصويت على قرار مجلس الأمن القاضي بتحويل ملف دارفور الى محكمة الجنايات الدولية ! ولكن أمر القبض وقع لإدارة اوباما في جرح نازف ، ومن حيث لا تدري ! لوحت إدارة اوباما بأمر القبض ، فتم الإستفتاء في سلاسة وهدوء ! لوحت إدارة اوباما بأمر القبض ، فتم تقسيم بلاد السودان الى قسمين في سلاسة وهدوء ! صار أمر القبض ، ( أفتح يا سمسم ) مغارة الرئيس البشير ؟ يطلب الرئيس البشير الإذن من إدارة أوباما ، من خلال وسيط ثالث ، كلما فكر في السفر خارج السودان ! غلوطية قطر ؟ سمحت إدارة اوباما لأمير قطر بدعوة الرئيس البشير للمشاركة في المنتدى الرابع للأمم المتحدة لتحالف الحضارات ، والذي تستضيفه الدوحة ! ولكن شدت إدارة اوباما مقود ( سلسلة ) الكلب ، بأن طلبت، مع دول الإتحاد الأروبي ، من أمير قطر ، عدم السماح للرئيس البشير بحضور الجلسة الإفتتاحية للملتقى ، ( الأحد 11 ديسمبر 2011 ) ، لإذلال واهانة الرئيس البشير ! فكان أن اضطر أمير قطر ، للمكث مع الرئيس البشير في غرفته ( الرئيس البشير ) ، ريثما تقوم زوجة أمير قطر ، بافتتاح المنتدى ، نيابة عن الأمير ! خاف أمير قطر أن يتجوعل الرئيس البشير ، ويصر علي حضور حفل الإفتتاح ، فيغادر بقية الرؤساء القاعة ، ويفشل الملتقى ! ولا يستطيع الرئيس البشير الرجوع الى الخرطوم ، بضمانة امريكية ، فيموت الرئيس البشير في أيادي أمير قطر ، ولا يعرف ماذا يفعل به ! وكمان كمبالا ؟ لم يطلب الرئيس موسفيني من إدارة اوباما ضمانة لمشاركة الرئيس البشير في قمة البحيرات العظمى ( كمبالا - الخميس والجمعة 15 و16 ديسمبر 2011 ) ! وعليه لم يشارك الرئيس البشير في هذه القمة ، رغم أهميتها ، كون موضوع مياه النيل ، أحد أهم أجندتها ! وشارك بدلأ عنه ، نائبه الحاج آدم يوسف ، الذي لم يفتح الله عليه ، أثناء خطابه في القمة ، ومداخلاته الأخري ، بحديث غير مهاجمة عدوه اللدود اوكامبو ، وبت عمه ( الحاج ) الزغاوية فاتو ( حمالة الحطب القادمة ؟ ) ! وحسب التعليمات البشيرية ؟ بينما بقية الرؤساء يتكلمون في القضايا المصيرية ! أصبح أوكامبو وفاتو قضية مصيرية لبلاد السودان ؟ ولم ينس اوكامبو أن يذكر مجلس الأمن ( الخميس 15 ديسمبر 2011 ) ، بأن الرئيس البشير ما أنفك يواصل أباداته الجماعية في دارفور ! ومن ثم الحاجة العاجلة لأعتقاله ، اليوم ، وليس غدأ ، لوقف هكذا أبادات جماعية ! إذن الرئيس البشير رهينة في أيادي إدارة أوباما ، تلعب به ، كما يلعب الطفل بلعبته ! ومن ثم أهمية بقائه ، رئيسأ لدولة شمال السودان ، لسهولة ابتزازه ! هل أتاك حديث من قال أن الرئيس البشير قد ذبح عتودا حنيذا ، عندما سمع بقرب صدور أمر قبض في مواجهة صديقه عبدالرحيم محمد حسين ؟ الموت وسط الجماعة عرس ، أو كما قال ؟ 3 - حزب الله ؟ هناك موضوع ، لا علاقة له مباشرة بأمر القبض ، ولكنه سوف يشكل ضغطأ معنويا ودبلوماسيا متزايدأ على الرئيس البشير ، المحاصر من جميع الجهات ! أصدرت محكمة الجنايات الدولية الخاصة بلبنان ، أوامر قبض ضد أربعة من عناصر حزب الله في لبنان ، بتهمة اغتيال رفيق الحريري ! وتضغط إدارة اوباما ( المجتمع الدولي ) على حكومة لبنان لتسليم المتهمين الأربعة لمحاكمتهم في لاهاي ! إذا تم القبض على هؤلاء المتهمين ، وتمت محاكمتهم في لاهاي ! فإن حبل العدالة الدولية ، سوف يضيق حول عنق الرئيس البشير ، ولن يجد لنفسه فكاكأ ، من عجاجة العدالة الدولية ! وإذا رفض حزب الله تسليم المتهمين ، فمن المتوقع أن تتخذ ( إدارة اوباما – اسرائيل ) هذا الرفض ، كمسوغ لشن حرب على حزب الله ، تحضر لها اسرائيل منذ زمن طويل ! أسرائيل تهدد صباح مساء بشن حرب أستباقية ضد أيران ، لتدمير مفاعلاتهاالنووية ، التي تعتبرها أسرائيل مهددأ لوجودها ! وتخاف اسرائيل أن يقوم حزب الله بالأنتقام لأيران ، كما صرح السيد حسن نصر الله ، بالواضح الفاضح ! وقد جربت أسرائيل صواريخ حزب الله في حرب عام 2006 ! ولذلك تخطط أسرائيل لضرب حزب الله ، وتحييده ، قبل ضرب أيران ! وهدد وزير الدفاع الأسرائيلي ، ايهود باراك ، صراحة ، أن أسرائيل سوف تضرب حزب الله ، أذا لم يسلم المتهمين في قتل الحريري ، الي لاهاي ! وسوف تساندها أدارة أوباما ( المجتمع الدولي ) في هذه الضربة التحذيرية ، حتي لا يفلت المتهمون من العقاب ، ويقومون بعمليات أرهابية في أسرائيل ؟ وإذا تم القبض على المتهمين في نهاية الحرب أو لم يتم ، فإن موقف الرئيس البشير سوف يكون ضعيفأ ، لأن حربأ قد قامت في لبنان بسبب عدم تسليم متهمين لمحكمة الجنايات الدولية … العدالة الدولية ! وسوف يطل السؤال برأسه : لماذا يشن المجتمع الدولي حربأ على لبنان ، لتسليم متهمين لدى محكمة الجنايات الدولية ، ويترك السودان دون ملاحقة ؟ ويبدأ الضغط على الرئيس البشير ، لتسليم نفسه ! وتبدأ تنازلات الرئيس البشير ، على حساب بلاد السودان ، وأهل بلاد السودان ! 4- التدخل العسكري الأجنبي ! أصبح نظام البشير أسير نظرته العقائدية الضيقة ، وأسيرأ للمنافع الشخصية لقادته وزبانيتهم ، وخوفهم من فتح الملفات القذرة ! ولم يعد قادرأ على فهم واستيعاب ما يحدثه من فواجع جسام ، في بلاد السودان ! ناهيك عن قدرته على القيام بوضع سياسات رشيدة للتعامل مع التحديات ، ومحاولة علاج عواقب أفعالهم البئيسة ! تفنن نظام البشير في الهروب من الواقع ، والهروب كل مرة الى الأمام ، من مشكلة صغرى ليقع كل مرة في أخرى أكبر ، وقدر الضربة ، نتيجة تبنيه نظرية البصيرة أم حمد ، كمرجعية حصرية ! ودونك دارفور ، ومشكلة ولايتي جنوب كردفان والنيل الازرق ، الذي جعل من حباتهم قببأ شامخات ! وفي تخبطه العشوائي لا يكل نظام البشير من وصم خصومه بأنهم عملاء ومتآمرون ، الوصفة الجاهزة للهروب من الواقع ، ومشجب الفاشلين ! وصل نظام البشير الى قناعة ثابتة أن القوة الخشنة هي الوسيلة الوحيدة التي من الممكن أن تنقذ النظام من السقوط المدوي ! ومن مفارقات البصيرة أم حمد العجيبة ، أن الرئيس البشير نفسه قد بدأ يمهد الطريق أمام التدخل العسكري الخارجي في السودان ، ودون أن يدري! مثلما فعل القذافي في ليبيا، وصدام في العراق، وما يفعله الأسد حاليأ في سوريا ! كيف ، يا هذا ؟ يسلك الرئيس البشير ثلاثة طرق لتحقيق هدفه اللا شعوري … التدخل العسكري الأجنبي ، وهي كالآتي : + تهديد أمن الدول المجاورة، وخصوصأ دولة جنوب السودان الوليدة ، بخلق حالة من عدم الإستقرار في منطقة القرن الأفريقي … بتعميقه للمشكلة السودانية ! وتجارب التاريخ تؤكد أن حالة عدم الإستقرار في أحد البلدان، تؤدي في كثير من الأحيان ، إلى جذب الدول المجاورة معنطيسيا إلى دائرة صراع لا يعنيها منذ البداية! + بدأ الرئيس البشير يستعمل صواريخ شهاب الإيرانية في حربه ضد شعوب النوبة والأنقسنا ، وأسلحة ايرانية أخرى في حربه ضد زرقة دارفور ! وعليه فإن خصوم ايران ( امريكا واسرائيل ) ربما اعتبروا بلاد السودان ساحة قتال مشروعة ، لوقف الخطر الإيراني المهدد لبقاء اسرائيل ! + رفض البشير الحل السوداني السلمي للمشكلة الذي قدمه الإنسان العظيم من خلال الأجندة الوطنية ، والميثاق الوطني للخلاص الوطني ! وقرر العمل بنصيحة البصيرة أم حمد التي أشارت عليه بإستقطاب نجلي السيدين ، و14 من الأحزاب الكرتونية ، في حكومة ضيقة الماعون ، تنفذ سياسات نظام البشير العوجاء ، التي تتعامل برد الأفعال ، وحق اليوم باليوم … وبكرة يوم تاني ! بدأ الرئيس البشير في تنفيذ الحل الأمني الباطش ، بدلأ من الحل السوداني السلمي ، لفرض الإستقرار في بلاد السودان ، التي بلغ سيل الضائقة المعيشية فيها الي الزبي ! وبدأ مولانا الميرغني يحث الرئيس البشير على تصديق أوهامه ، بأنهما يعملان سويأ للمصلحة الوطنية ! ومد مولانا حليفه البشير ، بحبال الوهم لكي يشنق بها نفسه بنفسه ! تذمر جماهير وقواعد الحزب الإتحادي الديمقراطي ( الأصل ) ، هي بعض البعض من حبال الوهم التي تكرم بها مولانا على حليفه البشير ! بقي أن نقرر أن جميع الثورات الناجحة التي اجتاحت السودان … الثورة المهدية ، ثورة اكتوبر ، وإنتفاضة ابريل … كلها ثورات سودانية 100% ، ولم يتدخل الخارج في أي منها ! فهل يكرر ويعيد التاريخ نفسه هذه المرة ؟ أم سوف تكون الإنتفاضة الشعبية المدعومة عسكريأ من الخارج ، هذه المرة ، الإستثناء الذي يخرق القاعدة ؟ 5- الإنسان العظيم ! يقول الإنسان العظيم ، ما معناه أن أي قوة خارجية ، مهما عظمت ، لن تستطيع أن تدفع بلاد السودان باتجاه الإنتفاضة الشعبية ! لو لم تكن بلاد السودان تعيش في منطق الإنتفاضة ، وواقفة زنهار ، في انتظار عود الثقاب ! وعليه يطرح الإنسان العظيم ثلاثة أسئلة صحيحة ومفتاحية ، ويقدم الإجابة الصحيحة لكل سؤال من هذه الأسئلة ، وهي : + ما الذي دفع بلاد السودان الى حفرة هذه الحالة المازومة … تشخيص الحالة ؟ + ماهي الأجندة الوطنية والميثاق الوطني للخلاص الوطني ، الذي يمكن أن يساعد بلاد السودان على الخروج من تلك الحالة بأقل ضرر ممكن ، ويقدم البديل الوطني لنظام البشير الحزبي … تقديم الدواء الناجع ؟ + كيف يمكن أن نخرج الرئيس البشير من حالة الإنكار المرضي التي يعيش فيها … اقناع المريض بتناول الدواء ؟ هل يفعلها الإنسان العظيم هذه المرة ؟ كما فعلها في اكتوبر 1964 ، باقناع عبود بتناول الدواء الذي كتبه الإنسان العظيم ؟ وكما فعلها في ابريل 1985 ، بكتابة مانفستو الإنتفاضة ، واقناع المشير سوارالدهب بالتحلل من قسمه أمام نميري ؟ انتظروا الإنسان العظيم ! إنا معكم منتظرون ! البقية في حلقة قادمة !