اغتيال الشهيده عوضيه عجبنا لها الف رحمة …هو حادث غير معزول اطلاقا عن ممارسات الطغمة الحاكمة في السودان منذ مجيئها علي دكة الحكم …فقد اعلنت منذ يومها الاول (انها قد اتت لاعادة صياغة الانسان السوداني )وفي هذا بالاساس نفي للآخر ممثلا في المواطن السوداني ..اذ ان الحركة الاسلامية المندحرة ومنذ مجيئها اضمرت ان الانسان السوداني موجود في صيغة هي لاتوافق عليها اصلا ومعروف منطلقاتها في ذلك ..فهي التي اتت لتحكم باسم الله (تعالي ) في الارض تري في هذا الانسان نموذج للكفر والزندقة والبعد عن تعاليم الدين حسبما صور لها ..او في اخف الاحكام هو بعيد بعض الشئ عن جادة الطريق القويم ويجب اعادته لحظيرة الاسلام (كاي حيوان آبق )… اغتيال عوضيه عجبنا ليس بحادث معزول لان ذلك الشرطي عندما اطلق عليها رصاصاته وارداها قتيلة..كان يقف في آخر (عتبة ) في سلم بنته الجبهة الاسلامية ومن ثم الانقاذ واخيرا المؤتمر الوطني ..اقول في سلم القهر الذي تدرج بنائه بوعي كبير من كهنة النظام وسدنته …خلال ذلك البناء المنظم تحول فيه المواطن السوداني خارج اروقة النظام ..كل اروقه النظام المواطن السوداني العادي الي اسطورة السؤ ،الخيانة ،الكفر ،عدو الوطن والدين ….. لقد اهدرت السلطة الحاكمة ليست فقط حياتنا علي مستوي المعاش اليومي ،بل اهدرت دمنا ، ومارست التجريم والتحريم والنفي والابعاد عن الوطن وفي الوطن . التجريم بدأ منذ مجيئها ممثلا في التخلص من خصومها السياسين اولا ، فلفقت التهم وقامت بالتصفيات المنظمة والمدروسة والاعتقالات والتعذيب والترهيب ،وبذلك اسست لثقافة كاملة من نفي للاخر أي كان هذا الآخر مادام هو خارج ألوية تنظيمها . تدرج هذا الهدر الي هدر الفكر والوعي والشباب والمؤسسات وانتهاء بالوان الهدر الوجودي في الحياة اليومية . (سيكولوجية الجلاد :- ما الذي يحدث حتي يصبح كل هذا العدوان علي انسان آخر ممكنا ؟ويمارس باصرار وتفنن بل وتشف وتلذذ ؟ اننا بصدد انهيار الرباط الانسانى (الأنا /الآخر)بين الجلاد وضحيته تتحول فيه الضحية الي اسطورة او شئ ،وتسحب منها انسانيتها ،السجين الذي يخضع للتعذيب علي هذا الغرار لايعود آخر شبيها بالجلاد ، بل هو يتحول الي اسطورة الخيانة ،او السؤ او الاجرام او عدو القضية النبيلة .ينمحي الشخص الحقيقي تدريجيا ،في نوع من التعامي الموجه والموافق عليه ،كي يتحول الي قيمة مضادة ،وكي يفقد فعل التعذيب والقتل كل خطورته ( المتمثلة في الحالات العادية بالاعتداء علي المحرمات )، ويصبح بمثابة فعل تافه ،أو هو لا يختلف في خطورته عن فعل عادي .) انتهي الاقتباس من كتاب الانسان المهدور لكاتبه مصطفي حجازي . أليس هذا ما فعلته حكومة المؤتمر الوطني اقصد الانقاذ ، الم تبرر القتل والتعذيب والتشريد بحجة الدفاع عن القضايا الكبري السامية ، ونجحت ان خلقت جيوش من الجلادين الذين اسكتت ضميرهم واصبحوا يدها الباطشة …هؤلاء الجلادين هم منزوعي الانسانية لأنهم فرخوا من الآت التفريخ التي صنعها مشروع الدولة الرسالي في عهد طغمة الانقاذيين … اورد مصطفي حجازي ايضا .. (ولهذا فان تساؤل رجب في رواية (شرق المتوسط ) حول ما اذا كان الجلادون بشر هو تساؤلا في محله . ان الجلاد نفسه يتحول الي اداة او اسطورة ،ويفقد صفته الانسانية كآخر حين يحول الضحية لاسطورة) . الحديث عن سيكولوجية الجلاد هو مبحث كامل وربما مباحث ، ما اريد ان نركز عليه الان هو ان افعال وممارسات اذيال السلطة يجب ان لاتصنف في خانة الافعال الفردية والمعزولة ، فمسلسل القتل والتعذيب والتشريد في تاريخ الطغمة الحاكمة الأن ، هو مسلسل لا تنتهي حلقاته وقد بدأ في اليوم الاول لمجئ الاسلاميين للسلطة ،وقد بدأ بقتل النساء والطلاب منذ استشهاد (التاية) طالبة التربية بجامعة الخرطوم ديسمبر 89،واستشهاد مئات المناضلين في بيوت الاشباح ، وامتد لسحل النساء وضربهن في الشوارع والجامعات والمكاتب ،ولن ننسي ما فعله النظام بشعبنا من تشريد ودفع لفواتير الحرب متمثلا في جوع ومعاناة غير منتهية بينما هم ينهبون ثروات الوطن ومقدراته .