أعلن الناطق باسم الجيش السوداني، العقيد الصوارمي خالد، عن وفاة اثنين اخرين من مصابي الطائرة العسكرية التي تحطمت غربي مدينة أمدرمان امس الأحد ليرتفع عدد القتلى إلى 15 عسكريا . وقال الصوارمي لوكالة السودان للأنباء، “كان على متن الطائرة ستة عشر شخصاً، إضافة إلى طاقمها المكوَّن من ستة أشخاص كلهم عسكريون”. واعترف “تحمل الطائرة على متنها معدات عسكرية وتوفي في الحال ثلاثة عشر شخصاً ونقل تسعة إلى المستشفى”. يذكر أن حوادث الطائرات صارت أخباراً عادية ومكررة في عهد الانقاذ، بسبب تدهور الكفاءة وغياب المحاسبة والفساد . وكانت أشهر الحوادث سقوط طائرة من طراز “انتونوف" في نهر السوباط بجنوب السودان في فبراير 1998 ومقتل النائب الأول للبشير الزبير محمد صالح، وعشرات من مرافقيه، لتتكرر الحادثة في عام 2001 عندما سقطت طائرة بالنيل الأزرق علي متنها وزير الدفاع الأسبق العقيد ابراهيم شمس الدين، وضباط كبار بوزاة الدفاع، وقد سرت تسريبات تشير إلى أن الحادثة كانت " مدبرة" إلا أن هذا الرأي لم يجد ما يدعمه حتى الآن، إلا أنه في سياق الغموض وتكرار الحوداث يثار كثير من الجدل . وكان عام 2008 هو عام حوادث الطيران في السودان حيث سقطت طائرة ركاب من طراز ايرباص تتبع لشركة الخطوط الجوية السودانية، كانت تحمل على متنها 203 ركاب احترقت في مطار الخرطوم الدولي في العاشر من يونيو ليلقي حوالي 30 من ركابها حتفهم، فيما نجا منهم 183، بعضهم بإصابات طفيفة، وبعد ثلاثة أيام فقط من تلك الحادثة تحطمت طائرة شحن من طراز انتنوف 12 تتبع لشركة جوبا للشحن الجوي على بعد 30 كيلومترا شمال مدينة ملكال قبل ان تحترق وادت الحادثة إلى مقتل 7 روس وارمن، ونجا احد افراد الطاقم وهو سوداني.ثم أعقب ذلك حادثة سقوط طائرة شحن روسية الصنع من طراز اليوشن 76 بعد إقلاعها من مطار الخرطوم بدقيقة واحدة ، ولقي افراد طاقم الطائرة الأربعة مصرعهم، وشبه السودانيون طائرات الانتنوف تلك " بأنها " شوايات جوية وكذلك " توابيت الموت الطائرة . وسبق أن أصدرعمر البشير قراراً جمهورياً بايقاف الطائرات من طراز «انتنوف واليوشن» عن العمل في جميع مطارات السودان في مجالي الركاب والشحن الجوي، إلا أن القرار لم ينفذ فاستمرت الخرطوم في استغلال الشوايات الجوية، لتأتي حادثة جبال النوبة لتثير من جديد جدل الطائرات، وحوادثها المتكررة، وتوفي نتيجة سقوط الطائرة 31 من المسئولين الحكوميين . وعزا فنيون احداث الطائرات إلى أخطاء بشرية ، بالاضافة إلى تدهور اعمال الصيانة و سوء المطارات، التي تتحول احياناً إلى برك مياه لا سيما في فصل الخريف . جدير بالإشارة ان الإنقاذ بسياستها في التمكين ، وتفضيلها ( أهل الولاء) على الكفاءات ، وبإهمالها الصرف على القطاعات الإنتاجية والخدمية ، وعزلها البلاد عن المدنية المعاصرة ، وبالتالي عزلها عن التكنولوجيا المتقدمة والتدريب ، أدت إلى تدهور وخراب المرافق والخدمات . وسبق وعلق الإسلامي الكابتن شيخ الدين محمد عبد الله – الخبير في الطيران – في برنامج (صالة تحرير ) بقناة أم درمان 26 يونيو ، بان ما يجري من خراب في الطيران لا يمكن فصله عن جملة ما يجري في البلاد ، حيث تترافق أزمة الطيران مع أزمة في النقل البحري والنهري وفي السكك الحديدية . وعلق المحلل السياسي ل (حريات) بان خراب الطيران يشابه ويتطابق مع الخراب في كل المشاريع والمؤسسات الأخرى في البلاد ، بما في ذلك خراب الإقتصاد وخراب التعليم والصحة والبيئة ، بل والخراب القيمي والأخلاقي ، وقال انه لو كانت المدارس أو المستشفيات (تطير) لوقعت مثلها مثل الطائرات الحكومية . وقال ان نظام الإنقاذ غير قادر على الإصلاح ، ليس بسبب إستبداده وفساده وحسب وانما كذلك بايديولوجيته القائمة على التبرير ، حيث سبق وعلق عمر البشير على حادثة طائرة جبال النوبة بانها ليست الطائرة الوحيدة وانها من (الإبتلاءات) التي تؤكد صحة مسيرة الإنقاذ ! أي بمعنى آخر كلما تفاقمت الاخطاء والكوارث فإن الإنقاذ تتأكد من صحة إسلامويتها الكارثية على السودان !! وبهذه النفسية غير القادرة على النقد والمساءلة والمحاسبة فإن الإنقاذ في حال إستمرارها لن تقود البلاد إلا إلى هوة الخراب الشامل .