على غير ما توقع البعض احتلت قضية فشل مشروع الحركة الإسلامية في السودان موقع الصدارة في مداولات المؤتمر,الذي نظمه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة في الفترة من 6-8 اكتوبر الجاري, بعنوان:الإسلاميون ونظام الحكم الديمقراطي.. تجارب واتجاهات. وكانت بعض الكتابات التي سبقت انعقاد المؤتمر قد عبرت عن مخاوفها من أن المؤتمر لا يعدو أن يكون محاولة من القطريين لتسويق برامج الحركات الإسلامية التي وصلت إلى السلطة في بلدان الربيع العربي, وإعادة إحياء مشروعها, الذي يعاني مصاعب جمة في السودان. غير أن مداولات المؤتمر كشفت منذ يومها الأول عن الطابع العلمي والنقدي للمؤتمر بصورة عامة, ثم عن الفرصة الجيدة التي أتاحها للمؤتمرين للاطلاع على تجربة الحركةالإسلامية في الحكم في السودان, بعيداً عن تزييف وتضليل وسائل الإعلام والدبلوماسية السودانية.إذ جاءت فاتحة المداولات وأولى جلسات المؤتمر بعنوان: التجربة السودانية: بين الفكر والحكم والسياسة. ويمكن القول بأمان أن تلك الجلسة قد وضعت النهايةلحسن الترابي كمفكر ومنظر للحركات الإسلامية في المنطقة, ولمشروع الحركة الإسلامية السودانية كتجربة عملية رائدة للحركات الإسلامية, بعد أن كشفت الأوراق التي قدمها عبد الوهاب الأفندي والطيب زين العابدين وشخصي ليس فقط عن الفشل الذريع في مجالات التطبيق وإنما أيضاً عن خلل المنهج الذي قامت عليه التجربة. وقد القت تلك الجلسة بظلالها على بقية جلسات المؤتمر وعلى أداء حسن الترابي وغازي صلاح الدين فيه, إذ تجنبا بعدها أي إشارة للتجربة العملية للإسلاميين في الحكم في السودان. كما فتحت الباب لانتقادات وتعليقات لاذعة من مشاركين من غير السودانيين, انعكس في الصحافة ووسائل الإعلام الاقليمية, مما يمكن أن يفسح المجال للتداول في البدائل الديمقراطية التي طورها تحالف قوى الإجماع والجبهة الثورية السودانية, خاصة أن كل الحركات الإسلامية في المنطقة أعلنت على لسان قادتها المشاركين التزامها السياسي الصارم بالديمقراطية منهجا للحكم عبر عنه راشد الغنوشي بصورة رفيعة وإن كانت لا زالت تفتقر إلى التأسيس المنهجي البسيط والواضح إسلامياً. ( سبق ونشرت ( حريات ) ورقة الاستاذ شمس الدين علي الرابط التالي