ذات ساطورٍ، جمع آدم أشيائه وأناخ تحت ظل شجرة بعد مشوارٍ متعب لا يعرف مقداره وأزمانه، فهو يهوى أنْ يكون خارج الزمن وحسابات التقدير. لملم آدم أشيائه وتوجه قبلةً حيث لا يتوجه الآخرون. في الحقيقة لم يكن يحمل كثير أشياء، فلم تكن له أشياء خاصته سواء تلك الورقة التي طفقت تخفي عورته، فإذا سقطت عنه، سقط معها الحياء والانتماء. كان الليل تعيساً وعملاقاً ورمادي اللون. ما كان لآدم أنْ يعرف لون السماء ولا لون الضياء. فهو لا يجيد التمييز بين الأشياء منذ دخوله الأرض - في زمن ٍ سوداني ٍ آتٍ بعد العصر الساطوري بملايين السنين سيطلقون عليها قصر. صحا آدم من غفوته الطويلة بعد نزوله في تلك الأرض وبعد هروب ومناورات ضد الأباليس الذين كانوا يترصدونه سابقاً. ما كان لآدم ليعرف طعم ولون وشكل النوم لولا تلك الغواية التي ألصقت بإبليس فعاد بموجبها آدم إلى تلك الحظيرة نائباً في الأرض بعد أنْ كان مطارداً فيها (احتمال دا يكون السبب الزعل إبليس زي ما حنشوف بعدين، مجرد احتمال). وبعفوية السودانيين – التي سوف يشتهرون بها في الزمن اللاحق – جاء إبليس إلى آدم وقال له بصوت إبليسي ناعم: أصحا يا حاج. نهض آدم منزعجاً مستغرباً وأجابه: وماذا تقصد ب حاج؟ دا ما إسمي. قال له إبليس: حاج دا لقب، خلاص إنت من الليلة إسمك حاج آدم. عشان نميزك من إبليس التعيس. أنا راضي بتعاستي يا حاج لأنك إنت برضو سبب فيها. قال له آدم: إنت عاوز تمقلبني تااااااااااني؟ ما كفاية جبتني للحتة دي. عاوز مني شنو تاني. حاج دي يمكن يكون مقلب. إبليس: يا حاج آدم بس قول بسم الله. مالك منزعج كدا. مقلب شنو؟ يا أخي نحن بيناتنا مقالب. نحن أحلى من العسل على الباذنجان الأسود. إنت وأنا حاجة واحدة. بعدين أنا لقيتك زول واقف على الهبشة، بس محتاج لواحد يلكزك ويقول ليك أكل من هنا، وأكل من هناك. يا أخي إنت زول زي الدواء الدوار محل ما يدوروك تدور. مشكلتك شنو؟ يا أخي إنت زول قاعد ساكت ما تفكها فينا. قال مقلبتو قال. هسي المقلب أخو منو؟ حاج آدم: يا إبليس هوي، أحسن ليك تبعد مني كدا ولا كدا. أختاني يا إبليس. خلاص أنا حتيتو معاك قرض. إبليس: يا حاج آدم ما تنفعل ساكت وسيب التهور بتاعك دا. أنا عارفك متهور. سيبك من القرض ومن كريت وشبه كريت الحواليك. حاج آدم صارخاً بإنفعال: تبعد مني ولا أقوم أنزل عليك بالساطور دا أفقش بيهو راسك الكبير دا. عندها جرى إبليس وهو يصيح بأعلى صوته : حاج آدم دا جن ولا شنو. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم والجهل المقيم، جابت ليها كمان سواطير!