يدخل الطالب للمدرسة الثانوية الحكومية ( التعبانة ) ، فتضطر أسرته لدفع مبالغ طائلة علي الدروس الخصوصية من أجل تعزيز حظوظه للدخول للجامعة – أي جامعة . وتدفع الأسرة مبالغ إضافية من أجل حصص تركيز وامتحانات نموذجية وامتحان ولاية قبل موعد الامتحان – يوم يكرم المرء أو يهان . ويدخل الجامعة وسط زغاريد الأهل وعلب الحلاوة والخبيز التي تكلف ما تكلف من أموال فوق طاقة دخل الأسرة . وبعد إنتهاء نشوة الفرح تصطدم الأسرة بالمفاجآت غير السعيدة الواردة من الجامعة تحت بند ما يسمي برسوم التسجيل . وهي رسوم مليونية برغم أن الطالب سيئ الحظ ضمن القبول العام . وتحتج الأسرة للجامعة دون جدوي ، وتأتي بشهادة فقر من الجهات المختصة فيقال لها إما أن تدفع وإما أن يطرد إبنها إلي خارج الجامعة . ويستعين البعض بأي مغترب خارج السودان من أجل ألا يضيع مستقبل الولد وتستدين بعد ذلك الأسرة من صاحب الدكان والجزار وسيد اللبن من أجل توفير ( حق ) المواصلات والفطور لإبنها العزيز وتستدين لاحقاً لتوفير المراجع والمذكرات والأقلام والدفاتر . وينتهي العام الدراسي وشعار الأسرة الشهير ( ما خاب من استدان ) ويبدأ العام الدراسي الجديد ومسلسل الرسوم لا زال مستمراً وتزداد رسوم التسجيل والبطاقة ويزداد سعر سندوتش الطعمية في بوفيهات الجامعة وتدفع الأسرة الرسوم إجبارياً عن طريق البنك الإسلامي الذي يأخذ عمولة إضافية بخلاف الرسوم ويشبع البنك ( الإسلامي ) من مال الغلابة واليتامي أما الرسوم المليونية فلا علاقة لها بأورنيك 15 ولا وزارة المالية ولا يراجعها المراجع العام ولا عبد التام . وهي بالتالي مال سائب أو ( نقاطة ) دائمة يتمتع بها جباتها والعاملين عليها وكل من يدور في مدارها . وكلما تعلو هذه الرسوم تزداد داخليات الجامعة اتساخاً وقاعاتها ظلاماً ، وكراسيها تكسيراً وكلما تعلو هذه الرسوم يزداد البعض غني ، وتعلو القصور دون أي جار ومجرور . وتصبح الرسوم أهم من التحصيل وأهم من شهادات التخرج وتتدحرج الجامعات السودانية في مراكز التصنيف العالمي إلي القاع دون أن تهتز شعرة في رأس السدنة والتنابلة . ومع الرسوم الآنفة الذكر هنالك القبول الخاص والموازي بالعملات الحرة القابلة للتحويل وهذه الأموال السائلة والمنقولة لا تغشي الميزانية ولا راكوبة البلولة ولأن المصالح الخاصة أهم من حياة البشر ، فإن من لا يدفعون الرسوم يدفع بهم إلي الترع فيغرقون . ويسير السدنة في جنازتهم ، وينعونهم بالنهار وبالليل يتغامزون أولئك هم الحرامية وشذاذ الآفاق ، والقتلة المأجورين ولو في الصين . أما أدواتهم فهي صندوق سحل الطلاب ورسوم قتل الطلاب بناتاً كانوا أم شباب قالت الزرقاء أري شجراً يسير ، قلنا نري سادناً يطير والمشتهي الحنيطير يطير