ارتفع منسوب الأزمة بين حزبي النور السلفي والحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي لها الرئيس محمد مرسي إلى مستوى غير مسبوق، في مؤشر على خلافات عميقة حول تقاسم السلطة بين أكبر حزبين فائزين في الانتخابات البرلمانية الأخيرة. وتعالت أصوات إسلامية قريبة من الحزبين في محاولات لرأب الصدع بينهما وتجاوز خلافاتهما وصولا إلى “مصالحة عاجلة”. ويوم الاثنين، قدم مستشار الرئيس للشؤون السياسية بسام الزرقا استقالته بعد يوم من “إقالة” خالد علم الدين من منصبه كمستشار رئاسي لشؤون البيئة، وكلاهما من حزب النور. وأكدت مصادر في الرئاسة أن اقالة علم الدين جاءت على خلفية تقارير رقابية أوضحت محاولاته استغلال منصبه كمستشار لرئيس الجمهورية، وفقا لما تناقلته وسائل اعلام مصرية. وفي حين رفض الزرقا الادلاء بأي تصريحات حول اسباب استقالته، قال علم الدين في لقاء تلفزيوني أنه قد يكون هذا الاتهام مدبرا أو ملفقا، مضيفا “لم أقصر في عملي مطلقا ولكن يبدو أن عملي لم يرُق للرئيس أو المقربين له رغم عدم مخالفتي فيه”. وفي بيان رسمي له، رأى حزب “البناء والتنمية” الذراع السياسية للجماعة الإسلامية أن الأزمة الحالية “يجب تجاوزها”، لأن استمرارها “يخدم أعداء المشروع الإسلامي، وأن التيار الإسلامي كله هو الخاسر فى كل هذا وليس حزب “الحرية والعدالة” ولا حزب النور فقط”. وجاء في البيان أنه “لابد من المصالحة العاجلة، والحوار بينهما حتى يخرجا من هذه الأزمة”، كما دعا الطرفين “أن يتوقفا عن الحرب الإعلامية الدائرة بينهما الآن، وأن يوجها كل طاقتهما لمصلحة الوطن، لاسيما وأن البلاد تمر بأزمة حقيقية هذه الفترة وتحتاج إلى جهود المخلصين”. وظهرت الأزمة علنا بين الحزبين بعد أن اعلن حزب النور تحالفه مع جبهة الانقاذ الوطني العلمانية من اجل اسقاط حكومة هشام قنديل على أمل الوصول الى معالجة للاوضاع السياسية والاقتصادية الخطيرة التي تمر بها مصر. ورد حزب الحرية والعدالة على هذا التحالف بتحالف غير مباشر مع الأحزاب الوسطية والجماعة الاسلامية وغيرها من القوى المتعاطفة مع الإخوان فيما يسمى ب”جبهة الضمير” التي وصفها البعض بمعارضة في وجه المعارضة والتي تضم أحزاب غد الثورة والبناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الإسلامية والأصالة والحضارة وغيرها. وفي مواجهة أخرى بين الجماعتين، لجأ حزب النور إلى المحكمة الإدارية وهيئة كبار العلماء في مواجهة توقيع مصر على عدد من الاتفاقيات التي يراها الحزب “ربا” يضر بالاقتصاد المصري. كما يتهم حزب النور، جماعة الإخوان المسلمين، باستخدام مفاصل الدولة في الدعاية الانتخابية لصالح حزبها الحرية والعدالة، والسعي للهيمنة واحتكار السلطة. وتقول قيادات في حزب الحرية والعدالة إن الخلاف الدائر بين حزبهم وحزب النور راجع لاختلاف العقليات في العمل السياسي. وتوالت الدعوات المنادية بتخفيف المواجهة بين الحزبين، فقد ناشد الأمين العام للهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، محمد يسري إبراهيم “الفضلاء جميعا بالامتناع عن التصريحات الإعلامية فورا والسعي للقاء مباشر وإجراء المصالحة والمسامحة”، موجها مناشدته “باسم مشايخ وعلماء الهيئة الشرعية”. وتضم الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح علماء ودعاة ومفكرين إسلاميين ينتمون إلى كافة الأطياف الإسلامية في مصر بمن فيهم الأزهر الشريف والإخوان المسلمين والدعوة السلفية وأنصار السنة والجماعة الإسلامية والجمعية الشرعية وغيرها. وقال إبراهيم ، وهو في الوقت نفسه رئيس مجلس شورى الدعوة السلفية “نسعى الآن بكل سبيل لاحتواء الأزمة بين حزب النور ومؤسسة الرئاسة”، مضيفا “نسأل الله أن يؤلف بين الحزبين الكبيرين ويصلح ذات بينهما ويجمع بهما مصالح العباد ويدفع بتعاونهما الشرور عن البلاد”. وكان صابر أبو الفتوح ، القيادي بجماعة الإخوان وعضو مجلس الشعب السابق عن “الحرية والعدالة”، قد دعا “لجنة توحيد الصف الإسلامي” المنبثقة عن الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح إلى التدخل لحسم الخلافات بين الحزبين. وقال إن الذي بين الحرية والعدالة والنور “إرث تاريخي وتوافق أيديولوجي لا يمكن أن تغيره الظروف، معربا عن أمله في أن لا تؤثر حالة الاحتقان السياسي على العلاقة بين الحزبين، وأن تنتهى حالة التراشق سريعا”.