تفاءل خبراء اقتصاديون بإعلان دولة قطر استعدادها للوقوف مع السودان لتجاوز محنته، جراء الاحتجاجات المنددة بالأوضاع الاقتصادية المتردية وغلاء الأسعار. حرص قطر على استقرار السودان وأمنه، وجاهزيتها لتقديم كل ما هو مطلوب لتجاوز محنة السودان، خاصة عقب ما أعلن عن منح أمير قطر السودان وديعة قدرها مليار دولار مما يسهم في حل الأزمة الاقتصادية ويحقق انفراجًا في توفير الوقود ومدخلات الإنتاج، فضلًا عن انفراج كبير في حجم السيولة بجانب إعادة الثقة في النظام المصرفي والاقتصادي. جملة ودائع وبلغت جملة الودائع التي أودعتها دولة قطر لدى بنك السودان المركزي بحسب وزارة المالية خلال الفترة الماضية، حوالى مليار و500 مليون يورو، بالإضافة إلى مبلغ 500 مليون دولار أسهمت بصورة كبيرة في دعم الاقتصاد السوداني خاصة في فترة ما بعد انفصال جنوب السودان عام 2011م، هذا الدعم جعل الاقتصاد يصمد في مواجهة الصدمة التي تعرض لها وجعلته يتحول من مرحلة النمو السالب إلى مرحلة النمو الموجب وبمعدلات أكبر، بما يحقق استفادة كاملة للاستقرار الاقتصادي في السودان. احتمالات الثابت في مثل هذه الحالات دائما ما يتكتم كل من بنك السودان المركزي ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي عن التصريح بشأن تفاصيل هذه الودائع وهل تم تلقيها أم غير ذلك. توقعات يتوقع الخبير الاقتصادي د. عادل عبدالمنعم في حديثه ل(الصيحة) أن لا تقل مساهمة دولة قطر في تجاوز أزمة السودان عن ملياري دولار، واعتبر مهاتفة أمير دولة قطر لرئيس السوداني لفتة بارعة منه باعتباره الأمير الوحيد الذي بادر من بين الرؤساء والملوك العرب، جازمًا بأن الوديعة سوف تساعد على حل الأزمة الاقتصادية و الانفراج في توفير الوقود ومدخلات الإنتاج، وقال إن دخول وديعة بملياري دولار في بنك السودان المركزي تعمل على انفراج كبير في حجم السيولة فضلًا عن إعادة الثقة في النظام المصرفي والاقتصادي، وتشجع المواطن على العودة إلى إيداع أمواله في البنوك، بجانب عودة الثقة في الحكومة و استقرار الأوضاع في البلاد، داعيا الحكومة بأن تكون واقعية والتراجع عن إعلان مطلع العام القادم إيقاف التعامل بالكاش، لجهة أن الدفع الإلكتروني لا يتناسب مع المجتمع السوداني التقليدي ، وأضاف أن التعامل بالدفع الإلكتروني سوف يقود إلى أزمات إضافية في الوضع الاقتصادي الحالي، لافتاً إلى أن 10% فقط من سكان السودان من يجدون التعاملات الإلكترونية مما يؤثر سلباً على أي وديعة تأتي من الخارج. علاقات عميقة وتعتبر العلاقات السودانية القطرية علاقات محورية عميقة وذات طبيعة تكاملية أكدتها مواقف قطر المشهودة تجاه السودان وقضاياه، وتمثَّلت في تنسيق المواقف في المحافل الدولية والإقليمية، والزيارات المتبادلة، وغير ذلك من المشاركات على كل المستويات، بالإضافة إلى اهتمام قطر بالمسائل المتعلقة باستقرار السودان وإقرار السلام والتنمية، اقتصاديًا تمثل الاستثمارات القطرية في السودان نسبة كبيرة من الاستثمار الخارجي هناك، من خلال المؤسسات القطرية. تنفيس أزمة ويشير الخبير الاقتصادي، د. الفاتح إبراهيم، ل(الصيحة) أن المقصود من الوديعة تنفيس الأزمة. وقال إن الغرض ليس اقتصاديًا فحسب، وإنما مساعدة الحكومة على الخروج من الاحتقان الحالي الموجود في صفوف الوقود والنقد الأجنبي وارتفاع الأسعار، لافتاً إلى أنه في الغالب استخدام الوديعة في إطار الحفاظ على معقولية سعر الجنيه مقابل الدولار وعلى المكاسب التي تم تحقيقها في الأيام الماضية بتراجع سعر الدولار عند 50 جنيهًا، لحين تحقيق عائد صادرات خلال 4 شهور القادمة ودخول رسوم عبور نفط الجنوب مما يحقق استقرارًا في الأسعار لجهة أن الغلاء من أكبر أسباب المظاهرات. وأوضح أنه من المتوقع في المقام الأول المحافظة على مكاسب الحكومة في رفع قيمة الجنيه وتثبيت سعر آلية السوق عند 47 جنيهًا للدولار، إضافة إلى استيراد قمح ودقيق بكميات كبيرة لتحقيق وفرة في السلعة واختفاء صفوف الخبز خلال الأسبوعين القادمين، وأيضاً إستيراد المزيد من الوقود بشكل عاجل لتحقيق وفرة معقولة. عملات جديدة وفيما يتعلق بأزمة السيولة أكد الفاتح أن الحكومة لجأت إلى تصميم عملات نقدية جديدة فئة 200 و500 جنيه في الخارج والتي سوف تحتاج إلى وقت لإعلانها، وقال أن الحل النهائي لأزمات السودان يحتاج إلى عدة شهور قادمة في ظل عمل مطبعة الخرطوم بكامل طاقتها لتخفيف أزمة السيولة خلال الأسبوعين القادمين، جازمًا بأن البلاد موعودة بانفراج وشيك على الأقل لستة أشهر قادمة، وتوقع انتهاء الأزمة جذرياً من سيولة وارتفاع الأسعار المستمر والوقود والخبز وبالتالي اختفاء معظم أسباب المظاهرات الحالية، وأعتبر التصرف القطري بأنه يدل علي قوة العلاقات بين الحكومتين في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، وأضاف أنها منحة مقدرة وأن الحكومة والشعب السوداني مدينون فعلًا للحكومة القطرية لوقفتها معهم في الظرف الصعب الحالي. تقرير : مروة كمال