الاحتجاجات والتظاهرات التي تشهدها البلاد منذ التاسع عشر من ديسمبر الماضي، والتي بدأت مطلبية وانحرفت إلى مطالب سياسية تنادي بإسقاط النظام متخذة شعارات عدة، تدعو للهدف، ويتقدم الشباب والطلاب الصفوف في هذه التظاهرات، ويشكلون السواد الأعظم فيها، وتجدهم مندفعين ومتحمسين جدا للمشاركة فيها، مما دفع المؤتمر الوطني إلى رفع شعار الحوار مع الشباب للوصول لصيغة ترضي جميع الأطراف. بالنظر للتصنيفات والانتماءات السياسية للشباب المشاركين في الاحتجاجات، يبدو الأمر عادياً وطبيعياً، ولكن ما يدعو لرفع حاجب الدهشة والاستغراب مشاركة بعض أبناء قيادات من المؤتمر الوطني ، وفقاً لما أكده الأمين السياسي للوطني د. عمر باسان.. مما يفتح الباب على مصراعيه للعديد من الأسئلة لماذا المشاركة؟ ومن هم هؤلاء الذين شاركوا؟، وماهي الدوافع التي دفعتهم للمشاركة؟ هل هي ميول سياسية أم هو موقف ضد المؤتمر الوطني.. إذا أخذنا في الاعتبار أن هذه الاحتجاجات يقودها الحزب الشيوعي، تحت لافتة تجمع المهنيين كما تؤكد الحكومة.
من هم المشاركون؟ قبل أيام نشرت إحدى الصحف الإلكترونية خبراً حول مشاركة نجل النائب الأول السابق لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه في الاحتجاجات التي شهدتها مدينة بحري 13 يناير، وإطلاق سراحه بعد اعتقاله، وتداولته مواقع التواصل الاجتماعي قبل يتم نفيه، كما تداولت ذات المواقع مشاركة كريمة أمينة المرأة بالمؤتمر الوطني قمر هباني، فضلاً عن أنه ترددت أنباء عن نية مشاركة كريمة قيادي كبير في الحركة الإسلامية في إضراب الأطباء. زوايا متعددة باسان دعا إلى ضرورة الالتفات لهذه الأصوات التي عبرت عن نفسها من خلال هذه الاحتجاجات، ونظر أمين قطاع التنظيم بالوطني لهذه القضية من عدة زوايا، أولها تمدد مساحة الحرية البيتية وقال ل(آخر لحظة): لا يمكن للآباء أن يفرضوا قناعاتهم الشخصية على أبنائهم، ولا انتماءاتهم السياسية دون تدخل فيها، ومن ناحية أخرى يرى باسان أن الجيل الحالي من الشباب لا يمكن ربطه بوسائل التربية التقليدية القديمة المتمثلة في البيت والأسرة، المجتمع، المسجد، المدرسة، وأشار إلى دخول عامل جديد يتمثل في الإعلام والتقانة والحداثة، لافتاً إلى أن هذه المدارس الحديثة وسعت من مدارك الشباب، وجعلته أكثر انفتاحاً وأكثر استقلالية.. مشدداً على أهمية أخذ هذا الجانب بعين الاعتبار. ليست ظاهرة أمين قطاع الطلاب بالمؤتمر الوطني هشام التجاني، يبدو انه غير قلق لمشاركة أبناء الاحتجاجات ، وقلل هشام من هذه المشاركة في الوقت ذاته، وأكد أنها لم تصل لمرحلة ظاهرة،وقال إن عدد المشاركين في الاحتجاجات من أبناء قيادات الوطني لا يتعدى أصابع اليد الواحدة.. متهماً الإعلام بما أسماه تهويل القضايا وتضخيمها، وأضاف: من خلال متابعتي للأمر لا يوجد شيء ملفت للنظر، ونجد أن الذين شاركوا من أبناء القيادات حالة أو حالتين.. ورهن التجاني خطورة الخطوة بتحولها لظاهرة، وقال حينها سنخضع الأمر لدراسة، وسنملك الإعلام كافة المعلومات المتعلقة بها، عدا ذلك لا يمكن الحكم عليها.. وأردف أنا كأمين لقطاع الطلاب أؤكد أن مشاركة أبناء قيادات الوطني في الاحتجاجات لم تصل لمرحلة الظاهرة. لن أعيش في جلباب أبي وعلى غرارا المسلسل الشهيرة (لن أعيش في جلباب أبي) يرى الكاتب الصحفي عبد الماجد عبد الحميد أن مشاركة أبناء القيادات في الاحتجاجات تفسر على أن أفكارهم تختلف عن طريقة تفكير آباءهم ، وقال للصحيفة: من حق الشباب كجيل التعبير عن أفكارهم، معتبراً مشاركة أبناء القيادات في الاحتجاجات إيجابية، إذ أنها تؤكد اهتمامهم بالشأن السياسي والقضايا التي تهم البلد، والتعبير عنها بالطريقة التي تروق لهم، لكنه عاد وحذر من خطورة الخطوة، إذا جاءت من أبناء قيادات الوطني المشاركة في الحكم، مما يستوجب المراجعة ، ووضع عبد الماجد عدة احتمالات لهذه المشاركة، وحصرها في أن بعض الآباء لم يتناقشوا مع أبنائهم حول الأفكار التي يحملوها والقضايا التي تشغلهم، أو أن الوالد لم يقنع الابن بأفكاره، أم سلوك الأب لم يقنع الابن. امتحان الإسلاميين عبد الماجد ينظر لخطوة مشاركة أبناء قيادات الوطني بأنها وضعت الإسلاميين في اختبار صعب، خاصة وإن هؤلاء الشباب ينادون بإسقاط الحكومة، منوهاً إلى أن البرامج التي وضعها المؤتمر الوطني في بداياته لم تعد جاذبة لهذا الجيل، ولا تخاطب قضاياه الحيوية، كما أن واحداً من الأسباب عدم احتكاك جيل الشباب وارتباطهم بالمواقع التربوية التي ظهرت بعد الإنقاذ، مثل المعسكرات، وقال لو كانت هذه المواقع موجودة ودخلوا هذه المعسكرات لكانوا ملأوا الفراغ الذي تركه آباءهم. تقرير : ثناء عابدين