طرقت عقلي...وقلبي...وفؤادي...و(أصابعي) – التي أكتب بها – كلمة الأيام.. وكلمة (طرقتني) تجوز لغةً ؛ كقول الشاعر : طرقتك زينب والركاب مناخةٌ...بحطيم مكة والندى يتصببُ بثنية العلمين وهناً بعدما......خفق السماك وجاوزته العقربُ وتساءلت : ماذا تريد أن تقول لي يا ترى؟...أو ماذا تريد مني أنا أن أقول لها؟.. وكثيراً ما تطرقني كلمات ؛ بإلحاح شديد.. فما يستطيع عقلي...وقلبي...وفؤادي...منها فكاكا ؛ إلا بعد أن تضربها أصابعي.. فتنفجر منها كلمات لحواسي هذه التي استسقتني.. أو أنا الذي استسقيت لها ؛ إذ بدت لي عطشى – كقوم موسى – تنشد الإرواء.. ولكن مالي وللأيام ؟!...ما زلت أتساءل.. فأنا لا أعرف لها – ومنها – إلا أدباً...ونظماً...وغناءً ؛ وتلك التي عاشها طه حسين.. أو تلك التي أبدعها كتاباً يحكي (أيام) طفولته.. وهي كانت أياماً رأيناها مرعبة ؛ حين فُرضت علينا في (أيام) دراستنا الأولى.. لم نر فيها – ومنها – إلا ظلاماً...وأشباحاً...وشياطين.. فهو عاش (أيامه) كلها في ظلام ؛ ولكنه أبصر بعين البصيرة ما عجز عنه المبصرون.. أو ما عجز عنه الكثيرون منهم ؛ كحال المعري أيضاً.. وُقبيل اندلاع تظاهرات ديسمبر طرقتني كلمة (خلاص) ؛ بعنف أرهق حواسي.. ثم ما ارتاحت إلا بعد أن جعلت الكلمة هذه عنواناً لكلمة.. ثم اعقبتها بخاطرة على صفحتي – في الفيس بوك – تحت عنوان (يا ساتر).. فقد شعرت أن (الخلاص) لن يكون بغير (دماء).. ولكن المهم أن الشعب كُتب له (الخلاص) – في النهاية – من (أيام) البشير الكالحة.. وأيضاً ما زال السؤال ملحاً : ما تريد مني (الأيام)؟!.. فأنا – كما قلت – أطرب مثلاً لرائعة أحمد المصطفى (أيام بتمر ووراها ليالي).. ثم أتمثل أياماً للإنقاذ...وليالٍ ؛ (سقتنا المر).. أو (عشرة الأيام) لأبي عفان ؛ وما أكثر من يخونون (العشرة)...على مر (الأيام).. أو (مرت الأيام) لعبد الدافع عثمان.. وأتذكر (أياماً) سعيدة في حياتي – وما أقلها – انقضت عجلى (كالخيال أحلام).. أو أستمتع بروائع أدبية تحكي عن (الأيام).. ومنها – بخلاف أيام طه حسين – أيام أنيس منصور تحت عنوان (البقية في حياتي).. وهي الأيام التي أقسم أنه سمع في بعض لياليها (النداهة).. ثم يرتعد فرقاً كحال طه حسين مع أشباح لياليه ؛ مع فارق إنه كان مبصراً.. فهل طرق (الأيام) لي الآن ينبئ بنداهة نهارية ؟!.. إن كان الأمر كذلك فربما المقصود أن علينا الانتباه إلى (أيامنا) هذه ؛ أيام الثورة.. فقد تكون ذات ليالٍ تهجم علينا فيها مثل أشباح طه حسين.. أو ربما هي أشد سوءاً...وقبحاً...وإرعاباً ؛ ثم لا تكتفي – مثلها – بالتخويف.. فالإنقاذ ما زالت ذات بقايا تحلم بعودة (الأيام).. ونحلم نحن بعودة (الأيام) – الجريدة العريقة – وقد كنت أحد كتاب أخيرتها حيناً.. فبقايا الإنقاذ – إذن – ما زالت تحلم بعودة (أيام صفاها).. ونسيت قول الحق وتلك (الأيام) نداولها بين الناس.. بقايا تعمل تحت الشمس...وفي ضوء النهار...وتكاد تصرخ : ما زالت لنا (أيام).. ولها (إيقاع) !!.