على نحو متسارع عادت روائح البارود والدم الى مدينة الجنينة مرة أخرى بعد هدنة لم تدُم طويلاً، حيث تحولت الجنينة صبيحة أمس "الاثنين" الى مدينة أِشباح تتعالى فيها سُحب الدخان واًصوات الفارين من جحيم الموت خاصة الاطفال والنساء. وكان لعاع الرصاص هو الصوت الاعلى بالمدينة، اكتست الارض بالأحمر القاني بعد سقوط أكثر من 18 قتيلاً حتى منتصف نهار أمس وفقاً للجنة الأطباء المركزية بولاية غرب دارفور وسقوط عشرات الجرحى. قبل الكارثة الاحداث بالجنينة لم تكن وليدة يوم الاثنين حيث سبقتها أحداث الأحد بحي الجبل وهو من اعرق الاحياء بالمدينة وأكثر تعرضاً للتفلتات الأمنية. وشهد حي الجبل امس الاول مناوشات بين مجموعات قبلية متفلتة راح ضحيتها اثنان من شباب الحي، ثم لجأ كل طرف الى قبيلته لمزيد من التحشيد والاحتشاد مع غياب تام للاجهزة الامنية، وصبيحة اليوم الثالث تجدد الاشتباكات بحي الجبل حيث استخدم فيها الرصاص الحي الذى أودى بحياة أكثر من 18 فرداً واصيب العشرات. وطبقاً لشهود عيان تحدثوا لمصادر مطلعة، فإن حي الجبل كان رأس الرمح في المعارك التي شهدتها الجنينة وأدت لحوادث القتل بالمدينة. موجة نزوح ما إن تعالت أصوات الرصاص بقلب مدينة الجنينة حتى بدأت كثير من الأسر في حزم أمتعتها إيذانا بالهروب من جحيم الموت، كان لافتاً في المقاطع الصوتية والمصورة التي بثها ناشطون من غربي دارفور تعالي اصوات النساء والاطفال وهم يغادرون المدينة بعد ساعة من اندلاع الاحداث مع استمرار اصوات الرصاص بين الاطراف المتصارعة، وذكر ناشطون أن موجة النازحين توجهت الى خارج المدينة بحثا عن ملاذٍ آمن يجنبهم شرور الدماء والدموع، لكن البعض يتخوف من أن تمتد المناوشات الى أطراف المدينة وأن تنال النازحين والهاربين من الأحداث . الوالي ينتقد وعقب الأحداث التي شهدتها الولاية أدلى الوالي محمد عبد الله الدومة بتصريحات صحافية غاضبة اتهم فيها جهات بإثارة البلبلة بالمدينة. وذكر أن الاحداث بالولاية حُشد لها من اقاصي المدينة وبعضهم من شرقي تشاد فضلاً عن حشود من منطقة سرف عمرة الواقعة في ولاية شمال دارفور. وذكر الدومة أنهم سيفرضون حالة الطوارئ وحظر التجوال من اجل ايقاف آلة الموت التي حصدت العشرات من الارواح، وقال إن الأحداث التي جرت بالجنينة استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة واستهدفت الاحياء الغربية والجنوبية قبل أن يعود ويشير الى أن اسباب الصراع تعود لصراع قبلي شهدته المدينة منذ السبت . مطالب بإقالة الدومة تجدد الصراع دفع ناشطين لتدوين تغريدات تطالب برحيل الوالي محمد عبد الله الدومة بحجة أنه ينتمي لأحد مكونات الصراع وظل يطلق تصريحات مناوئة للطرف الآخر ويتهمه بإثارة الحرب والكراهية. ويرى ناشطون أن أزمة الولاية الحقيقية تكمن في وجود الوالي محمد عبد الله الدومة الذي اطلق تصريحات قال فيها إن أحد طرف الصراع استعان ببعض التشاديين وهو أمر يرفضه البعض . غياب الأجهزة الأمنية وذكر مراقبون أن الجنينة ظلت تحت رحمة الرصاص منذ الصباح وحتى غروب الشمس مع غياب تام للأجهزة الامنية. وذكر الصحافي محمد زكريا المتواجد بمدينة الجنينة أنه ظل شاهداً على حريق المدينة بالآليات الثقيلة منذ الصباح وحتى مغيب الشمس وقال إن الأحداث التي جرت بالجنينة استخدمت فيها الاسلحة الثقيلة من الآربجي والدانات وأن منازل المواطنين قصفت بالدانات وخلفت عددا من القتلى، مشيراً إلى أن الاجهزة الامنية شكلت غياباً واضحاً رغم استخدام الاطراف المتصارعة الاسلحة مما يستوجب تدخل الحكومة والتصدي للطرفين. ولفت زكريا إلى أن تصريحات الوالي محمد عبد الله الدومة تثير النعرات بين الطرفين ويجب عليه أن يبتعد عن الانحياز لأي طرف من النزاع، فيما قال الصحفي عبد العظيم قولو إنهم سمعوا دوي الرصاص أثناء تواجدهم بمحيط جامعة الجنينة. وقال إن المعارك في الجنينة أدت لموجة من النزوح الى خارج المدينة. وحمل عبد العظيم قولو الاجهزة الأمنية مسؤولية الأحداث بسبب تماطلها في حسم النزاع الذي ظهرت بوادره منذ السبت. أبرز السيناريوهات تبدو سيناريوهات الاوضاع بالجنينة غامضة بعض الشيء لا أحد يستطيع التكهن بمجريات الأحداث في الساعات القادمة، ثمة من يتوقع التصعيد الدموي بين الطرفين في ظل غياب الأجهزة الأمنية، فيما تشير مصادر الى أن الحكومة المركزية سترسل تعزيزات أمنية للجنينة لوقف نزيف الدماء وتهدئة الأوضاع الامنية بالولاية بصورة عامة . حركة مناوي تتأسف مع استمرار حالات الانفلات الأمني بمدن دارفور المختلفة خاصة مدينة الجنينة أبدت حركة تحرير السودان بقيادة مني اركو مناوي أسفها على الاحداث التي شهدتها مدينة الجنينة. وقال بيان صادر من الحركة إن عدم الالتزام بإكمال هياكل السلطة خاصة تشكيل الأقاليم تسبب في الوضع. وطالبت الحركة في تعميم صحفي بأهمية إكمال هياكل السلطة وتكوين الاقاليم واشارت الى وجود أياد خفية تحرك الاوضاع بدارفور وتساهم في تأجيج نيران الفتنة بها. وقالت إن الاحداث الحالية تعتبر واحدة من مخلفات النظام السابق ويستوجب ايقافها فوراً . الجنينة ليست وحدها أحداث العنف القبلي التي دارت بغرب دارفور لم تكون حصرياً على مدينة الجنينة او ولاية غرب دارفور حيث شهدت ولاية شمال دارفور خواتيم الاسبوع المنصرم صراعا قبليا دمويا بين مكونات قبيلة "بني حسين" راح ضحيتها العشرات من الارواح. وبحسب متابعات المصادر فإن منطقة بني حسين شهدت صراعاً بسبب تنصيب أحد الأعيان ناظراً للقبيلة وهو أمر رفضه مكون آخر داخل القبيلة، وقال والي ولاية شمال دارفور محمد حسن عربي إن أحداث بني حسين خلفت خمسة عشر قتيلاً وعددا من الجرحى بسبب توترت الاوضاع الامنية بالولاية. في السياق ذاته علمت المصادر أن منطقة بني حسين شهدت استقراراً نسيباً مطلع الاسبوع الحالي بعد التدخلات الامنية، مع مخاوف من عودة النزاع القبلي المسلح مرة أخرى في ظل التحشيد المشترك بواسطة الطرفين . صراع الأرض وشهدت مدينة الضعين شرقي دارفور في اليومين الماضيين صراعاً بين المزارعين كاد أن يؤدي لكارثة قبلية. وتعود اسباب الصراع إلى الارض والاستعداد للموسم الزراعي حيث تطور الامر لنزاع قبلي دون حدوث قتلى. في الصدد قال والي ولاية شرق دارفور محمد عيسى عليو إن الولاية شهدت نزاعاً عادياً بين المزاراعين، نافياً بشدة وجود حشود مسلحة بالولاية، وقال إنهم وضعوا خطة أمنية محكمة منعاً لحدوث اي تلفتات في الايام القادمة، واتهم جهات أسماها بتجار الحرب بإثارة الفتنة بين المكونات القبلية بالولاية . الخرطوم: عبد الرؤوف طه