توجيهات مشدّدة للقيادة العسكرية في الدبّة..ماذا هناك؟    د. الشفيع خضر سعيد يكتب: دور المجتمع الدولي والإقليمي في وقف حرب السودان    شاهد بالفيديو.. الفنانة توتة عذاب تشعل حفل غنائي بوصلة رقص مثيرة والجمهور: (بتحاولي تقلدي هدى عربي بس ما قادرة)    شاهد بالفيديو.. فنانة سودانية تدخل في وصلة رقص فاضحة بمؤخرتها على طريقة "الترترة" وسط عدد من الشباب والجمهور يعبر عن غضبه: (قلة أدب وعدم احترام)    شاهد بالصورة والفيديو.. فتاة سودانية تثير ضجة غير مسبوقة بتصريحات جريئة: (مفهومي للرجل الصقر هو الراجل البعمل لي مساج وبسعدني في السرير)    شاهد بالفيديو.. الفنانة توتة عذاب تشعل حفل غنائي بوصلة رقص مثيرة والجمهور: (بتحاولي تقلدي هدى عربي بس ما قادرة)    شاهد بالفيديو.. فنانة سودانية تدخل في وصلة رقص فاضحة بمؤخرتها على طريقة "الترترة" وسط عدد من الشباب والجمهور يعبر عن غضبه: (قلة أدب وعدم احترام)    شاهد بالصورة والفيديو.. فتاة سودانية تثير ضجة غير مسبوقة بتصريحات جريئة: (مفهومي للرجل الصقر هو الراجل البعمل لي مساج وبسعدني في السرير)    انشقاق بشارة إنكا عن حركة العدل والمساواة (جناح صندل ) وانضمامه لحركة جيش تحرير السودان    على الهلال المحاولة العام القادم..!!    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    مناوي يلتقي العمامرة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للسودان    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا لو اندفع الغزيون نحو سيناء؟.. مصر تكشف سيناريوهات التعامل    أول تعليق من ترامب على اجتياح غزة.. وتحذير ثان لحماس    ريال مدريد يواجه مرسيليا في بداية مشواره بدوري أبطال أوروبا    السودان يدعو المجتمع الدولي لدعم إعادة الإعمار    فبريكة التعليم وإنتاج الجهالة..!    بيراميدز يسحق أوكلاند ويضرب موعدا مع الأهلي السعودي    أونانا يحقق بداية رائعة في تركيا    ما ترتيب محمد صلاح في قائمة هدافي دوري أبطال أوروبا عبر التاريخ؟    "خطوط حمراء" رسمها السيسي لإسرائيل أمام قمة الدوحة    دراسة تكشف تأثير "تيك توك" وتطبيقات الفيديو على سلوك الأطفال    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    لقد غيّر الهجوم على قطر قواعد اللعبة الدبلوماسية    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    شاهد بالصور.. زواج فتاة "سودانية" من شاب "بنغالي" يشعل مواقع التواصل وإحدى المتابعات تكشف تفاصيل هامة عن العريس: (اخصائي مهن طبية ويملك جنسية إحدى الدول الأوروبية والعروس سليلة أعرق الأسر)    شاب سوداني يستشير: (والدي يريد الزواج من والدة زوجتي صاحبة ال 40 عام وأنا ما عاوز لخبطة في النسب يعني إبنه يكون أخوي وأخ زوجتي ماذا أفعل؟)    هالاند مهاجم سيتي يتخطى دروغبا وروني بعد التهام مانشستر يونايتد    الهلال السوداني يتطلّع لتحقيق كأس سيكافا أمام سينغيدا    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    مصر تسجل مستوى دخل قياسيا في الدولار    وزير الداخلية يترأس إجتماع لجنة ضبط الأمن وفرض هيبة الدولة ولاية الخرطوم    عودة السياحة النيلية بالخرطوم    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    وزارة الزراعة والثروة الحيوانية والري بالخرطوم تبحث إعادة إعمار وتطوير قطاع الألبان    شاهد بالصورة والفيديو.. عروس سودانية ترفض "رش" عريسها بالحليب رغم إقدامه على الخطوة وتعاتبه والجمهور يعلق: (يرشونا بالنووي نحنا)    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    حادث مأسوي بالإسكندرية.. غرق 6 فتيات وانقاذ 24 أخريات في شاطئ أبو تلات    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عثمان ميرغني يكتب: الرأي الأبيض.. والرأي الأسود
نشر في كوش نيوز يوم 18 - 06 - 2022

قبل حوالي عامين، اتصل بي أحد السودانيين المقيمين في الولايات المتحدة الأمريكية مقترحًا أن يبتدروا حملة تبرعات مالية لدعم الحكومة السودانية التي يرأسها الدكتور عبد الله حمدوك، فقلت له: "الوقت غير مناسب لمثل هذه التبرعات، وستضيع الأموال في ظل عدم اكتمال هيكلة المؤسسات المالية في السودان، من بنك السودان المركزي إلى مؤسسات الحسابات والمراجعة، والتبرعات تصبح كمن يضع المال في جيب مثقوب".
بعد حوالي أسبوع من حديثي معه، أعلن الدكتور عبد الله حمدوك رئيس الوزراء، حملة أطلق عليها "القَوّمْة للسودان"، وطلب فيها من جميع السودانيين في الداخل والخارج التبرع بأموالهم لدعم مشاريع الحكومة، فكتبت مقالًا استحث فيه السودانيين على التفاعل مع نداء حمدوك والتبرع من أجل وطنهم.
في الحال، اتصل بي المواطن السوداني المقيم بأمريكا الذي نصحته بعدم ابتدار حملة تبرعات، وطلب مني تفسيرًا للتناقض بين نصيحتي لهم ثم موقفي الداعم لحملة حمدوك "القومة للسودان"، رددتُ عليه بأن هناك مسافة فاصلة بين "الرأي" و"الموقف"، والعاقل مَن يميز الخط الفاصل بينهما، وسردت عليه القصة التالية:
في الوقائع الشهيرة لصلح الحديبية، عندما شرع الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه في رحلة للحج إلى بيت الله واصطدموا برفض المشركين في مكة ومنعهم الدخول، وانتهت الأزمة بتوقيع وثيقة "صلح الحديبية" الذي بموجبه يعود المسلمون دون دخول مكة، مما أثار غضب الصحابة.
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (يا أيها الناس انحروا واحلقوا) وهي إجراءات إنهاء شعائر الحج والبدء في ترتيبات العودة.
لم يستجب أحد من الصحابة، فكرر الرسول -صلى الله عليه وسلم- النداء، ولا من استجابة، وبدا الموقف وكأنه تمرد صامت.
الرسول -صلى الله عليه وسلم- استشعر الحُزن الكبير على رفض أصحابه، فرجع إلى زوجته أم سلمة يلتمس عندها النصح، فقالت له: (يارسول الله قد دخلهم ما قد رأيت، فلا تكلمن منهم إنسانًا، واعمد إلى هديك حيث كان فانحره واحلق، فلو قد فعلت ذلك، فعل الناس ذلك).
طلبت منه أن يباشر إجراءات الرحيل فعلًا، بمعنى أن يعبر المسافة الفاصلة بين "الرأي" و"الموقف".
وفعلًا، لم يكرر الرسول -صلى الله عليه وسلم- النداء، بل بدأ بنفسه في "إجراءات" الرحيل، فما أن رآه أصحابه يفعل ذلك حتى تسابقوا في الاستعداد للرحيل.
ومفاد القصة، أن الصحابة الذين علمهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- الشجاعة في الجهر بالرأي مهما كان الأمر، على نسق المعنى الذي صوره الشاعر أبو الطيب المتنبي:
الرأي قبل شجاعة الشجعان.. هو أول وهي المحل الثاني.
فتعاملوا مع نداء الرحيل باعتباره مجرد "رأي" قابلوه ب"رأي آخر"، لكن ما إن تحول الأمر من حيز "الرأي" إلى "الموقف" حتى تغير الأمر تمامًا وانصاعوا لمطلوبات القيادة.
في بناء الدولة، التمييز بين مساحة "الرأي" و"الموقف" حتمي للمحافظة على القوام المؤسسي للدولة، فإذا تمددت مساحات الرأي والرأي المضاد إلى حيز الفعل المؤسسي للدولة، فإنه يصبح تعويقًا وقد يتسبب في نتائج وخيمة، لأنه يتحول من مجرد "رأي" إلى تخذيل لعمل مؤسسي، وعرقلة للخطو والمسير.
وفي المثال الذي ابتدرت به هذا المقال، فإن دعوة رئيس الوزراء حمدوك من موقعه الرسمي لحملة تبرعات من أبناء الوطن تصبح عملًا مؤسسيًا، لكن من السهولة ضربه في مقتل بأي "رأي مضاد"، فيصبح الرأي هنا تعويقًا وعرقلة للقوام المؤسسي للدولة، أشبه بمن يحاول شق الصف في معركة حربية حامية الوطيس، وقد تتمدد نتائجه الوخيمة لاهتزاز مجمل بنيان الدولة وإشاعة الفوضى.
وهو أشبه بمبدأ التصويت في المجالس أو الهيئات، فقد ينقسم الرأي بين مؤيد ورافض، لكن ما إن تتحدد النتيجة النهائية بفوز مقترح بعينه، يصبح هو الموقف الحاكم للجميع، من صَوّت مع أو ضد.
وقدرة الأمم على النمو والتطور رهن بفهم وقدرة أبنائها على الفعل الجماعي المؤسسي، التمييز بين الرأي في موقع الرأي، وبين الرأي في موقع التعطيل والتخذيل، أي حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الرأي.
وعندما حض الإسلام على الصلاة في المسجد، واعتبرها أفضل درجة من صلاة الفرد في بيته، مما حتم إنفاق أموال هائلة عبر التاريخ في بناء المساجد، لم يكن ذلك إلا لتعزيز قدسية العمل الجماعي المؤسسي، بترفيع قدرات الإنسان في المسلك الجماعي "المؤسسي".
فكأنما المساجد منصات تدريب وتأهيل ثم تعزيز للمسلك الجماعي المؤسسي، ولو كانت فقط للصلاة بطقوسها المعلومة لا أكثر، لكان أفضل إنفاق الأموال في بناء المستشفيات والمدارس وغيرها من المرافق الخدمية، فالعبادات شُرعت لترقية الإنسان في مسلكه الخاص والعام والمؤسسي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.