كتبت قبل أيام كلمة بعنوان (مين دول ؟!).. *تساءلت فيها عن (نوعية) كثير من وزرائنا وولاتنا ومسؤولينا العجيبة هذه.. *وآخر مسلك عجيب كان من تلقاء والي كسلا… جماع.. *وقلت : من أين أتى هؤلاء ؟!… أو بالدارجة (بجيبوهم من وين الناس ديل؟!).. *فهم (عينة) غريبة من المسؤولين… في مصادفة أغرب.. *وأعني مصادفة أن يقع عليهم الاختيار في حقبة زمنية واحدة.. *وتبلغ بهم الغرابة – كما أشرت – إلى تفضيل (حياة) الكرسي على (موت) المواطنين.. *وما كنت أتوقع أن يجيئني الرد سريعاً ؛ وبعد يوم واحد.. *وجاءني من الجهة (الصحيحة)… حيث كان يجب أن أوجه إليها سؤالي أصلاً.. *من علم النفس ؛ ومرسل عبر صحيفة (الشرق الأوسط).. *بل هو اكتشاف نفساني جديد… في مصادفة أعجب من التي ذكرتها قبل قليل.. *ويَشرَح هذه الحالة التي استعصت على فهمي ؛ ويُشرِّحها.. *والكشف العلمي هذا بعنوان (النواة السوداء) ؛ ونتاج دراسة ألمانية دنماركية.. *أو النواة المظلمة للشخصية… التي تجعل صاحبها (غير سوي).. *وقالوا حيثما وُجدت هذه النواة وُجدت جملة أمراض نفسية.. *وأهمها ؛ الأنانية… والنرجسية… والسادية… والوصولية… والحقد الأعمى.. *ولا علاج لها إلا بإضاءة هذه البؤرة المظلمة أولاً.. *والآن أنظر إلى هذه العبارة مقروءة مع (حالات) بعض ولاتنا… و وزرائنا.. *ونصها (يضع مصالحه الخاصة فوق مصالح الآخرين).. *أليس هذا ما فعله (ذاك) الوالي قبل أيام؟… في آخر تجلٍّ من تجليات هذه الحالات؟!.. *فمن أعراضها أن المسؤول ينكر ما هو في وضوح الشمس.. *بل ويقسم أغلظ الإيمان أن الأمور على أحسن حال… وهي بلغت مرحلة الكارثة.. *كل ذلك حرصاً على (الأنا) ؛ في مقابل ال(هو) الجمعي.. *ويقول البروفسير النفساني زيتر – جامعة كوبنهاغن – أن العالم زاخر بهذه (النوعية).. *نوعية البشر الذين يفتقرون (مطلقاً) إلى التعاطف الإنساني.. *وفضلاً عن ذلك ؛ أنانيون… خبيثون… انتهازيون… وشديدو البطش والقسوة.. *ويستشرون لذة غامضة إزاء ما يصيب الآخرين من أذى.. *ولا يهمهم شيء في هذه الدنيا سوى تأمين مراكزهم الشخصية…والمالية.. *بالله عليكم أين ترون أمثلة (حية) لنظرية النواة هذه؟!.. *إنها حيث (أين هي هذه الأزمة؟)… والصفوف ضاقت بها حتى أزقة العاصمة.. *وحيث (هذا الوباء من وحي الحقد)… والمشافي تعج بالضحايا.. *وحيث (ممكن أفصلكم كلكم)…والمهددون هؤلاء لم يصرفوا أجورهم لأشهر.. *وحيث (كلوا كسرة)… والقائل لا يعلم أنها أغلى من الخبز.. *فحيثما وجدت انفصاماً عن الواقع تجد من ينطبق عليه تساؤل (من أين أتى هؤلاء؟!).. *وفي كلمتي تلك تساءلت (مين دول ؟!)..