المحاولات العديدة لاقتلاع الشجرة، شجرة الإنقاذ، لم تؤثر كثيراً بحسب البعض في جسد تلك الشجرة الضخمة التي يؤكد أهلها أن أصلها ثابت في الأرض وفرعها في السماء، فيما يقول آخرون إنّ (العيار الذي لا يصيب يدوِّش) مثلما يقول المصريون، وان تلك المحاولات التي أرادت قطع الشجرة من جذعها أو جذورها، نجح بعضها في هزّها، وإن فشل في اقتلاعها.كثيراً ما يُشبِّه الإسلاميون وغير الإسلاميين أنفسهم بشجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء، كناية عن الارتباط بالقاعدة الشعبية، وبالتعاليم الدينية في ذات الوقت، لكن اتخاذ الإنقاذ من الشجرة شعاراً رسمياً لها برز عند محطة الانتخابات العامة الماضية، حينما اتخذ حزب المؤتمر الوطني الحاكم لنفسه شجرة خضراء كي تكون شعاراً انتخابياً له.شجرة المؤتمر الوطني غابت عن الأنظار بعد الانتخابات، قبل أن تعود أخيراً إلى الواجهة عقب آخر محاولات اقتلاعها التي أشار إليها قبل يومين علي عثمان محمد طه النائب الأول لرئيس الجمهورية، نائب رئيس المؤتمر الوطني قائلاً: (بعض المرجفين في العاصمة والولايات ظنوا أنهم يستطيعون اقتلاع الشجرة - وفي رواية هزها - لكن الشعب سارع ليسقيها ثباتاً وولاءً ودعماً يعمق جذورها)، في إشارة إلى المظاهرات الطلابية والشبابية التي شهدتها العاصمة والولايات اخيراً.أولى المحاولات الجادة لاقتلاع الإنقاذ والإلقاء بها خارج أسوار القصر والمسرح السياسي، شهدها العام 1991 حينما كانت الشجرة صغيرة لا تزال، لم تكمل عامها الثالث بعد، حينما قاد الفريق خالد الزين واللواء الكدرو تحركاً مسلحاً في شهر رمضان للإطاحة بأصحاب الشجرة، محاولة أطلق عليها أصحابها (حركة الخلاص الوطني).محاولة الاقتلاع الثانية شبيهة بالمحاولة الحالية، ويعيدها البعض إلى الصراع السياسي الداخلي في الجامعات والاحتجاجات المطلبية أكثر من الرغبة في تغيير نظام الحكم، وتولى قيادتها الطلاب والشباب حينما شهدت جامعتا الخرطوم وأم درمان الأهلية وغيرهما من المؤسسات التعليمية حركة احتجاجية عنيفة على سياسات الإنقاذ، بدأت بموجة المظاهرات الطلابية التي انفجرت العام 1994م واستمرت على نحو متقطع خلال الأعوام التالية حتى أواخر التسعينيات، وشهدت تلك الفترة إغلاق جامعة الخرطوم.محاولة اقتلاع أخرى، اتخذت طابعاً عسكرياً محضاً عندما قامت بها الحركة الشعبية مدعومة بقوات التجمع الوطني الديمقراطي عبر شن هجومٍ متزامنٍ داخل الجنوب وفي النيل الأزرق وكسلا، وتعتبر هذه المحاولة التي بلغت ذروتها العام 1996 قمة المواجهة بين الإنقاذ والمعارضة المسلحة المدعومة بحلفاء إقليميين ودوليين في ذلك الوقت.محاولات الاقتلاع عبر العمل المسلح من داخل الخرطوم، عادت لتطل برأسها ثانيةً في مطلع الألفية الجديدة، عبر عمليتين أطلقت السلطة على كل منهما اسم المحاولة التخريبية، اتهم في إحداهما مبارك الفاضل القيادي بحزب الأمة وقتها، وفي الثانية د. الحاج آدم يوسف القيادي بالمؤتمر الشعبي حينها.أخطر محاولات الاقتلاع كانت العملية الخاطفة التي قادها د. خليل إبراهيم الرئيس السابق لحركة العدل والمساواة، حينما قاد قواته من داخل الأراضي التشادية حتى كوبري الإنقاذ في مايو من العام 2008م، حيث هجم خليل على الإنقاذ على حين غرة، في حدث خرج عن دائرة التوقعات.الجديد في محاولة الاقتلاع الحالية، أنها أتت بعد هبوب رياح الربيع العربي القوية التي عصفت بأنظمة عتيدة في الجوار، ربيع يقول المعارضون إنّ رياحه العاصفة أخذت تلعب بأوراق وفروع شجرة الإنقاذ، بينما يؤكد قادة الإنقاذ أن ربيع السودان العربي بدأ منذ غرسوا شجرتهم في الساعات الأولى من فجر الثلاثين من يوليو العام 1989م..!