بعد نشر الفيلم المسيئ على موقع الإنترنت سارعت الهيئة العامة للاتصالات عندنا الى حجب موقع يوتيوب عن كل المستخدمين بالسودان.. وصار الموقع بناءً على هذا الحجب من الصعب استخدامه لأي غرض من الأغراض العديدة والمفيدة التي يزخر بها الموقع. يوتيوب - وهيئة الاتصالات ادرى بذلك- لم يتم تصميمه وقفاً على الأغراض الدنيئة، بل هو مثله مثل جهاز الرسيفر أو الطبق الهوائي.. يمكن لكل شخص أن يجد فيه ما يروق له.. عوالم من الجد والهزل والتسلية والرياضة والتسوق والتطهر والتفسخ.. ما عليك إلا أن تحدد ماذا تريد بالضبط. إذا كانت سياسة الحجب مطردة على هذا النسق، فإن حجب القنوات الفضائية - لو أمكن - يدخل في ذلك دخولاً أولياً.. وإن لم يكن، فيصبح من الخطل والخطأ حجب موقع يوتيوب بحجة أنه يوجد فيه - ضمن ما يوجد - مشاهد غير منضبطة. ماذا يفعل من يريد أن يتصفح موقع اليوتيوب لسماع محاضرات قديمة للشيخ الشعراوي؟ أو يرغب في تعلم اللغة الإنجليزية من مستر دنكن (وهو أستاذ لغة إنجليزية مشهور له سلسلة ممتازة للتعليم على موقع اليوتيوب)؟ وكيف يفعل من يريد تطبيق فنون الأوتيكيت مثلاً؟ أو يرغب في مشاهدة محاضرات البروف عبد الله الطيب أو الدكتور الترابي ...الخ. موقع اليوتيوب من أثرى المواقع على الشبكة العنكبوتية وأغناها بالمحاضرات والأفلام العلمية والوثائقية، وكل ضروب الرياضة والثقافة، ويمثل ارشيفاً مصوراً لكثير من الأحداث التاريخية على المستوى الإقليمي والعالمي.. ويمكن لأي شخص أن يجد فيه كنوزاً من المعلومات والتوثيق المصور لأحداث كثيرة أصبحت في ذمة التاريخ. الحجب الذي تمارسه هيئة الاتصالات غير مجدٍ وغير مفيد، أولاً لأنه يمكن كسره وتفاديه (لمن لهم معرفة بذلك)، وثانياً لأنه يشي بوصاية من الهيئة على مستخدمي الموقع لأغراض تعليمية وتثقيفية بل ودينية بحتة. الحجب بهذه الصورة - وهذا هو السبب الثالث - يبدو عملية غير متناهية الأمد الزمني.. الى متى سيظل موقع اليوتويب محجوباً؟. هل بإزالة الفيلم المسيئ عن الموقع؟. ثم لنفترض جدلاً أنه تمت إزالة هذا الفيلم، وبعدها تطاول سفيه آخر برسم كاريكاتوري مسيئ إلى الإسلام ورفعه على الموقع، هل ستلجأ الهيئة إلى الحجب مرة أخرى؟.. ويستمر مسلسل الحجاب والسفور، أقصد الحجب والظهور. سؤال: لماذا لا تجعل الهيئة الوصول إلى الفيلم صعباً وينتهي الإشكال؟.