لا أعلم لماذا أصبح وزير خارجيتنا السيد علي كرتي ضمن العقليات التي تضع الإعلام في قفص الاتهام وتصنفه ضمن الدوائر المعادية.. لن نمل الحديث عن ضرورة تمتين الشراكة بين الدوائر الإعلامية و الدبلوماسية والسياسية والأمنية في هَم الوطن الكبير حتى نصل إلى السودان الذي نريد. كرتي قلل في تصريحات أمس مما وصفه ب (المحاولات الإعلامية للربط بين السفن الإيرانية وضرب إسرائيل لمجمع اليرموك، قبل أن يؤكد ما أوردته عدد من الصحف أمس نقلاً عن العقيد الصوارمي خالد سعد الناطق الرسمي باسم الجيش أنّ حركة السفن عادية في الموانئ الدولية المعروفة وأن الغرض منها الاحتكاك والتجارب). كلنا شركاء في هَم الوطن سعادة الوزير.. لا فرق بين وزير ومواطن إلا ب (العمل الصالح).. ولا مجال لاحتكار الحس الوطني ومحاولة إظهار الآخرين خونة وعملاء ومتربصين لن يجدي الاستعلاء ولن تنفع المعالجات الفوقية والقفز فوق الحقائق التي تجعل من الإعلام فصيلاً متقدماً في التعامل مع قضايا البلد خاصة حينما يتعلق الأمر بعدوان خارجي. الإعلام كذلك سيدي الوزير يسأل لماذا صمتم كل هذه الأيام ولم تبادروا بتوضيح الحقائق للناس منذ اليوم الأول حول القصف الإسرائيلي؟، أين كان علي كرتي والخرطوم يضربها العدوان الخارجي والتصريحات تمضي بلا هدي بين الالتماس الكهربائي واللحام والانفجارات الداخلية..؟! تأخرتم علينا كثيراً سعادة الوزير والخارجية تسجل غياباً على دفتر التوقيعات والتوضيحات في يوم الغارة الأول.. والمعلومات ضنينة.. والتخبط سيد الموقف.. لم تكونوا مُبادرين بوضع النقاط فوق الحروف تركتم الأمر لغير أهله.. فكانت المعلومات التي نقلها الإعلام وهو يصدق رواية بعض المسؤولين فيصبح (مضحكة) وسط المواطنين الذين أصدروا بياناتهم بشأن القصف منذ الوهلة الأولى. مسيرة الإعلام والإعلاميين في التعامل مع القضايا الوطنية الكبيرة لا تسند الزعم الذي يتبناه علي كرتي وآخرون، يتعاملون مع الإعلام بفوقية وترفع وتصنيف مُضر.. بالأمس كتبنا هنا عن المعلومة وأهميتها في تعبئة الوجدان الوطني.. وقلنا إنّ حجب المعلومات عن الإعلام ممارسة خطيرة للغاية تستبطن فهماً قاصراً لدوره في التصدي للقضايا الوطنية.. للأسف هذا الفهم هو الذي يجعل كرتي يتحدث على نحو يضع أهل الإعلام في دائرة المتربصين المتهمين بضعف الحس الوطني، والساعين للربط بين حدثين إمعاناً في إيقاع فعل (المضرة) على شعبنا الكريم. وبعيداً عن موقف الوزير الذي لا يستند على أيِّ منطق سياسي أو إعلامي، ومع التسليم الكامل بتوافر النوايا الحسنة إزاء هذا التطور وانتفاء أية علاقة بين الفرطاقتين الإيرانيتين وقصف اليرموك، ألا يلتمس سعادة الوزير كرتي العذر لمن ربطوا بين التطورين في ظل كل ما تتناوله وسائل الإعلام الخارجية مع غياب المعلومات في الداخل.. وهل يعتقد كرتي أنّ التوقيت مناسب لهذه الزيارة.. أما كان الأوفق أن تبادر الخارجية بالإعلان عنها بدلاً من أن تعلنها بعد وصول السفينتين إلى بورتسودان..؟ لماذا نستلف مثل هذه الحقائق من الإعلام الخارجي يا كرتي..؟ صدق بروفيسور ابراهيم غندور أمين العلاقات الخارجية بالمؤتمر الوطني وهو يؤكد للزميلة (الأهرام اليوم) أمس إن (الشائعات سببها التعتيم الإعلامي الذي نمارسه في بعض الأحيان). نحتاج في هذه المرحلة إلى التفكير بصوتٍ مَسموعٍ حول ما يواجه بلادنا من محنةٍ دون إقصاء أو تخوين.. فلينصرف كرتي لإدارة المعركة مع إسرائيل لأن المواجهة الدبلوماسية هي المطلوبة في هذا التوقيت.. وليترك الإعلام لأنو (عارف شغلو).