جمال زهالكا ( الغارديان) إعداد: محمد رشوان: قبيل الانتخابات الأوربية المزمع إجراؤها خلال يناير القادم تم الإعلان رسمياً عن التحالف بين حزبي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو و وزير الخارجية أفيقدور ليبرمان و اتفق الحزبان اليمينيان الإسرائيليان على خوض الانتخابات فى قائمة موحدة بهدف أن يصبحا أكبر كتلة فى الكنيست. وهذه الخطوة تعتبر بالمعايير السياسية إنجازاً للرجلين كليهما, ذلك لأن وضع نتنياهو أصبح مهزوزاً بسبب إضمحلال حزبه الليكود و انحسار شعبيته بمعدل خسارة مقعد برلماني كل أسبوع, لا سيما أن قلقه كان يدور حول العودة المحتملة لأيهود باراك رئيس الوزراء الإسرائيلى السابق كقائد لتحالف معارض يتكون من تزبي ليفنى وزيرة الخارجية السابقة و شاؤول موفاز زعيم حزب كاديما ويائير لابيد النجم السياسي الصاعد. المنتفع الرئيسي من هذا التحالف هو ليبرمان لأن هذا الوضع يضمن مشاركة حزبه ( إسرائيل بيتنا) فى السلطة و بموجب الاتفاق المبرم يحق لليبرمان أن يختار أية وزارة يريدها فى الحكومة القادمة بما فى ذلك وزارة الدفاع المهمة. بذلك يتسنى له أن يكسب الشرعية السياسية و يتحول من مجرد مُشارك صوري فى تحالف حكومي إلى لاعب أساسي. فإذا ما كانت الحُكومة خلال السنوات الأخيرة شراكة بين نتنياهو و إيهود باراك وزير الدفاع فإن الحكومة القادمة ستكون حكومة نتنياهو- ليبرمان و بوسع ليبرمان أن ينافس فى المُستقبل زعامة الليكود بعد نتنياهو. اندفاع إسرائيل نحو اليمين هذا التحالف خير شاهد على أن إسرائيل تندفع بقوة نحو اليمين فى الوقت الذى تشهد فيه السياسة الإسرائيلية تطرفاً شديداً . مما يجدر ذكره أن وضع ليبرلمان كان على الهامش فعندما تم تعيينه وزيراً للمواصلات استقال وزيرٌ فى حزب العمل إحتجاجاً على هذا التعيين رافضاً الجلوس حول طاولة واحدة مع ليبرمان. بعد ذلك أصبح ليبرلمان و زيراً للخارجية و اعتقد الكثيرون وقتذاك أن توليه هذه الحقيبة المهمة سوف يثير غضب المجتمع الدولي. و من المفارقات أن عكس ذلك تماماً قد حدث حين أ ُستقبل بحرارة فى العواصم الأوربية . و إذا ما قال أي شخص قبل عشر سنوات أن ليبرلمان سوف يصبح وزير خارجية إسرائيل فإن هذا الشخص سيتهم بالجهل المطبق , بل قد يُتهم بالروح العدائية أو استفزاز إسرائيل و إثارتها. من بين أبرز مخرجات هذا الإئتلاف الجديد حقيقة ان حزب الليكود أصبح أكثر تطرفاً و أصبح ليبرلمان مؤثراً و ذا نفوذ بل و أكثر خطورة. قبل أشهر قليلة دعا ليبرلمان للإطاحة بالرئيس الفلسطيني محمود عباس علماً بأن عباس حافظ على السلام فى ظل الاحتلال مُستمراً فى سعيه الدؤوب للتفاوض حتى فى ظل غياب الشريك الإسرائيلي. نادى ليبرلمان أيضاً بفرض عقوبات إقتصادية وسياسية و أمنية على السلطة الفلسطينية بحجة أنها شرعت فى تحركات دبلوماسية لتنال الإعتراف الدولي بدولة فلسطين. ليبرلمان يتبنى سياسات معادية لعرب إسرائيل تبنى ليبرلمان سياسات معادية لعرب إسرائيل الذين يشكلون( 17%) من سكان إسرائيل و كان شعار حزبه (لا مواطنة بلا ولاء) و يسعى بذلك لحمل المواطنين من عرب إسرائيل على إعلان ولائهم للدولة الصهيونية كشرط لمنحهم المواطنة بما فى ذلك حق التصويت فى الانتخابات الإسرائيلية وحق الترشح و الإنضمام للكنيست. بما أن خطر التطرف و العنصرية الإسرائيلية المتنامية لا يقتصر على القسوة و التزمت ولكن يكمن أيضاً فى سطوته و تأثيره ,فإن هذا التحالف اليميني المتطرف الذى بات فى قلب الحكم الإسرائيلي يدل على أن التصاعد الحاد فى مستويات العنصرية وتراجع الديمقرطية وإضمحلالها فى إسرائيل بات وشيكاً. ضم القدس أمرٌ محوري فى سياسات ليبرلمان فى صلب سياسات ليبرمان الرئيسية الإعتراف بضم القدس و التوسع فى المستوطنات اليهودية غير المشروعة ,فى مقابل نقل المراكز السكانية العربية من إسرائيل إلى فلسطين. كل ما فى الأمر أن ليبرمان من خلال سياساته المتطرفة يهدف إلى التضييق على عرب إسرائيل وجعل منح الجنسية الإسرائيلية لهم مشروطاً و مؤقتاً , و يبتغى من ذلك أن تفضى هذه السياسات فى نهاية المطاف إلى خلق دولة يهودية (خالصة) خالية من الوجود العربي. العقوبات على النمسا دون إسرائيل دليلٌ على ازدواج معايير الغرب عندما انضم جورج هايدر وحزبه اليميني المتطرف قبل أعوام للحكومة النمساوية سارعت عدة دول أوربية بفرض عقوبات على النمسا , فى حين أن ليبرمان أكثر خطورة من هايدر بمغالاته فى التطرف ذلك لأن المنزلة الرفيعة التى حظى بها ليبرمان أخيراً تقف خير شاهد على أن التطرف أصبح سيد الموقف فى إسرائيل. آخر حكومة للكنيست و التى انتهت فترتها أخيراً تُعد أكثر الحكومات التى تعاقبت على إسرائيل تطرفاً حتى اليوم , أما خلال الانتخابات القادمة من المحتمل جداً أن يتغير الوضع إلى ما هو أسوأ. لذلك ماذا ينبغى علينا أن نفعل ؟ أعتقد أن محاولة إقناع ناتنياهو و حكومته بتبني سياسات أكثر إعتدالاً ليست سوى إهدار للوقت و الجهد. الطريقة الوحيدة لضمان إحداث تغيير تتمثل فى ممارسة الضغوط و العقوبات على الحكومة الإسرائيلية . و يشى سلوك ناتنياهو السياسي أنه لا يخضع و لا يستمع لأي نداء إلا إذا تعرض للمواجهة. لكل هذه الأسباب مجتمعة على كل من يرغب فى إحلال سلام عادل والحيلولة دون نشوب حروب تلوح فى الأفق و على كل من يريد أن يضع حداً للجرائم التى يغترفها الإحتلال و على كل من يحاول إحتواء العنصرية المُساعدة على فرض عقوبات على الحكومة الإسرائيلية.