قبل أكثر من عشرة أعوام انشغلت الصحف في السودان بما وراء نشر خبر أنّ لاعب كرة قدم سوداني يلعب بأحد أندية الوسط في الدوري الممتاز قاده التوهان إلى دخول اسرائيل تحت بند اللجوء السياسي ... وبعد فترة تحوّلَ هذا اللجوءُ السياسي إلى لجوءٍ رياضي! قبل اسابيع اهتمّت مصادر الأخبار على الورق وعلى المواقع الالكترونية بواقعة رياضية نفخوا فيها الكير الإعلامي فكادت على الاحتراق ... ففي نادي راسينغ الاسباني وهو من فرق الدرجة الثانية في الدوري الاسباني ، تعرّضَ لاعب الوسط الجزائري عامر بوعزّة لانتقادات لاذعة من جماهير الفريق بعدما تَجَاهلَ مصافحة زميله الاسرائيلي غاي اسولين، عندما استبدله المُدرّب خلال مبارة للفريق، حيث خرج اللاعب الجزائري دون مصافحة زميله وبديله الاسرائيلي الذي وقف منتظراً المصافحة، فيما توجّه بوعزة مباشرة نحو غرفة الملابس وسط غضب عارم من المدرّب وأعضاء الجهاز الفنّي، وتبعتهم الصحف الاسبانية حتى كادت على اتهامه بمعاداة الساميّة التي يتحدّر هو منها أيضاً! وشهد موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) ردود أفعالٍ وأقوالٍ غاضبة من جماهير نادي راسينغ التي هاجمت اللاعب بشراسة وأتهمه بعضهم بالعنصريّة وازدراء اللاعب الاسرائيلي وطالبَ بعض المشجّعين بمعاقبة بوعزّة على سلوكه، بينما نادى بعضهم الآخر بالاستغناء عن خدماته في الانتقالات الشتويّة! في المقابل رأى المُعلّقون الجزائريّون وبعض التوانسة أنّ بوعزّة يستحق لقب المُقاوِم للتطبيع ووجّهوا له التحيّة بل طمع بعضهم في موقفٍ أكبر من تجاهل المصافحة وهو أنْ يرحل من النادي الاسباني الذي يستقطب لاعباً اسرائيليّاً وأنْ يحرص هو وزملاؤه اللاعبين المُقاومين للتطبيع على إجتناب الإثم الأصغر ألا وهو التطبيع الرياضي! انتهت المباراة بهزيمة قاسية لنادي راسينغ فصارت هزيمة النادي هزيمتين هزيمة كُرويّة وهزيمة إجرائيّة وهي أنّ لاعبيه لا يقدّمون التحيّة لبدلائهم... وكان التقييم الفنّي لأداء اللاعبين الإسرائيلي والجزائري يمكن ترجمته من الاسبانيّة إلى العربيّة : بئسَ البَديل والمَبْدُول! أتسوّل تركيزك لتلاحظ أنّ لاعبي الدول العربية المغربيّة الشمال افريقيّة أقل حساسيّة في التطبيع من المشرقيّين، وأنّ ذلك اللاعب الجزائري اسمه بو عزّة وليس بوغزّة!!