كدباس مدينة من طهر تجسد في نار القرآن الموقدة مئات السنوات ومديح الرسول الكريم الذي لم تتوقف نوباته وطاراته ودفوفه في حلقات الذكر.. مدينة يزورها الناس تبركا وبحثا عن تعلم علوم الدين وحفظ القرآن وتذهب اليها(سيرات) العرسان للتبرك وفأل الخير بحياة سعيدة ارتبطت بالشيخ الجعلي وابنائه وأحفاده وبأم الفقراء السيدة زينب التي رحلت مؤخرا عن دنيانا ..ومما يجدر ذكره ان رماد النار المشتعلة منذ ايقادها لم يأخذ احد منه, وظل باقيا كما هو وهي سوق وموسم زيارات للأحباب والمريدين من جميع بقاع السودان. هي كدباس القرية التي تحولت الى مدينة من نور. تقع على الضفة الغربية لنهرالنيل وهى تحاذى مدينة بربر ، التى تبعد مسافة 340 كيلو مترا شمال العاصمة الخرطوم ، وينتمي سكانها الى جماعات مختلفة منها مجموعة الجعليين وهم سلالة الشيخ (احمدالجعلي) مؤسس الطريقة القادرية الجعلية ،اما المجموعات الاخرى من السكان نجدها تنتسب الى المناصير والميرفاب والحسناب ، وهؤلاء اعدادهم قليلة بالنسبة للجعليين ، ولكل مجموعة من هذه المجموعات منطقة سكنية لها حدودها داخل المدينة. اما تسمية كدباس فيرجح انها بسبب ارتحال (الحسن عبد الماجد) جد الحسناب من منطقة الغبش الى كدباس فى حوالى القرن الثامن عشر تقريبا ، وحينما سأله اهله الغبش لماذا تسكن هذه (الغابة) ؟ قال لهم : (اتركونى كدي بس) . فسار الاسم الى ان تحول الى(كدباس) التي ايضا يحمل تراثنا الشعبي تلك الاغنية التي ترصد للسيرة التي تحمل العرسان الى المدينة(قالوا السيرة لي كدباس ..يا ناس جننوني خلاص) . وكدباس منذ أن اوقد فيها الجعلى (الشائب ) نار القرآن التى لم تنطفئ حتى يومنا هذا ,هي قبلة يقصدها الناس من كل حدب وصوب من كافة انحاء السودان ومن البلدان الافريقية كما يقصدها الوافدون من اجل الاستشفاء والتبرك وفضاً للنزاعات والمشورة والتوجيه في امور الدين والدنيا ، فمن مسيد كدباس جهزت الجيوش وكتائب المجاهدين في المهدية ، منذ أن ساند مؤسسها الشيخ احمد الجعلي (الشائب) الامام محمد احمد المهدى، بل نال شرف أول من بايعه ،فوقتها امتطى الشيخ الجعلي قائدا لجيش الفتح لقدير بالابيض وفتح الخرطوم في جيشه الضخم مع مريديه فشهد معهم هذه الغزوات .وقد رفعوا الأذان في سراية الحاكم الانجليزى العام بالقصر الجمهوري اعلاء لدين الله في عزة وشموخ وبطولة .