تناولنا في حلقات ذات وحدة موضوعية عام السودان وإيران حسب الإستراتيجية الغربية الإسرائيلية القائلة بالقضاء على النظام الحاكم في السودان، وتفكيك البرنامج النووي الإيراني أو تغيير النظام الحاكم فيها ،وذكرنا كيف أن أمريكا وإسرائيل تحسب ألف حساب لمنع إيران من امتلاك القنبلة النووية مهما كلف الأمر حتى لا يختل التوازن في المنطقة ،وأن الخبراء ورجال المخابرات في إيران قد حددوا يونيو من هذا العام ساعةً تبلغ فيها إيران ذلك الهدف إن لم تكبح جماحها ،وإسرائيل تصاب بالهستيريا مذ أكتوبر الماضي موعد توصل معهد الأمن الدولي في واشنطون إلى تلك النتيجة ،ورئيس وزرائها يهرع إلى أمريكا يبحث عن ضوء أخضر لضرب المفاعلات الإيرانية وعندما يفشل في الحصول على دعم أوباما الذي يفضل الضغوطات الاقتصادية والدبلوماسية على إيران لأسباب ثلاثة أولها عدم التيقن من مدى إمتلاك إيران للسلاح النووي من عدمه ما يجعل الضربة مخاطرة ،وثانيها القوة العسكرية التقنية المسنودة بروسيا والعقيدة القتالية الإيرانية التي تجعل المهمة العسكرية وردود فعلها الانتقامية عسيرة عسيرة ،والثالث أنّ مبدأ أوباما في السياسة الخارجية هو تفادي القتال أو التورط في حروب مستنزفة للموارد،تصيب رئيس الوزراء الإسرائيلي الهستريا فيعلن دعمه لمنافس أوباما في الانتخابات الرئاسية ،فيخسر نتنياهو الرهان ويفوز أوباما.وإسرائيل تخشى إن هي قامت بضربة فردية كتلك التي نفذتها ضد المفاعل العراقي والسوري ،تخشى أن تخسر معركتها مع سلاح جو متطور ومواقع حصينة للمفاعلات ،وفي هستيرياها هذا تفعل ما تفعله أنثى الأنوفليس النوع الوحيد الذي ينقل الملاريا من البعوض ،فهي لا تمتص دم الإنسان إلا في المرحلة الأولى من حملها (التوحم) ،والإنسان يروح ضحية التوحم هذا وتصيبه الملاريا ،وهو ما فعلته إسرائيل حين ضربت اليرموك،ونكتب في أكتوبر صفحة تحليلية على هذه الصحيفة عن ضربة اليرموك لنخلص إلى جملة واحدة (الضربة جس نبض لإيران لمعرفة طورها النووي ،فإن خافت وتعاونت مع المفتشين والوكالة ،فهمت إسرائيل ذلك فضربتها ،وإن تمادت خشيتها وبحثت عن بدائل أخرى) ، وفي أكتوبر ذاته تطلب إسرائيل من مصر أن تبيعها مائة ألف حمار بغرض الأبحاث العلمية لاستخلاص علاج لمرض السرطان حسبما تقول إسرائيل من جلد المئات من الحمير تخرج بضعة جرامات من الدواء ،ومصر ترفض ،وأحد الكتاب الصحافيين السودانيين يكتب حينها في براغماتية ساذجة لماذا لا نصدر لإسرائيل المائة ألف حمار بثمن غالٍ من الدولارات في هذا الاختناق الاقتصادي بعد أن أعاب على مصر مرسي رفض العرض ،نعم إسرائيل صادقة في أنها توصلت إلى علاج للسرطان من أجساد الحمير ،لكن ليس من جلودها ولن تكشف عن ذلك السر بهذه السذاجة التي تشبه سذاجتنا في الحديث عن قيمة الحمير. حاشية : من الحمير يأتي علاج السرطان ،ولعلمكم أن ما يميز التعامل مع السلاح النووي ليس فقط قوته التدميرية فتلك القوة التدميرية يمكن الوصول إليها بمضاعفة كميات المتفجرات والقنابل التقليدية،إنما آثاره البيولوجية التي أعلاها خطورة هو الإصابة بالسرطان ،وعندما تتوصل إلى علاج للسرطان يمكنك أن تتوصل إلى مصل واقٍ منه أو مخفف له ،وبالتالي لن يتخوف الجنود والمواطنون الحاصلون على المصل والمطمئنون إلى وجود الدواء الناجع من التبعات الكبيرة للتعامل مع ضربة عاجلة للمفاعلات الإيرانية أو تطور آخر في هذا الاتجاه.أرأيتم دور الحمير كيف أصبح إستراتيجيا ،وعن القرد في معركة إيران والغرب سنواصل الحديث.