سرور مشبوب بالتوتر أبدته بعض دوائر الحزب الحاكم أو المحسوبين عليه بعد تصريحات د.الترابى التى حملتها تقارير إعلامية أمس وأعرب فيها عن رؤيته عن أن إسقاط النظام ليس غاية فى حد ذاته، مطالباً بالاتعاظ بالربيع العربى، وقال لدى مخاطبته حملة قوى الإجماع لمناصرة أسر المعتقلين بسبب اجتماعات كمبالا (إسقاط النظام ليس غاية ، ولا بد أن نعتبر ونتعظ مما جرى بدول الربيع العربي، لإننا نريد غداً أفضل لا تعقبه فوضى، ونظاما انتقاليا فيه أدب ألا نتصارع، وأن تقوم الدولة على الحكم النيابي).. حديث الترابي، اعتبره البعض بداية خلخلة جديدة فى صفوف قوى الإجماع خاصة والمعارضة عامة فى سياق أحاديث متناثرة حول خلافات داخلية، أكدتها مساعى كامل أدريس الاحتوائية خلال الفترة الماضية، ما يسهم فى تقليل الضغط السياسى على الحزب الحاكم. (هندسة ما بعد السقوط) بدا العنوان الأكثر انضباطاً لتصريح د. الترابى أمس، والأوفق تعبيراً عن مخاوف الشيخ المكلوم منذ رمضان أواخر التسعينيات، طبقاً لمصادر مقربة من الأمين العام للشعبى تحدثت أمس ل(الرأى العام) وأضافت بأن الترابى ظل ولفترة ليست بالقصيرة يقف فى مواجهة الدفع فى اتجاه التغيير العنيف خوفا من عواقبه على البلاد ووحدتها ، وأنه ظل يستكشف التصورات الشبابية الناضجة لإحداث التغيير فى السودان، وكشفت عن لقاءات متفرقة وسرية للرجل جمعته بقيادات شبابية وطلابية من مختلف الأحزاب فى محاولة لاستطلاع آرائها حول ضماناتها لعدم الانزلاق نحو الفوضى بعد حدوث تغيير فى السودان، وقالت المصادر إن(الترابى حرص على استجلاء مدى قدرتهم على الاتصال والتواصل مع الآخر دون عزل أو إقصاء وإمكانية استيعاب المخاطر المحدقة بالسودان من جراء ربط النظام بقاء البلاد ببقائه)، واعتبرت المصادر الحزبية بالشعبى أن الترابى بعد اطمئنانه على مستوى الوعى الشبابى داخل الأحزاب باعتبارهم أساس التغيير القادم، أطلق رؤيته حول أهمية الترتيبات الانتقالية وأطرها التى تحفظ أدب الاختلاف. المؤتمر الشعبى رسمياً اعتبر حديث أمينه العام واضحاً ومباشراً ولا يحتاج الى تفسير، وقطع كمال عمر مسئوله السياسى وناطقه الرسمى بأن الترابى لا يتحدث من فراغ وانما وفق رؤية حزبية تم التداول حولها لتخرج معبرةً عن رؤية المؤتمر الشعبى ككل وقال ل(الرأى العام): (قدراتنا على قراءة تجارب الثورات من حولنا وتلك التى أفرزها الربيع العربى مستمرة ومتواصلة ، وأوصلتنا الى أنها ثورات بلا هدى أو هوادي، لأنها قامت بغتةً ولم تستبقها أى ترتيبات لذا استمرت تستنزف نفسها وتترنح بعيداً عن أهدافها) واضاف: (مقارنةً بواقعنا فالخرطوم لا تحتمل ذلك فالقبلية والجهوية طاغية وأصبحت لدينا أزمة هوية حادة ، بالتالى خطاب الترابى مرتبط بمعادلة يعبر عنها سؤال هل نريد إسقاط النظام ونترك البلاد نهباً للفوضى أم أن هناك ضرورة وأهمية لترتيبات انتقالية عبر رؤية متكاملة تكون بمثابة صمام أمان للبلاد؟). ماذا بعد سقوط النظام؟!! سؤال ظلت تضخه أجهزة الحزب الحاكم وتلعب على وتيرته فى ظل غياب مبادرات الساحة المتحدثة عن ملامح ما بعد مغادرة الانقاذ، واعتبرته دوائر الحزب الحاكم ملتقياً مع حديث الترابى أمس بفعل الخطوط الحمراء التى اعتلت الصحف، الا أن المؤتمر الشعبى بحسب كمال، يرفض أية مقاربة بين محاولات النظام فى تخويف الشارع العام من التغيير وبين حديث الترابى، واعتبر أن محاولات تصوير حديث الترابى بإعادة إنتاج خطاب النظام التخويفى أمراً لا مبرر له ، لجهة أن حزبه طرح عملياً رؤيته حول الترتيبات الانتقالية، وقال(الترابى قدم رؤيتنا للترتيبات الانتقالية فى مشروع الدستور الانتقالي الذى لا يستثني ولا يستبعد أياًَ من المكونات السودانية بل يضمها كلها سواء الجبهة الثورية والحركات المطلبية والجهوية والشبابية والطلابية فى مشروع متكامل وكامل للتواصل حول الدستورى) واضاف(حديث الترابى اذا تم أخذه عمومياً فقط واختزاله فى الخوف من الفوضى يمكن توظيفه فى صالح النظام وما ظل يعزف على أوتاره كثيراً) واستدرك(لكن اذا تم أخذه بشرحه الواضح نظرياً وعملياً عبر رؤيتنا، فالخلاصة أننا لسنا ضد إسقاط النظام ، لكن هناك أولويات كما قلنا سابقاً فوحدة المعارضة مقدمة على إسقاط النظام، أى نحن ضد التفكيك بغباء بدون رؤية مشتركة، لأن النظام يستغل بعض الأخطاء كالسلاح فى ضخ المخاوف ، لكن اذا وقفنا فى محطة الترتيبات الانتقالية برؤية، فبالتأكيد الشعب سيرحب بالتغيير ، لأنه يصبر على النظام فقط خوفاً من الفوضى ليس إلا ، بالتالى رؤيتنا تضمن المعادل الموضوعى إزاء خطاب الناظم والكابح العملى للمخاوف). واعتبر كمال عمر تصريحات الترابى نابعة عن رؤية حكيمة فى أضابير التجارب السودانية وغير مرتبطة باحتقانات إزاء قوى أخرى أو محاولة لسرقة الأضواء من الأحزاب الأخرى، وإنما الهدف بث التطمينات للشارع السودانى حيال تغطية كل تفاصيل المستقبل بعد زوال النظام. من جانبه يذهب المحلل السياسى المقرب من دوائر المعارضة ايهاب محمد الحسن الى الترتيبات الانتقالية لما بعد سقوط النظام، هى ترتيبات فرضتها الشروط الحالية للوضع بالبلاد بعد ارتباط أجهزة ومؤسسات الدولية بأجهزة الحزب الحاكم فى ظل استقطاب حاد سياسياً واجتماعياً وأقتصادياً، واعتبر أن ما يطرحه الشعبى يضيف لمحاولات المعارضة نفسها وفى سياقها وليس معزولاً عنها أو خارجها للحفاظ على وحدة البلاد ، وتوفير ضمانات لعدم انزلاقها صوملة أو أفغنة، وتسمح بالتمهيد تدريجياً بفك الارتباط بين الحزب الحاكم ومؤسسات الدولة السودانية، وهو ما لا يتم الا بعقد تأسيس تتوافق عليه جميع الأطراف ما يعيد الدستور لمقدمة أولويات المعارضة الوطنية وقال( على المعارضة الاستهداء بأبرز تجاربها فى هذا السياق المتمثلة فى وثائق مؤتمر القضايا المصرية أسمرا 23 يونيو 1995م، باعتبار أن الترتيبات التى ضمتها واحتوتها وتناولتها شاملة وتغطى كل احتياجات فترة ما بعد إسقاط النظام الحالى)، وقطع الحسن بان إثارة مثل تلك الملفات أو القضايا والضخ فيها هدفه أولاً وأخيراً التركيز على تناقضات المعارضة لخدمة النظام الحاكم، لا لالقاء الضوء على مجهودات المعارضة وهو ما يؤكده الإخراج المختل للعبارات السياسية عن سياقها.