إلتقيت بعدد هائل من الرجال الأوفياء فى مأتم الراحل المقيم الدكتور كمال حنفى ، منهم من كنت أعرفه من خلال جهده الفكرى فى الصحف والمجلات مثل الأستاذ الفخيم مكى أبو قرجه والذى رأيته لأول مرة ، وجاءنى وسلم على باسمى وكذلك شقيقه أسامة أبو قرجه والتقيت الدكتور عبد المنعم عبد الكريم بدرى أستاذ علم النفس بجامعة الأحفاد ... وبالنائب الأول لرئيس الجمهورية والأستاذ كمال عبد اللطيف وزير المعادن ... وبمولانا أحمد عبد الرحمن ...وبالدكتور عبد الله سيد أحمد ... وبعدد من زملاء المهنة فى مختلف الصحف ووسائل الإعلام . وإلتقيت بقريبى الاستاذ صالح محمد على ... الذى لا يرد على هاتف (لو جنيت) ... والهندى عز الدين الذى لم أره منذ فتره طويلة وعبد الرحمن ... والعبيد مروح ... ومحمد أحمد دنقل اللذين أصرا أن يوصلانى إلى سيارتى متكئاً عليهما ... فهما من النبلاء الذين عرفتهم الجميع ذرف الدموع ... والجميع جلسوا حزانى ومندهشين لما حدث ولكنهم مؤمنون بأن صديقنا الراحل د. كمال حنفى قد كملت أيامه وأن الله إذا قدر فعل ... وكل ابن آدم يوماً على آلة حدباء محمول . كمال حنفى ليس كثيراً على ربه ، وأنه كان رجلاً مؤمناً بربه وباليوم الآخر ... وآخر عمود كتبه كان يؤكد هذه الحقيقة ، حقيقة أن الموت حق . فى آخر إجتماع لهيئة التحرير ... مع كتاب الصحيفة تحدث الراحل طارحاً أفكاراً صحفية متدفقة ... وكان يتحدث بإسهاب وبتركيز عن رؤى جديدة للرأى العام ، مؤكداً أن الرأى العام لا علاقة لها بمارثون التوزيع ... بل أنها لم تكن فى يوم من الأيام من الصحف الخمس الأولى من ناحية الإنتشار ... ولكنها كانت الصحيفة الأولى من ناحية التأثير ، مؤكداً أنها صحيفة تأثير وليست صحيفة إثارة ... لذلك لم نكن نفكر فى يوم من الأيام أن تكون الرأى العام البرنجى أو الثانية أو الخامسة ... مؤكداً أن كثيرا من قراء الصحف السودانية والذين ارتبطوا بالرأى العام منذ سنوات طويلة لا يجدون لها بديلاً . حنفى استرسل وقال مشيداً بفريق الرأى العام الذى حافظ على خط الرأى التحريرى الملتزم بالموضوعية وبالحيادية والمهنية العالية ... وكان يتحدث بشكل متواصل حتى خفت عليه ... قلت له يا دكتور الحاصل شنو ؟ ... ما هذه الأفكار المتدفقة والانفعال ... قال لى زعلت من حكاية الصحيفة الأولى والثانية والثالثة فى التوزيع ... أعملوا لتحافظوا على خط الرأى العام الملتزم بالمهنية العالية . ستظل مكانة الراحل د. كمال حنفى شاغرة فى الرأى العام وفى مجالات الفكر والسياسة السودانية . شقيقه الدكتور بهاء الدين حنفى سفير السودان بألمانيا ... وأحد أبرز المفكرين السودانيين جاء من العاصمة الألمانية على عجل ليتقبل العزاء فى شقيقه . مناشده للرئيس حول صلاح قوش بالأمس تحدثت مشيداً بقرار السيد رئيس الجمهورية بالعفو عن مجموعة من العسكريين الذين أتهموا بالتخطيط لمحاوله قلب نظام الحكم ... أشدت بحكمة الرئيس فى إطلاق سراحهم وفى إلغاء قرارالطرد من القوات المسلحة ... وهذا القرار الأخير فيه جانب إنسانى عميق عرف به السيد الرئيس ... ويعنى هذا القرار إستمرار صرف معاشاتهم الشهرية من القوات المسلحة حتى يكون لديهم مرتب شهرى لإعاشة أسرهم . ومن هذا المنطلق لابد من مناشدة السيد رئيس الجمهورية بأن يشمل قرار العفو الفريق صلاح قوش ... حتى يكون العفو شاملاً ولا يترك ضغينه فى أى أسرة ... خاصة أن الشارع يتساءل لماذا لم يشمل العفو الفريق صلاح قوش ... وهو رجل أدى واجبه الأمنى فى الحفاظ على أمن الوطن فترة طويلة ، وكان رجلاً شجاعاً ومتواضعاً . وأذكر أنه أرسل لى رسالة من دبى عبر الهاتف مندداً بالقصف الأمريكى لمصنع اليرموك وهو خارج الخدمة ... وعبر عن حزنه الشديد على هذا الفعل العسكرى الإجرامى ... وقد نشرت رسالته فى الرأى العام وشكرته على سؤاله عن حالتى الصحية .