الساحة الفنية السودانية تخلو تماماً من (الملحنات) عدا المبدعة (أسماء حمزة) التي تربعت على عرش (التلحين) بين النساء لردح من الزمان وقد لحنت (أسماء) أكثر من (85) أغنية وغنى لها كبار الفنانين، وعرفت على مر سنوات دخولها الى عالم (الألحان) بألحانها للاعمال الشعرية الرصينة، فانعدام وقلة الملحنات عندنا امر محير جداً، فهل القضية تتعلق بالجرأة ام ان التلحين لا يناسب المرأة وخاص بالرجل؟ فالساحة مليئة بالمطربات والشاعرات، وهذا يؤكد أن المرأة السودانية مثلما تقدمت بدرجات متفاوتة في مجالات الطرب والتأليف والعزف، يمكنها أن تلحن وتجيد اللحن وتخرج ألحاناً تمتلك ناصية الإبداع.. الآن انه من المؤسف أنّ (المبدعات) تقدمهن في عالم التلحين لم يحظ ببوادر مشجعة ولم يستحوذ على اهتمام المسؤولين والمهتمين بأمر الفن، ونعلم ان هناك (فتيات) كثيرات يذهبن الى المعاهد الموسيقية، لكن لا تبرز اسماؤهن في مجال الالحان على الاطلاق إلا من القليلات واللائي يقدمن تجربتهن في (خجل) مما يؤدي الى انعدام موهبتها في مهدها، بينما يكون اسم الرجل مؤلفاً وعازفاً وملحناً ومغنياً! وحول ذلك ارجع الموسيقار (انس العاقب) غياب الملحنات من الساحة الفنية الى طبيعة (المرأة) وأحاسيسها، وقال العاقب ل (الرأي العام): التلحين عملية طويلة ومعقدة (مقدمة وموسيقى ولحن) والمرأة مع مشغولياتها المنزلية ربما تمنعها عن الدخول الى عالم (اللحن)، مشيراً الى ان الغناء الفني عموماً اخذه الرجال من (النساء)، والنساء اغلبهن مؤلفات وملحنات غناء الحماسة في البادية ويطلق عليها (الحكامة)، وأيضاً غناء الدلوكة معظمه من ألحان (نساء) ولكن مستواه لا يصل الى مستوى الاغنية الحديثة، لان الحديثة لها شروط محددة تتماشى مع حداثتها، وقال: غناء المدينة المطروح عبر اجهزة الاعلام المختلفة كله لملحنين، لا يوجد من بينهم (ملحنة)، واضاف: عموماً المرأة مقلة في قيادة الاوركسترا والعزف واللحن باستثناء (اسماء حمزة)، وقال: لكن هناك فنانات (لحن) لأنفسهن مثل (عائشة الفلاتية ومنى الخير وفاطمة الحاج).. بينما قالت الاستاذة (اسماء حمزة) ان (المرأة) قديماً قدمت الكثير من الالحان بالرغم من الدائرة الضيقة التي كانت تتحرك فيها بفعل (العادات والتقاليد) إلا أن العصور القديمة كانت تتصف بنشاط فني وغنائي تزعمته النساء بالذات وتفوقن على الرجل فيه، حيث كانت الفتيات يلحن الأغنيات التي يقدمنها في البلاط او القصر، وقد احتوى كتاب (الأغاني) لأبي الفرج الأصفهاني على الكثير من أسماء أولئك الملحنات! وقالت أسماء: المرأة يمكنها ان تلحن اذا وجدت المؤازرة والتشجيع ، فهي صارت مغنية فكيف لا تكون (ملحنة). يقال إن للمرأة تكوينا فسيولوجيا مختلفا عن الرجل، الأمر الذي أوجد بالضرورة اختلافاً في جهاز الوعي عندها وهو الجهاز المسؤول عن تكوين الخيال، حيث أن التلحين والتأليف الموسيقي نوع من الخيال، فاعتقد أن عدم اقتحام النساء له مرتبط بمحدودية الخيال عندهن مقارنة بالرجال، فلهذا السبب يمكننا أن نفسر هذه الندرة في الملحنات بالساحة الفنية السودانية، او ربما يعود إلى عدم الجرأة لخوض هذا المجال!.