أجمل ما في التجربة (المقرفة) التي ادخل فيها أيمن نور السودان ومصر خلال الأيام المنصرمة ذلكم الوعي الرسمي في الخرطوموالقاهرة بضرورة ضبط النفس والانتباه الى خصوصية العلاقة التي لا تحتمل الهزات والأزمات.. صبر الخرطوم على ما جاءها من رشاش الكيد السياسي في القاهرة دلل على وعيها الكبير بطبيعة الانفعالات الصادرة من بعض (أرزقية) السياسة هناك، من الذين لا يفرقون بين (الاستراتيجي) و(التكتيكي) في معارضتهم لنظام الرئيس مرسي، الأوضاع السائلة في مصر ضاعفت حرص الخرطوم على تجنيبها المواجهات والأزمات وإقالة عثرتها حتى تتجاوز المرحلة التي انتجها غياب نظام الرئيس السابق محمد حسني مبارك. مسارعة مصر الرسمية للاعتذار للسودان، وتطييب خواطر الخرطوم في اعقاب ما صدر من اساءات تولى كبرها أيمن نور صاحب الملف (المقرف) كان أمراً مقدراً يعبر بوضوح عن حرص القيادة المصرية على السودان ورعاية العلاقات التاريخية،مدير المخابرات المصري قدم اعتذاره في الخرطوم وغفل راجعا لتلافي ما يمكن ان يصدر في القاهرة من تصريحات ومواقف تحاول تأزيم وضعية مرسي لكنها لا تراعي البعد الاستراتيجي في ملفات تعبث بها لاحراج مصر الرسمية. أمس الأول اتخذت الهيئة العليا، لحزب غد الثورة المصري، قراراً بفصل رئيس الحزب، أيمن نور، بعد تصريحاته المسيئة للسودان. الهيئة اعتبرت، تصرف نور، من الأمور التي تضر بمصر، وتتعارض مع أهداف ومبادئ الحزب الداعمة للتعاون، والتكامل الاقتصادي والسياسي، مع السودان.، رئيسة الحزب بالإنابة، شيرين إبراهيم، قدمت ، اعتذاراً مكتوباً للسودان، أثناء لقائها بسفير السودان بالقاهرة، كمال حسن علي، معتبرةً تصريحات نور، رأياً شخصياً لا يعبّر عن الحزب، ويتناقض مع قيمه ومبادئه الرئيسية. هذا التطور كذلك يعزز القول بان هنالك عقلاً جمعياً ينتظم احساس النخب في البلدين بأهمية كل طرف للآخر، هذا المبدأ أصبح عصياً على التجاوز مهما بلغت درجة الخلاف ووصلت التوترات الى مداها. أمثال أيمن نور بتجربتهم السياسية المتواضعة ومواقفهم الفجة وتواريخ انتماءاتهم السوداء لا يميزون بين الاستراتيجي في السياسة والتكتيكي المهم بالنسبة لهم احراج مرسي، فحتى السودان وعلاقة وادي النيل بمشتركاتها وقيمتها الجغرافية والتاريخية أصبحت جزءاً من ادارة المعركة من أجل الكرسي. كان الله في عون مصر والسياسة تدار فيها على طريقة (رزق اليوم باليوم) من قبل مبتدئين لا يحسنون إدارة السياسة بوعٍ يراعي النأي عن إثارة الحساسية والزكام ، ولا يفرقون بين ما يضر مصر وما ينفعها. (قرف) أيمن نور وضعنا على منصة قناعات راسخة أكدت سعي الخرطوموالقاهرة لإدارة العلاقات الثنائية بالقدر الذي يجنب البلدين الهزات والأزمات. شكراً حزب غد الثورة المصري وأنت تعمل سيفك البتار وتفصل أيمن نور لأنه حاول الإساءة للسودان، فأمثال نور لا يستطيعون أن يسيئوا لهذا البلد الذي لا يدير بالاً لأمثال أيمن نور، ولتبقى العبرة من (قرفه) الذي دلقه على ملف العلاقات بين البلدين هي ما يثلج الصدر، ضبطاً للنفس ووعياً باستراتيجية العلاقة وحرصاً على تحريرها من تأثير البغاث.