أعجبتني جرأة (النيل الأزرق) هذا العام وهي تقدم أصواتاً «جديدة لنج» في برنامج (أغاني وأغاني).. القناة تجاوزت بهذا الفعل الصحي جداً حالة الكسل التي تعتري أداء القنوات الفضائية وهي تشتري رضاء المشاهدين ب (الجاهز) و(المتاح) دون أن تكلف نفسها كثيرعناء. عدم المغامرة بالجديد سلوك يفوِّت فرصاً كثيرة على موهوبين يحتاجون إلى الضوء حتى يعرفهم الناس.. القنوات الفضائية تلعب على (الجاهز) ولا تهيئ فرصة للجديد إلا على سبيل التسابق والتنافس على الأضواء (نجوم الغد نموذجاً). نجح السر قدور بحسه العالي، وتميز الشفيع عبد العزيز باستثنائية اختياراته في خلق توليفة باهرة استطاعت أن ترسخ لقيمة البرنامج في وجدان المشاهدين.. شخصياً سعدت جداً وأنا أشاهد وجوهاً لم أألفها، واستمع لأصوات لم تطرق باب أُذني من قبل.. الحياة السودانية بحاجة إلى التجديد في كل شئ. نعم افتقدنا أصواتاً على قدر من الثراء الطروب والمقدرات الفنية العالية بعضهم تخطفهم الموت مثل الملك نادر خضر والسلطان محمود عبد العزيز، وآخرين أخذتهم الغربة أمثال الرائعة أسرار بابكر والمبدع عصام محمد نور.. ولو ظللنا نرابط في انتظارهم لتوقف البرنامج ولكن يبقى الرهان على حواء الفن السوداني الولود. في العام الحالي لم نرَ شريف الفحيل، ولم نستمع لأفر اح الشعب، وغابت أصوات ريماز ومنار صديق ورغم تميز هؤلاء إلاّ أنّ غيابهم لا يعني أن ننصب المشانق لبرنامج (أغاني وأغاني) وبدلاً عن الإشادة بإدارة النيل الأزرق وهي ترد بياناً بالعمل على اتهامها بمجاملة البعض على حساب ذائقة المشاهد، أرى أنها تعاتب الآن على تقديمها لأصوات جديدة. مصطفى السني فنانٌ مكتمل الأركان ومبدعٌ من زمن العمالقة سعدت جداً بانضمامه لمجموعة (أغاني وأغاني)، مقدرات هذا الشاب المعتق ب (حنجرة زمان) لا أظنها محل خلاف.. معتز صباحي قدرة عالية على التطريب وتميز واضح في الأداء.. نسرين الهندي.. معاذ.. أصواتٌ مألوفة ظللنا نستمع إليها في كثير من القنوات والبرامج فلماذا يهاجمون الآن..؟ النجاح الذي يحسب لهذا البرنامج هو تقديمه لأصوات كبيرة أظهرت تميزاً بائناً في أداء الأغنيات هذا العام.. هؤلاء المبدعون الصغارسيمثلون إضافة نوعية للساحة الفنية إن وجدوا من يتعهدهم بالرعاية والتوجيه، (زُحل ? فاطمة ? منى - أحمد مأمون ونادر عثمان جمال الدين) قدرات مهولة وحناجر طروبة فاجأتنا هذا العام وهي تنزع المايكروفون من أفواه الكبار و(القدرهم). من تجاوزهم الاختيار هذا العام قدمهم (أغاني وأغاني) للجمهور، وأنجبتهم وعاءات برامج القناة المختلفة، وفي هذا الأمر تأكيدٌ على دور النيل الأزرق في اكتشاف المواهب وتقديمها للساحة الفنية، فمن العدل ألاّ تحتكر هذه الميزة وأن تنداح إلى آخرين يستحقون أن يسمعهم الناس. استعجل البعض في الحكم على البرنامج، بعضهم استخدم مؤثرات عاطفية وظفت تأخر بث حلقة الراحل (الحوت).. وآخرون ركزوا على الأصوات الجديدة دون إخضاعها لحالة فحص نزيهة ومنصفة. (على كلٍّ) مازال (أغاني وأغاني) يتوج نفسه ملكاً على البرامج الرمضانية، وينافس (الحلو مر) عذوبةً وجماهيريةً.