«الداعي مدعي» حكمة يطلقها أهلنا الكبار للتحذير من أن الدعاء على الآخرين يرتد على صاحبه، وقد اشتهر البعض من نسوانا بإبداع فنون الشتم والدعاء بصورة لا يجاريهن فيها أحد، ووكل من يحاول رصد ظاهرة الدعاء على الآخرين، يكتشف بسهولة ان أكثر من يشقى بالدعاء عليهم هم شريحة العيال المشاغبين، ولو استجيب لنصف دعوات الامهات الغاضبات على اطفالهن لما ظل فيها (شافع حايم) ولكن رحمة الله واسعة. كانت (شريفة قريبة تعتبر (سوبر دعّاية) قبل أن يمن الله عليها بالتوبة من المداعاة، ورغما عن شدة شفقتها على أولادها التى تعتبر مضربا للأمثال إلا أن حكاية الدعاء عندها كانت مسألة (قريفة ومزاج)، والطريف أنها كانت في مرة تنادي على ابنها ولكنه لم يجيها بل مشى إليها في صمت حتى وقف أمامها فصاحت فيه في غضب : مالك ياولد ساكت ساي وما قاعد ترد على ؟ أجابها مبررا : لو قلتا ليك نعم .. حاتقولي لي .. النعامة التزوزي بيك ! وإن قلتا ليك شنو.. حاتقولي لي .. الشنّينة التقطعك ! وإن قلتا ليك آآي .. حاتقولي لي .. اللوايه التلوي حنكّك ! وإن قلتا ليك هوي .. حاتقولي لي .. الهوا الامزعك ! أها مش أحسن أسكت وما أقول أي حاجة لمن أجيك؟!! استمعت إليه في دهشة ثم قالت في غضب: القلقُولة التسد حلقك .. بطّل الفصاحة دي !!! كذلك كانت لنا جارة بنفس المواصفات مما جعل أطفالها يلتقطون منها تلك الموهبة بل ويبزونها فيها فقد سمعت ابنها الصغير يشكو إليها من أخواته ويقول: إن شاء الله بناتك ديل بالرصاصة الترصصم ليك واحدة.. واحدة!! والغريبة .. أنني لم استوعب يومها قصده ب (الضبط) .. كل واحدة تجيها رصاصة براها .. ولا رصاصة واحدة ترشهم كلهم (يعني تمرق من دي وتخش في دي) لمن تقرضم كلهم. هناك أيضا الدعاء الاجتماعي، مثلا لو جات واحدة تهني في مناسبة فرح متأخرة أو جات بيت البكاء وبدل أن تجتهد إجترار الدموع بالكضب أثناء المعزى، ترفع يديها بالفاتحة ثم تجمعهم هي تقول: ان شاء الله البركة فيكم. حينها يكون نصيبها صاروخ أرض جو بالقول: يبركوا فيك خنق يايمة !! .. مالك ما بتبكي على المرحوم؟ .. بتكشحي فينا الفاتحة زي الرجال مالك ما وجعك ولا ما بيستاهل ترمي عليهو دميعاتك ؟!! وأخيرا هناك دعاء المتشببات ومدعيات الصغرة، فإذا فقدت حصافتك التملقية في لحظة غفلة وناديت على إحداهن ب يا حاجة.. يأتيك الرد مستعجلا: تحجي بلا قرعة أو تحجي في جمل أعور!.. وإن قلت: يا خالة.. تبادرك بالقول: خلال الشوك! وإن قلت: ياعمة.. فقد تصادف من لا تحب العمعمة فتدعو عليك ب( العمى الاداكسك) أو (الليليسك) ايهما أسرع إلى فمها ! بينما كنت أسير أمام مخبز أثناء ممارستي لرياضة المشي الصباحي، مررت بجوار إثنين من العاملين فيه، كانا منهمكين في جمع طاولات العيش، ويبدو أن كثرة مروري الىومي بين أيديهم حفزتهم لمحاولة معاكستي، فقد فوجئت بصوت أحدهم يحذرني للانتباه: أعملي حسابك!! ألتفت بسرعة لأجده يمر بالقرب من رأسي بطاولة خشبية .. إنحنيت وملت على الجنب بسرعة لأتفادى الاصطدام بها .. فقال الآخر منبها رفيقه: أوعى .. خلي بالك من راس خالتك!! إلتفت إلى الخلف في استغراب ف الإتنين كانوا (يلدوني واقفين على حيلم ) على قول أماتنا الكبار .. واصلت طريقي وأنا أتمتم في غيظ: أنا خالتك .. الخوخا التقلع ضروسك واحد .. واحد !!