التجارب الانسانية علمتنا ان السلام لا يمكن أن يكون مستداما ونهائيا بحسن النوايا فقط او بتعهدات السياسيين الموقعين على اتفاقيات السلام مهما كثر شهود الاتفاق وعظم ضامنوه، فربما أفلح هؤلاء فى إنهاء الحرب بوقف اطلاق النار ولكن ذلك لا يمثل سوى جزء من المطلوب وليس كل المطلوب، ولكن السلام الحقيقى يتنزل على الارض سلوكا وثقافة يومية وسط الواطئين جمر الحرب ومرارة النزوح والتيه وكل مآلات الحرب اللعينة، ومن المؤسسات التى تنهض بمهمة نشر ثقافة السلام بجانب مركز دراسات ثقافة السلام بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا ، معهد الدراسات الافريقية والآسيوية من خلال مشروع طموح هو مشروع الموسيقى للسلام الذى يموله الاتحاد الاوروبي ، وبعد عامين من العمل الدؤوب فى هذا المشروع وجه القائمون على أمر المشروع الدعوة لعدد من الزملاء الاعلاميين للوقوف على التجربة من خلال ورشة عمل حملت عنوان :( مشروع الموسيقى للسلام بين النظرية والتطبيق) بقاعة الشارقة الصغرى يومى الرابع والخامس من نوفمبر الجاري. استهل البروفيسور الامين ابو منقة مدير معهد الدراسات الافريقية والآسيوية بجامعة الخرطوم اللقاء بمدخل تعريفى مختصر عن المعهد ودوره فى الحياة الثقافية السودانية حيث قال ان المعهد تطور من وحدة ابحاث السودان وكان معنيا بالبحث العلمي وبرامج الدراسات العلىا ذات الصلة المباشرة بالتراث واللغات السودانية والافريقية وبشر بقرب افتتاح اكاديمية الملكية الفكرية كأول اكاديمية من نوعها فى افريقيا فى اطار توسع المعهد ، وبما انه فضل ان يترك الحديث عن الموسيقى لمنسق المشروع الدكتور علي الضو ولكنه اكتفى بمقدمة فلسفية لمفهوم الموسيقى التى قال انها لغة مشتركة تلعب مع الطرق الصوفية ادواراً مهمة فى اذابة الحواجز بين الناس فى البلاد ، ومن ثم تحدث الدكتور علي الضو منسق المشروع المديرالمساعد لارشيف الموسيقى التقليدية بالمعهد عن المشروع الذى قال انه يهدف الى تطبيق ما جمع من الموسيقات التقليدية فى فترة سابقة وسط مجموعات شهدت نزاعات للتذكير ليروا انفسهم وقراهم والعلاقات الاجتماعية عبر العروض الموسيقية والرقص التى تم تصويرها فى ازمان خلت ، وتعاد الآن مشاهدتها ، وقال انه عندما أُعيدت مشاهدتها لهم حدثت انفعالات نفسية دقيقة فبعد عشرين عاماً أمن الزمان القرى تدهورت والمدارس صارت حطاماً هذا هو أثر الحرب ، واضاف نظريا كان الغرض من المشروع تحريض الناس على التعايش مع الآخر عبر العروض الموسيقية وانتاج عروض موسيقية جديدة وبث رسائل عن الحرب والسلام. وقال الدكتور علي الضو ان الجمهور المستهدف من المشروع كان تلاميذ المدارس وطلاب الجامعات والمناطق هى: النيل الأزرق وجبال النوبة، وأوضح ان تلاميذ المدارس استهدفوا بالمشروع غرس روح السلام والتعايش بينهم وطلاب الجامعات للحد من ظاهرة العنف داخل الجامعات ، وروى تجربة بمنطقة النيل الازرق تمثلت فى ارسال اطفال من المنطقة الى ايطالىا لتقديم عروض للموسيقى التقليدية ، فنجحت التجربة وتحدثت عنها وسائل الاعلام الايطالىة واعطت انطباعا بقيمة ثقافة هؤلاء الناس وقيمة الثقافات المحلية . وأثمرت جولات المشروع فى النيل الازرق وجبال النوبة عن تكوين جمعيات للموسيقى من اجل السلام وشاهدنا فى العرض بالفيديو المصاحب كيف ان الناس كانوا منفعلىن بالمشروع ومتحمسين له ، وثمة مشهد توقف عنده الجميع ، وذلك بمدينة الدلنج حيث تحدثت قائدة من قوات الاممالمتحدة لحفظ السلام هناك وهى جامايكية الاصل بانفعال عن دور الموسيقى فى السلام واعلنت انضمامها لجمعية الموسيقي هناك وسددت رسوم اشتراكها فورا. وعد الدكتور علي الضو بتوثيق التجربة من خلال شريط صوتى وكتاب باللغتين العربية والانجليزية يحوى المقترح وتقارير عن اوراق العمل تملك للاعلاميين، واشار الى ان اضعف الحلقات فى العمل كان الاعلام عن المشروع وتمنى تجاوز ذلك مستقبلا كما أن اغلب الجامعات ماطلت فى اقامة هكذا نشاط داخلها رغم انها ابدت موافقات مبدئية عدا كلية علم النفس جامعة الخرطوم وجامعة الدلنج التى شهدت واحدة من انجح النشاطات .