قبل نيف وعشرين عاما قادتنى الظروف لزيارة مدينة بروكلين بولاية نيويورك بالولايات المتحدةالامريكية.. وبروكلين هى (للعلم) مسقط رأس (آل كابونى) وإسمه (ألفونس كابوني) الملقب ب (وجه الندبة) المولود فى 1888م وهو أبرز رئيس مافيا فى تاريخ العصابات الأمريكية المنظمة حيث هاجر والداه من مدينة (نابولى) فى إيطاليا ليستقرا فى هذه المدينةالأمريكية ليبدأ بعدها مع ثلة من (اللاجئين الإيطاليين) فى تكوين عصابته المعروفة التى عمت شهرتها الآفاق. وكعادة السودانيين ما أن يحل بمدينتهم ضيف أو زائر حتى تبدأ (العيزومات) فهذا يعزمك على العشاء وذلك على الغذاء وأولئك على فنجان شاى أو قهوة.. خلال فترتى القصيرة التى قضيتها هنالك كنت أراه فى كل المجالس حيثما أذهب.. شاب ذو (عضلات تبش) ومقانص (مدردمة) كما كرة (التنس) فارع الطول عريض المنكعين شلولخ.. يرتدى فى الغالب الأعم بنطال من الجينز المحذق الذى يظهر عن رجلين (رقاق) كما قلم (الثرى إتش) على غير تناسق مع الجزء العلوى الضخم المتانسق الذى يرتدى عليه (دااايمن) فنيلة (كت) أى (تى شيرت نصف كم) لزوم إستعراض تلك الاسلحة الفتاكة!! عندما صافحنى بيده لأول مرة عاجلت يدى اليمنى باليسرى بعد مصافحته مباشرة لتليينها وتدليكها بعد أن قام بعصرها بقبضة يده الضخمة عصرة واحدة كدت بعدها أن أصرخ من الالم.. بعدها علمت أنه من الأفضل لى إذا حاول مصافحتى مرة أخرى أن أعتذر بأي شيء.. (يدى وسخانة) .. أو عمل مشغول (بأى حاجه) المهم ما أديهو فرصة (فيها تانى) وقد كان.. فحينما وجدته - اثناء زيارتى تلك - مرة أخرى فى شقة أحد الأصدقاء تظاهرت بإتساخ يدى وأعطيته (مرفقى) عوضا عن يدى (وكانت غلطة حياتى) حيث إضطررت بعد ذلك إلى دهنه بالدهان الخاص بإصابات الملاعب وربطه (حيناً من الدهر) بذلك الرباط الذى يعطى لمصابى الكسور من الدرجة الأولى.. (الجقر) وكان هذا لقبه (عاجباهو روحو) تب.. عندما يمشى مشيته (المتبخترة) تلك فى الشارع أو عند دخوله لأى محل فإن (الخواجات) ينظرون إلى عضلاته وطوله الفارع فى إعجاب.. قبل إنتهاء زيارتى بأيام قلائل وبينما نحن جلوس فى شقة أحد الاصدقاء أخرج أحدهم (كراسة) من جيبه وأمسك بالقلم ثم قال: - يا جماعة ده الكشف بتاع الجقر.. - (أنا فى براءة): يا سلام بالله الجقر داير يعرس؟ - عرس شنو إنت ما حكو ليك حكايت الجقر؟ وحكى لي ذلك الشخص الحكاية والتى تقول بأن أحد صغار مراهقى (بروكلين) والذى ينتمى لإحدى العصابات الصغيرة المنظمة حاول إبتزاز صاحب بقالة (عربى) فما كان من صاحب البقالة الذى إنتشى وهو يرى (الجقر) قاطع الشارع وجاى عليهو إلا أن قام بزجر (الشافع الزنجى) ظنا منه أن (السودانى) ح يحسم الموضوع.. يقول الشهود الذين شاهدوا الحادث أن (الجقر) بدأ كعادته فى (ترقيص) عضلات صدره وقام برفع يديه فى شكل زاوية قائمة حتى يقوم بإظهار تلك (المقانص) والعضلات (التبش)، كل ذلك و(الشافع) يرمقه بنظرة متهكمة ثم ما أن قام (الجقر) بإنهاء ذلك العرض حتى عالجه (الشافع النحيف) بضربة واحدة (فقط) على رأسه طار بعدها (الجقر) امتاراً فى الهواء ثم هوى مرتطماً بالأرض وهو (كاضم)!! تم نقل (الجقر) كما يقول الشهود بعد ذلك بسيارة الإسعاف إلى أحد مراكز العناية المركزة الذى جاء فى تقريره أن (الجقر) قد اصيب بإرتجاج فى المخ وتهتك فى عضلات الرقبة وخلل فى وظائف الغدد الليمفاوية وإنفصال فى الشبكية مع كسر فى (الفك) السفلى!! وقال الذين ذهبوا لمعاودته أن زيارته ممنوعة وانهم إكتفوا برؤيته عبر زجاج حجرة العناية المكثفة وقد تم تركيب وتوصيل عدد من الأنابيب والأجهزة ذات (العدادات) ولوحات التحكم مختلفة الاشكال والألوان. بعد أن قمت بسماع القصة (المحزنة) والتى فيما يبدو أنها قد سطرت نهاية (الجقر الأسطورة) أخرجت من حافظة نقودى (عشرين دولار) وضعتهم فى كشف (الجقر) الذى لم يتم إخراجه من المستشفى حتى إنتهاء زيارتى تلك. بالأمس وأنا أحاول الدخول لأحد المستشفيات لزيارة قريب لى وجدت (خفير الباب) عامل ليهو (شمطة) مع شخص طويل القامة يرتدى بنطلون جينز كرعينو (رقاق) ويرتدى فانيلة (تى شيرت) ضيقة تظهر صدراً واسعا وسواعد (مفتلة).. سرعان ما تبينت إنو هو (الجقر) داااك (الما بغبانى): - يا الجقر ياخ خليك عاقل.. نظر لى فى إزدراء قائلاً: - عاقل شنو يا زول؟ بتعرفنى كمان من وين!! - حقيقة والله ما بعرفك لكن تتصور أنا طالبك عشرين دولار!!