(زمنَّا الكُنَّا لا ندري بما كان الزمن ضامر) – كما تقول أغنية الحقيبة – كنا نهتف ملء شدقينا (لن يحكمنا البنك الدولي)، وكان هذا هتافاً مُتَّفقاً عليه سودانياً ولكن تبدَّلت الأحوال فتوارى هذا الهتاف، لا بل وصلنا مرحلة (لن يحكمنا غير البنك الدولي) ولكن دون هتاف فقد ثبت لنا أن هذه المؤسسات المالية العالمية من بنك دولي وصندوق نقد دولي لديها القدرة على تركيع أي دولة ترفع سبابتها اعتراضا عليها وهذه قصة أخرى كذلك من الهتافات المحببة والمتفق عليها (داون داون يو إس إيه)Down Down USA فاستطاعت الولاياتالمتحدة أن (تورِّينا المَكشَّن بلا بَصَلَة) فوصلنا مرحلة (عاشت الولاياتالمتحدة) Long Liveمناسبة هذه الرمية السعادة البالغة التي نتناول بها أخبار وصول وفود من أمريكا لبلادنا بعد الرفع الجزئي للعقوبات الأمريكية على السودان، تلك العقوبات التي استمرت عشرين عاما ذُقْنَا فيها (الويل وسهر الليل) كما غنى المُغنِّي، وهي سعادة لا تنبع من فراغ كما سنرى. يُقال والعهدة على الرواة أن شركة شيفرون كان وجودها في السودان متزامناً مع إعلان الرفع الجزئي للعقوبات في تلك الجمعة أي أنها كانت عالمة بالقرار فأوفدت مناديبها لاستعادة عرشها على بترول السودان الذي كانت هي المُكتشفة له وعلى ذمة الرواة أن تفاهماتها قد قطعت شوطاً بعيداً لكن نحن (كان ما شفنا الحفارات الضخمة التي تملأ شارع الزلط وتقطع لها الكهرباء كما حدث لليخت الرئاسي لن نصدق). أما الخبر الأكيد فهو وصول المستر بل السيد أيمن خطاب المدير التنفيذي لشرق أفريقيا لشركة جنرال إليكتريك الأمريكية الشهيرة، فهذا الرجل قاد تفاهمات كثيرة مع جهات متعددة في البلاد وصرح بعضمة لسانه بأنهم سوف يستثمرون في قطاع الطاقة تحديدا البترول والغاز وفي قطاع النقل والصحة وأنهم على استعداد لتمويل الكثير من المشاريع، ووضع الرجل إصبعه على الجرح عندما صرح أن تأهيل السكة حديد وسودانير على رأس أولويات شركة جنرال إليكتريك (سيادتك أكان تشيل معاك سودانلاين التي أصبحت بدون سفن). ما تقدم (بشريات)، كما يقول الجماعة ولكن الكلام دخل الحوش عندما وقعت شركة دال مع شركة كاتربيلر والتي تعرف اختصار بال (CAT ) تلك الشركة المتخصصة في الآليات الثقيلة على العودة للتعامل مع شركة ستراك التابعة لدال مباشرة فالعقوبات جعلت شركة دال تُحوِّل وكالتها للسعودية، وكان توقيعا مشهودا ضجت به الأسافير وحاول البعض وبخبث أن يبخس الأمر بالقول إن التوقيع كان مع شركة كنتاكي. وقال آخرون إنه مع ماكدولاند ولكن المؤكد أنه مع (الكات) ذات نفسها. ثم وصل وصول الجماعة قمة سياسية عندما حملت أخبار مطلع الأسبوع اجتماعَ وفدٍ من رجال الأعمال الأمريكان مع السيد رئيس الجمهورية، وقد كان مانشيتاً طروباً في كل صحفنا. هناك مفرزة أخرى من الجماعة نفسها قد وصلت، ولكن تم تناول وصولهم بصورة خجولة، إذ أفردت لها الصحف حيزاً ضيقاً دون تكرار وهي وفد خفر السواحل التابع للبحرية الأمريكية لبورتسودان وما زالوا يتجولون في موانئها (خليهم يتجولوا)، هكذا لسان حالنا و(أنا ما بفسر وإنت ما تقصر).إن وصول الجماعة بالكيفية أعلاه يشي بأن الرفع الجزئي للعقوبات سيكون أقرب إلى الرفع الكامل والنهائي في يوليو القادم أو على الأقل أن الرفع الجزئي سوف يستمر ولن يتراجع عمنا ترامب عنه وإن أبقى على اسم السودان في قائمة الدول الداعمة للإرهاب (خلي اليبقى)، فالمهم الجانب الاقتصادي والأهم أن المقاطعة الأمريكية لم تكن أمريكية فقط، بل كانت عالمية (عديل كدا) ومن هنا جاء الترحيب بوصول الجماعة، وعاش