في ظل حالة التدهور الأمني والإنساني المريع التي تشهدها دولة جنوب السودان والورطة السياسية العميقة التي تهاوت بداخلها حكومة جنوب السودان، فإن خبراً مثل الخبر الذي بثته إذاعة (نم لاو) المحلية بولاية شمال بحر الغزال حول نية سلفاكير في التنحي والذي عادت وابتلعته لاحقاً، ليس من نوع الأخبار التي يمكن أن يبثها إعلام معادٍ لحكومة سلفاكير، بل هو من نوع الأخبار التكتيكية التي من الممكن أن تصنعها آلة الإعلام الرسمي في جنوب السودان لتنال الحكومة الغارقة فرصة لأخذ (نفسها) بفعل هذه الشائعة، وبالتالي فإن الناطق الرسمي باسم الرئاسة في جنوب السودان أتينج ويك والذي خرج في مؤتمر صحفي بعد انتشار هذا الخبر الذي نقلته الصحف السودانية، خرج ليكيل (الشتم) والتحقير للصحافة والإعلام السوداني ويتهمه بأنه (يشوه صورة بلاده)، بكونه ينشر الخبر الذائع عن نية الرئيس سلفاكير التنحي عن الرئاسة، واصفاً الصحفيين السودانيين بعدم الكفاءة المهنية . ولو كان أتينج هذا متأكداً من أن هذه الشائعة كما وصفها (خرطومية) المصدر، فقد كان عليه حينها أن يشكر الخرطوم على مساعدتها لهم في امتصاص نسبة من الاحتقان المتفجر في دولته المحروقة . لأن السودان لو كان يسعى لاستهداف نظام سلفاكير فإن أفضل طريقة وأقرب طريق لنهاية هذا النظام، هي تركه في حاله وترك حكومة سلفاكير لتواصل جهودها المندفعة لكتابة النهاية العاجلة لوجودها وإزالة نفسها بنفسها وبفعائلها.. فما تفعله وتمارسه من غباء وحماقات وجرائم كفيل وكافٍ جداً لاستعجال نهايتها.. كما أن تعنت سلفاكير ومكابرته وإصراره على الجلوس على تلال الرماد في دولته المحترقة، هو (عز الطلب)، بالنسبة لأي طرف معادٍ لدولة جنوب السودان . لكن الواقع يقول إن خبر نية سلفاكير في التنحي هو خبر جنوبي المصدر وليس بعيداً عن مطبخ أو (تُكُلْ) صناعة القرار في دولة جنوب السودان والذي دفع به إلى مايكرفون إذاعة (نم لاو) الناطقة باللغات المحلية، ليخفف شيئاً من حمولة الضغط العالي على السلطة الحاكمة في دولة جنوب السودان . ثم إن صورة بلادكم (جنوب السودان) يا أتينج لا تنتظر الصحافة السودانية أو الإعلام السوداني أو أي جهة أخرى غيركم ليشوهها، فهي في أوضح نماذج الصور القبيحة الشائنة الشائهة في العالم الآن . شوهتموها بأنفسكم أنتم بالذات.. بل أبدعتم في ذلك.. وحدكم يا أتينج من تتحملون مسؤولية تشويه صورتكم بأيديكم . كما أن حديث أتينج عن قوة وقدرة تأثير الصحافة السودانية في الواقع السياسي في دولة جنوب السودان، هو مؤشر لأشياء كثيرة جداً أهمها أن مواطن جنوب السودان لا يزال يستقي أخباره من الإعلام السوداني، ولا يزال يرتبط وجدانياً بالسودان مما يؤكد أن كل (صنايع) حكومة جنوب السودان لفك ارتباط مواطن جنوب السودان بالسودان وتعميق الكراهية وعدم الثقة، كانت جميعها محاولات فاشلة . نحن الصحفيين غير مسؤولين عن قوة تأثيرنا على المواطن الجنوبي.. غير مسؤولين عن ثقته في الإعلام السوداني وفي مهنيته الأعلى بالتأكيد من مهنية أتينج الإعلامية ومن كفاءة سلفاكير السياسية، إن لم نقل (العقلية) . شوكة كرامة