قضايا إيقاف الحرب وإحلال السلام تتصدر قائمة أجندة رئيس مجلس وزراء حكومة الفترة الإنتقالية الدكتور عبدالله حمدوك، الذي كان واضحاً في ترتيب أولوياته لإدارة الفترة الإنتقالية ، وفق مصفوفة الوثيقة الدستورية التي توافقت عليها جميع الأطراف السياسية بالسودان، حيث بادر بالقول:( أن إيقاف الحرب وبناء السلام المستدام ووقف معاناة الحرب والنازحين ستكون الأولوية خلال المرحلة الإنتقالية ). ورغم الهواجس والشكوك التي تحوم حول مقدرة الإدارة الإنتقالية في حسم ملف السلام مع الحركات المسلحة في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق، وحالة الإشفاق الكبيرة التي طغت علي السطح بعد فشل قوي الحرية والتغيير في دمج تفاهماتها مع الجبهة الثورية بأديس أبابا في الوثيقتين السياسية والدستورية قبل التوقيع النهائي مع المجلس العسكري الإنتقالي، إلا أن التطمينات التي ظل يرسلها حمدوك في كافة لقاءاته الصحفية والإعلامية، ساعدت في خلق حالة من الرضا والإطمئنان وسط الرأي العام السوداني المتطلع بقوة للسلام والحرية والعدالة وإنهاء كافة مظاهر العنف المسلح والإحتكام إلي صناديق الإنتخابات في التنافس السياسي بدلاً عن صناديق الذخيرة. وغني عن القول أن الوضع بعد ثورة ديسمبر المجيدة بات ملائماً لإقناع الحركات المسلحة للإنضمام لركب السلام، وقد أكد رئيس الوزراء الجديد أن لديه إتصالات مع كل الحركات المسلحة مما يدعو للتفاؤل بقدرته لحسم ملف الحرب وتعقيداته، بالإضافة إلي قناعة حمدوك بأنه لايمكن إحداث أي تنمية إقتصادية بالسودان دون الوصول لحلول جذرية لقضايا الحرب والمناطق المهمشة. ولايمكن إغفال المساعي الصادقة والجهود والمبادرات التي قادها في الفترة السابقة عضو مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو ولقاءاته في العاصمة التشادية إنجمينا أركو مناوي رئيس حركة تحرير السودان ود. جبريل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواة السودانية، فضلاً عن لقاءاته بعاصمة دولة جنوب السودان جوبا بقادة جناحي الحركة الشعبية قطاع الشمال قيادة مالك عقار وقيادة عبدالعزيز الحلو. ويتفق أغلب المراقبون والخبراء السياسيون بأن المخاوف مشروعة في مدي تجاوب الحركات المسلحة مع نداء السلام وإنجازه خلال فترة الستة أشهر التي حددتها الوثيقة الدستورية، حيث تم النص فيها بوضوح بأن تعمل الحكومة الإنتقالية لتحقيق السلام خلال الأشهر الستة الأولى من عمرها، ولكن مايعزز هذه المخاوف هو بعض الرسائل التهديدية التي ظلت ترسلها المجموعات المسلحة المنضوية تحت لواء الجبهة الثورية بالعودة لمربع الحرب إذا لم توفي الحكومة الجديدة بما تم التوافق عليه مع قوي الحرية والتغيير بأديس أبابا، حيث تداولت بعض وسائل الإعلام أخباراً عن قيام حركة تحرير السودان بقيادة أركو مناوي بتجميع قواتها والقيام بإستعراض عسكري بمنطقة وادي هور علي الحدود السودانية التشادية مؤخراً، مما شكل العديد من الإستفهامات حول مغزي الخطوة، حيث عدها البعض بأنها جزء من إستعدادت الحركة للدخول للمفاوضات عبر رفع سقوفات مطالبها وإرسال الرسائل بأنها لديها من القوة العسكرية التي تجعلها قادرة علي فرض إرادتها علي الآخرين ، بيد أن بعض المراقبين قلل من الخطوة بحساب أن حركة مناوي جزء من الجبهة الثورية التي تنضوي تحت لواء قوي الحرية والتغيير وبذلك لاتستطيع الخروج عن مايتوافق عليه رفاقها الآخرون في الحركات المسلحة المنضوية داخل الجبهة الثورية، بينما إستغرب البعض للخطوة وتوقيتها خاصة أن إجتماع مجلس السيادة الأول أكد على التواصل مع الحركات المسلحة بإعتبار أن السلام هو من أول مهام الفترة الانتقالية، وأن الإختلاف في وجهات النظر وعدم تضمين بعض البنود، حسب رؤية الجبهة الثورية، من الممكن تداركه بالتفاوض مع كل الحركات المسلحة التي هي ضمن الجبهة الثورية، فضلاً عن أن التواصل مع الجبهة الثورية والحركات الأخرى ما زال مستمراً ولم ينقطع طوال الفترة الماضية.