خرجت بعض الفئات من الشعب السوداني إلى الشارع ونالت من بعض المنشآت والمؤسسات العامة والخاصة في عملية فوضوية تعبيراًعن رأيها ورفضها لباقة الإجراءات المتعلقة بالإصلاح الاقتصادي ورفع الدعم عن سلع بعينها لا تتصل بصورة مباشرة بحياة هؤلاء الذين أحرقوا سيارات المواطنين ودمروا محطات البنزين وهددوا حياة المواطنين عامة، والتعبير عن رفض بعض قرارات الحكومة أمر وارد نشاهده في العديد من البلدان حول العالم.. ولكن كيف يكون التعبير عن هذا الرفض؟ هل يكون بجلب المزيد من المعاناة للمواطن أم يكون ذلك بصورة متحضرة بالوقوف أو السير دون التعرض للممتلكات العامة والخاصة ودون القيام بعمليات التدمير والحرق والنهب. ونحن نعلم أن تلك الإجراءات هي جراحة لعلاج مرض مزمن لحق بالاقتصاد السوداني نتيجة لعوامل ليس لحكومتنا جميعاً اليد عليها أو التسبب فيها.. وهي أدوار موروثة لا يمكن تجاوزها أو تمريرها للأجيال القادمة. فهناك أزمة عالمية للاقتصاد ابتداء من أغنى دول العالم «أمريكا» وانتهاء بدول العالم الثالث المأزومة أصلاً بسبب الاستعمار ونيران الحروب الأهلية أو الاعتداءات الغربية عليها أو نهب المستعمرين لمواردها إبان الفترة الاستعمارية ووضع العراقيل أمام نموها وتطورها بعد أن نالت استقلالها.. فبلادنا شأنها شأن المستعمرات لا تبعد كثيراً عن تلك النماذج من دول العالم الثالث من حروب تستهدف الاستقرار السياسي واستقطاب حاد لخلق عدم الاستقرار ولا تنمية يمكن أن تتحقق في ظل عدم استقرار السياسي والأمني.. فالحروب في الجنوب ودارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق أنهكت الاقتصاد السوداني برغم توفر عوامل قوته وقدرته على الحياة. بجانب العقوبات الجائرة المفروضة على بلادنا من قبل القوى الصهيونية والصليبية والمؤسسات العالمية مثل البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي والديون المركبة التي تهدد مسيرة اقتصادنا القومي حصار وعقوبات تحرمنا من النمو والتطور وتحقيق الاستقرار.. فكانت الإجراءات الذاتية التي اتخذت جزئياً للإصلاح الاقتصادي بعد تشاورات متعددة مع ذوي الاختصاص وعلماء الاقتصاد وخبرائه ومع القيادات السياسية والقوى ذات الخبرة والدراية بنجاعة تلك القرارات وضرورة اتخاذها الآن، لأن الاستمرار دونها سوف تكون العواقب وخيمة والضرر مضاعف يصعب معه القيام بأية محاولات للإصلاح. ولذا فان ما يقوم به البعض من عمليات تخريب لن يحل المشكلة بل سيضاعف المعاناة على أصحاب تلك المنشآت الخاصة المخربة وعلى المنشآت العامة التي هي تخص جميع المواطنين السودانيين بل سيضاعف ذلك من تأثير القرارات وإنهاك الاقتصاد بما سينعكس سلباً على المواطن.. دافع الضريبة. بالمناسبة: حرق الطلمبات.. ونهب الصيدليات والمستشفيات ونهب الموبايلات حتى من البنات والسيدات.. يشير كل ذلك إلى أنه عمل منظم ومرتب! وهل أجريت تحريات عن هوية هؤلاء الذين يديرون هذه الفوضى؟