يشرفني اليوم أن أخاطب القمة السادسة لرؤساء دول وحكومات المجموعة الأفريقية الكاريبية الباسيفيكية بعد أن تشرف السودان باستضافة ورئاسة القمة الخامسة في ديسمبر 2006م بالخرطوم. وبانعقاد هذه القمة في غانا تكون أقاليمنا الستة قد حظيت باستضافة القمة لدورة واحدة. اسمحوا لي في البداية أن اعرب باسم المجموعة عن الشكر والتقدير للأخ جون كوفور ولحكومة وشعب غانا على حرارة الاستقبال وكرم الضيافة التي حظينا بها والتسهيلات التي وضعت تحت تصرفنا منذ وصولنا العاصمة الجميلة أكرا ، والاعداد الممتاز لإنعقاد القمة والشكر موصول للأخ السير جون كابوتن الأمين العام للمجموعة على جهوده المخلصة وتعاونه معنا خلال الدورة السابقة. وعقب وصولنا الي أكرا علمنا مع بالغ الأسف بنبأ وفاة معالي وزير المالية بجمهورية غانا وعليه فإنني أرجو أن أتقدم باسمكم جميعا بالتعازي الحارة لفخامة الرئيس كوفور ولحكومة وشعب غانا ولأسرة الفقيد كما أرجو أن أعبر عن أحر التعازي لحكومة وشعب زامبيا في رحيل الرئيس منانساوا ولا يفوتني أيضا أن أعبر عن صادق المواساة لضحايا العواصف والأعاصير التي ضربت عددا من دول الكاريبي الأعضاء لمجموعتنا مؤخرا. ويستعرض تقرير الأمين العام الذي بين أيديكم تفاصيل الأنشطة والأداء والانجاز والصعوبات التي واجهت المجموعة في العامين المنصرمين. وسأكتفي بتناول بعض الجوانب التي ربما تساعد في إعادة ترتيب الأسبقيات خلال الدورة القادمة وذلك في السياق العام لتطور الأحداث في العالم. لقد كانت سنوات الدورة السابقة عصيبة للغاية في نواحي عديدة ، والبحث عن سلام دائم وتسوية نهائية للنزاعات في المنطقة لا يزال جاريا على الرغم من كل الجهود التي بذلت ثم الصعوبات التي تواجه دول المجموعة بالتوصل الي اتفاق سليم و عادل في مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية مع الإتحاد الأوربي والأعباء المالية الناجمة عن ارتفاع أسعار النفط والغذاء والآثار الخطيرة لتغير المناخ علي اقتصادياتنا في ظروف تتسم بالاضطراب والتقلبات وتشكل النزاعات بين بعض دول المجموعة مصدر قلق وتهديد لوحدة وتماسك المجموعة. وعلى صعيد آخر فإن جولة الدوحة التي علقنا عليها آمالا كبيرة لتأمين شروط أفضل للتبادل التجاري مازالت أبعد ما تكون عن تحقيق النجاح. لاشك أن هذه القمة تنعقد في لحظة حاسمة جدا من التاريخ. ومن المحزن ونحن نجتمع هذا اليوم أن نلاحظ هيمنة سياسة القوة على العلاقات الدولية وأن الدول الصغيرة والضعيفة والتي تشكل الغالبية العظمى من أعضاء المجموعة تتعرض لتهديد بالعدوان والتدخل والتخريب والابتزاز وصنوف من الضغوط والإملاءات من قبل الأغنياء والأقوياء. وهناك مخاوف متنامية بشأن تصاعد وتيرة الحرب الباردة التي تلوح في الأفق والتي ربما تعرض الاستقرار الدولي الهش الي الخطر. كما أن إعلان الحرب ضد الإرهاب دون تعريف واقعي للظاهرة طمس معالم الخط الفاصل بين الحق المشروع للدفاع عن النفس ومقاومة الاحتلال وبين الأعمال والسلوك الإجرامية. إن الواقع غير المنصف للنظام الاقتصادي الدولي الراهن والترتيبات التجارية غير العادلة سوف تكرس التشوهات والاختلالات القائمة ، إذ تجاهلت الاتفاقيات الانتقالية والتي اختصرت على موضوع الوصول الي الأسواق، والمسائل الهامة ذات الصلة بالتنمية والتكامل الإقليمي. وقد أثبت أن التفاوض بشأن اتفاقيات الشراكة الاقتصادية أنه من العسير خلق شراكة اقتصادية ذات معنى في غياب إصلاح حقيقي للنظامين الدوليين النقدي والتجاري. للتغلب على هذه العقبات الخطيرة فنحن بحاجة من بين أشياء أخرى كثيرة أن نعمل مجتمعين لإعادة ترتيب جداول الأسبقيات ابتداءا بتعزيز الوحدة والتماسك والتعاون وتأكيد السيطرة على مواردنا الطبيعية وتفعيل آليات التفاوض الجماعي مع شركائنا لتأمين عدالة في الفرص الاقتصادية والتبادل التجاري وضمان تدفق المعونات لبرامج التنمية وإعفاء الديون. إن ارتفاع أسعار الغذاء الذي - وفقا لبعض الخبراء - يمكن أن يحيل نحو 500 مليون شخص الي دائرة الفقر سوف يهدد جهودنا لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية بحلول عام 2015م والتي تأثرت بالفعل نتيجة لتقاعس المانحين عن الوفاء بالتزاماتهم وغير ذلك من العوامل العالمية. وإننا نناشد شركاءنا الأوربيين والمجتمع الدولي بوجه عام للتعامل مع هذه المسألة بالجدية والمرونة اللازمة لتفادي المجاعة وحماية الفقراء ولست في حاجة الي التأكيد على الأثر السياسي لهذه الأزمات فقد طالت أعمال الشغب ذات الصلة بالغذاء بعض بلداننا بالفعل. كما تأمل المجموعة أن تؤدي مفاوضات منظمة التجارة العالمية في إطار خطة الدوحة للتنمية الي نتائج عادلة ومتوازنة تراعي اهتمامات ومصالح البلدان النامية وبشكل خاص أقل البلدان نموا. اسمحوا لي وقبل الختام أن أطلعكم على تطورات الأوضاع في السودان ففي إطار جهودها لتعزيز السلام والديمقراطية والتنمية عكفت حكومة الوحدة الوطنية على تنفيذ اتفاقيات السلام الثلاثة في الجنوب ودارفور والشرق في ظل تحديات مستمرة لجميع الأطراف وتمكنت بدعم من المجتمع الدولي في إحراز تقدم ملموس في مجال الأمن والسلام والتنمية. فقد توقفت الحرب في الجنوب والشرق تماما وبات الأمن مستتبا في معظم ولايات دارفور الثلاث وانطلقت مشروعات التعمير وبرامج الإنعاش والتنمية في المناطق المتأثرة بالحرب وشرع النازحون واللاجئون في العودة الي قراهم ، وتستجمع الأحزاب السياسية طاقتها لخوض الانتخابات في العام القادم في ظل مصالحة ووفاق وطني شامل. وتذكرون أنه في الرابع عشر من يوليو 2008م قام المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية برفع دعوى بارتفاع جرائم حرب ضد الإنسانية والإبادة الجماعية يزعم أنها ارتكبت في دارفور وطلب إصدار أمر قضائي بالقبض على رئيس جمهورية السودان. تشكل خطوة المدعى العام غير المسبوقة عائقا لعملية السلام والمصالحة الشاملة في السودان بعد أن دخلت مراحلها النهائية وتعرقل مفاوضات السلام في دارفور إذ أنها ترسل إشارة سالبة لحركات التمرد في دارفور مفادها عدم الجلوس للتفاوض وتهدد التحول الديمقراطي بعد أن حشدت القوى السياسية طاقاتها لخوض الانتخابات العام القادم وستكون لها آثار مأساوية ليس على السودان فحسب بل على كافة الدول في هذا الجزء من القارة الأفريقية. لقد أقدم المدعى العام على هذه الخطوة لأغراض سياسية وليست لدوافع إنسانية أو قانونية ويجب عدم السماح لاستخدام منابر القانون والعدل الدولي أداة لتحقيق مآرب سياسية وبالرغم من كل ذلك نؤكد التزامنا لتنفيذ اتفاقيات السلام وتسوية النزاع في دارفور عبر التفاوض.