تكملة للمقال السابق عن ثقافة الوشم وقد الانف ودق الفم وقد تناولنا بالتفصيل والشرح كيفية خلع الاسنان وثقب الانف والهدف منه والاثار الناتجة سلبا وايجابا وكما نشكر كل الذين ساهموا بالقراءة والتعليق والملاحظات التى ابدوها ولانختلف معهم كثيرا لماذهبوا اليه من ملاحظات واراء واعلم جيدا ان هنالك ثقافات عديدة متداخلة مع بعضها البعض ومعظم شعوب العالم تلجا لاستخدام تقاليد الاخرين في ثقافاتهم او لبسهم او ماكلهم او مشربهم لذلك تجد تشابه وتطابق في الثقافات والعادات مثلا تجد عند اهلنا البقاره الحوازمة يقدون الانف من جانب واحد من جهة الشمال او اليمين ولكن عند بعض قبائل النوبه تجد الانف مقدودة من ثلاثة جهات شمال ويمين ووسط وكل ذلك لمزيد من ادوات الزينة والجمال والتميز . وتجد في عملية دق الفم او الخشم اكثر شيوعا في دارفور وكردفان وجبال النوبه واكثر القبائل شهرة به هم الفور والمساليت والمسيريه والبني هلبا والبرقو والحوازمة وغيرها وتجد الفتاة الفوراويه او البرقاوية مثلا تدق كل دائرة الفم اعلى واسفل ويطلقون عليه اسم (قدوم شكو) وهذه احدى الثقافات الدخيلة على بعض قبائل النوبه وينحصر عند قبائل الداجو وتلودي وتجري العملية الجراحية بالوسائل التقليدية عبارة عن حزم من شوك اللالوب سبعة شوكة في كل حزمة تربط بخيط رفيع وتتم هذه بواسطة خبيرة متخصصة في التجميل البلدي وبعد الجراحة تطهر الموضع بمادة مرارة القنفذ ومن ثم يمسح الفم بمعجون او مسحوق بذرة شجرة اللالوب يوميا صباح ومساء لمدة اسبوع حتى الشفاء وبهذه العملية البسيطة يصبح لون بشرة الفم مخالف للون الوجه الطبيعي ومميز ويتغير من احمر الى اسود اللون ويعطي طابع خاص لجمال الوجه ولايحتاج لاية مساحيق تجميلية من احمرشفاة ولاغيره مجرد مسحه بزيت النبات الطبيعي يعطي لمعان وبريق ولكن في الجيل الحاضر اختلف الامر كثيرا في عالم الموضه والمكياج والكوفير والصرف والبزخ في ادوات من ادوية وابر ومستحضرات التجميل وصوالين الحلاقة والمشاط والحناء وغيرها من ادوات فتح لون البشرة الداكنة السمراء وغير الداكنة بحثا عن البياض والجمال الزائف المخادع بينما البيض يتضايقون من لون بشرتهم بحثا عن لون البشرة السمراء وهكذا طبيعة الانسان لن يرضى بما اعطاه الله من جمال الخلق وكرامته . ولقد لعبت الحروبات الاهلية والنزوح دورا هاما في طمس معالم هذه الثقافات واصبحت قابلة للاندثار والطمس وهجر الناس الثقافة والارث المكتسب والمتوارث من الاباء والاجداد لتواجه مصير مجهول في المدن الشمالية المختلطة وحياة شرسة وظروف اقتصادية طاحنة واصبح الشغل الشاغل هو السعى والبحث عن العمل من اجل الكسب والرزق وقد تركوا وراءهم كل هذه الاشياء وحتى اللهجات المحلية لم تسلم الا القليل منها وتقاليد الزواج والموت . وفيما يتعلق بالفصادة عند بعض قبائل النوبه تجد الكثير من القبائل كانت تمارس هذه الثقافة والتقاليد وابدا بالاسرة مثالا حيث شاهدت في جسم والدي الله يرحمه ويغفر له علامات في اشكال هندسية على اكتافه مربع ومتوازي الاضلاع على ساعدية وحرف الاتش على خديه وهي من علامات الوشم وترمز للشهامة و القوة للانسان النوبى الشجاع وناخذ مثالا للفتاة النوبية من قبيلة الشات كنموزج للفتاة النوبية حيث يكتمل جمالها باكتمال كل هذه الاعمال على جسدها بدءا بالانف مثقوب بالطرق التى سقتها انفا والاذن يحمل اكثر من خمسة ثقب من الجهتين وعلامة تي على الخدود او صليب صغير وينقش على عضلات البطن وحول الصرة والازرع وعضلات الظهر وفوق الثديين ويشمل كل الاماكن البارزة من الجسم والمكشوفة وتسند هذه العملية للبصيرة المختصة في الجراحة والقص او القصاص وتقوم بتحديد الاماكن وتؤشر علية بمسحوق الرماد وتختار الفتاة الاشكال والرموز المناسبة كافراشة او الاشكال المتوازية والمثلثات والدوائر والمقوسات وتتم هذه العملية بدقة ومهارة فائقة وتستخدم الزجاج الملون المهشم كشفرة بديلا لامواس الحلاقة دون ان تجرح شريان او وريد ناقل للدم ويسيل دم الشعيرات الدموية الصغيرة من الجسم المجرح وتظل هذه المواضع والاماكن كاشفة عرضة للهواء والاتربة والغبار والبكتيريا والذباب والعلاج الوحيد المستخدم هو الزيت حتى تشفى الجروح وتربط الفتاة قطعة من القماش المسطر في الوسط تسمى الحزامة او القرباب مترين في متر يستر من حاجب البطن الى الساقين وتترك باقي الجسد عاري حتى لا تلتهب الجروح وتمارس عملها بصورة طبيعية دون كل او مل وعند المناسبات والمحافل تظهر بكامل زينتها وجمالها من ادوات الزينة البلدية المستخدمة وغالبا ماتكون ضفائر من الخرز والسكسك بالوانه الصارخة والجذابة وتتوشح به ولا تحتاج لقطعة قماش اضافية على جسمها ماعدا الحزامة وبالمقارنة مع ثقافة الغرب فى استخدام الوشم حيث تطورت الاساليب هنالك ويستخدمون الاصباغ الليزرية الكهربائية والاقلام وتجدها دائما في اجسام المشاهير مثل الملاكم العالمى مايك تايسون ولاعب كرة القدم الانجليزي ديفيد بيكهام وغيرهم وهى ايضا غير قابلة للزوال تبقي مع حياة الانسان الى الممات كما نجدها تتطابق مع اختلاف الاسلوب والمادة والتكنولوجيا والزمان والمكان وهذا القليل من الكثير ونواصل. عبدالله النور