لم تلبث فرحة البشير و اعوانه كثيرا باقتراب فترة انتهاء عمل " اوكامبو " و تنفسوا الصعداء ارتياحا و بخاصة بعد اصداره مذكرة باعتقال عبدالرحيم محمد حسين وزير الدفاع بتهم جرائم حرب و جرائم ضد الانسانية فى دارفور، و صدحت ابواقهم المأجورة فرحا و اغرقت صحفهم و قنواتهم الفضائية الكئبة اوكامبو ذما و شتيمة و رميه بكل نقيصة من اناس يقال عنهم عند تقديمهم بانهم صحفيون و محللون سياسيون، فصدعوا رؤوسنا بتحليلات بعضهم السخيفة و الفطيرة، و من أسخف ما سمعت من أحدهم- وهم صاروا أكثر من الهم على القلب – انه قال ان اوكامبو يريد أن يلمع شخصه بعمل اخير حتى يزكيه عند بحثه عن عمل فى جهة من الجهات القانونية و لذلك تحدث بان عمر البشير لن يفلت من العقاب و ان طال الزمن و اصداره مذكرة توقيف بحق عبدالرحيم محمد حسين وزير الدفاع! و لعل هذا المتحدث الدعى أو الجاهل لا يعلم عن اوكامبو شيئا، فاوكامبو شخصية قانونية عالمية، فهو استاذ مشارك فى القانون فى جامعة هارفارد و جامعة برنستون فى امريكا و هما جامعتان من أميز جامعات العالم المعدودة، وكذلك سبقه عمله كمدعى عام فى بلده الأرجنتين ضد جرائم العسكريين الدكتاتوريين و ملاحقتهم حتى جرهم الى القضاء، و اضف الى ذلك عمله كمدعى عام ضد مجرمى الحرب الصرب حتى اسلمهم للعدالة مثل السفاح كاردتش و نظيره ميلوسفتش، وفوق هذا و ذاك فانه انتخب من الأممالمتحدة و مجلس الأمن كمدعى لمحكمة الجنايات الدولية،و اضف الى ذلك خصاله الشخصية من التجرد لاحقاق الحق و النيل من الطغاة و الظلمة اينما كانوا،و نصرة الضحايا و المظلومين من حكامهم البغاة كالبشير و اعوانه فى السودان،كما ان للرجل مكتب كبير للمحاماة فى بونس ايرس عاصمة بلده الارجنتين. ولكن فرحة البشير و اعوانه لم تتم، فعدما تلقى عبدالرحيم الخبر بهت و اتصل على الفور بالبشير فى رقمه الخاص و اخبره فى صوت مضطرب متقطع بانه فى طريقه اليه لبحث هذا الامر الجلل و الخطر المحدق به،كما اتصل بعلى عثمان و كرتى و نافع ليوافوه عند البشير. و فى أقل من ساعة التأم الجمع و الكل مذهول و منهم من يحوقل و نافع يطمئن فى عبدالرحيم صاحب الشأن و الذى كان واضعا يديه فوق رأسه ضاغطا عليه و يتمتم بكلام غير مفهوم و ريالته سائلة على ذقنه. وابتدر الحديث البشير قائلا: يا اخوانا الموضوع كبر و رأس السوط ابتده يصل ليكم و اظن الدور جايى عليكم فلازم نعمل خطة ( كاونتر اتاك ) كما نقول نحن العسكريين، وحسه جاتنا مصيبة جديدة و ما صدقنا ارتحنا من عدونا اللدود اوكامبو حتى جابو لينا الزنجية الخا..........ديه و لسه ما ختت كراعه كويس و استلمت شغله قالت ان قرارات المحكمة الدولية تتنفذ لانها من مجلس الامن. مصطفى عثمان: ياريس أنا من خبرتى انه أى واحد يعينوه جديد بكون متحمس و عاوز يثبت جدارته بالتشدد يعنى زى ما بقولو اشقاءنا المصريين ( الغربال الجديد ليه شدة )، لكن بعدين بالاغراءات بيرخى،و المال بميل الرجال،و انحنا عندنا تجاربنا فى الحته دة فى الداخل و الخارج و من ناس قادة احزاب كبيرة، على عثمان: بس يا مصطفى فى الأول لازم ندرس الواحد او الواحدة و نمهد للموضوع قبل ما نقدم على العمل، يعنى استراتجيتنا ثابته وواضحة و لكن المهم الطريقة او التكتيك الحنتبعه، كرتى: طيب يا جماعة اذا ما خلصنا تدبيراتنا ديه فالكلام دخل الحوش و ربما صدرت مذكرات اعتقال جديدة بحقنا كلنا،و برغم المال الوقع لينا خليل امكن نفس المال يوقعنا نحن ذاتنا،و الزغاوى التانى فى شاد ما مضمون و امكن يغدر بالرئيس اذا زاره و يسلمه للمحكمة الدولية. نافع: فال الله و لا فالك! ليه انت تقدر القدر قبل وقوعه؟ و اذا لا قدر الله انحنا كلنا رحنا لاهاى فحنشد من ازر بعض و نونس بعض و لا حنتخلى من الرئيس و نقول ليه انت و رطتنا فى الحته ديه بالعملته فى دارفور و خلافه. البشير غاضبا: انت يا نافع خواف ساكت و انا حلفت من زمان انه ما حأسلم اى واحد للمحكمة بداية من احمد هارون و كشيب و حسه اخونا عبدالرحيم و كلكم،ويا نافع فصاحتك دى كانت وين لما هزأك الولد المهندس بوشى و لا كوشى فى الجامعة؟ بس فالح تسل لسانك على الناس. الله يكفينا شرك. نافع: والله يا ريس انا ما قصدت الا الخير و انا آسف اذا كلامى سبب ليكم اى مضايقة غير مقصودة. البشير: خلاص اسكت،خلونا نسمع صاحب الوجعة عبدالرحيم لأنه ما فتح خشمه بكلمة من ما قعدنا! و استمر الاجتماع.. كلمة فى حق اوكامبو لقد كتبت قبلا فى سلسلة اوكامبويات المنشورة ان الله تعالى يسلط على الطغاة و المتجبرين و الظلمة جنديا او جنودا من مخلوقاته سواء من البشر اوالحيوان او الحشرات،فقد أهلك أبرهة و اباد جيشه بطير ابابيل ترميهم بحجارة من سجيل،و اباد قوم لوط بمطر من نار ثم قلب مدينتهم فجعل عاليها سافلها،و قتل موسلينى و القذافى شر قتلة على ايدى الثوار من شعوبهم. و اوكامبو جند من جنود الله سلطه على السفاحين و المتسلطين على شعوبهم فاذاقوهم من العذاب و التقتيل و الاغتصاب و الذل كما حدث لاهلنا فى دارفور و جبال النوبة و جنوب النيل الأزرق. و ظل اوكامبو وراءهم فى مثابرة و دأب و اقتدار حتى يسلمهم لمحكمة الجنايات الدولية فى لاهاى،فصدرت اوامر قبض بحقهم ليمثلوا امام المحكمة ليحاكموا على جرائمهم البشعة بدءاً من عمر حسن أحمد البشير و احمد محمد هارون و كشيب،وسوف يتوالى القبض على بقية المجرمين. نحن السودانيين عامة و أهل دارفور خاصة و جبال النوبة و النيل الازرق نتقدم بأسمى آيات الشكر و العرفان للويس مورينو اوكامبو نصير الحق و العدالة و التجلة و الاحترام له،و نرجو من خليفته المحامية فاتو بينسودا أن تكمل مسيرة العدل التى بدأها موفقا اوكامبو متمنين لها التوفيق،و نتمنى لاوكامبو حياة سعيدة مقبلة و طول العمر و العافية. هلال زاهر الساداتى