نحتفل هذا العام باليوم العالمي للمرأة تحت شعار " مِنْ أجلِ مُستقبلٍ مُلهمٍ للفتيات"، هذا الشعار المأخوذ من الشعار المتوافق عليه عالمياً، والذي يحمل الكثير من المضامين الداعمة للنساء وحقوقهن في كل أنحاء العالم، خصوصاً وأن فئة الشباب في بلادنا تُعتبر الأكثر بين السكان متجاوزة 65% من مُجمل المواطنين والمواطنات. إننا وإذ نؤكد على أهمية هذا اليوم بالنسبة لنا، نعلم تمام العلم أن ما نقوم به من عمل، هو مساهمة متواضعة في سبيل التنبيه لضرورة ترقية وتحسين دور المرأة في المجتمع السوداني، هذا على الرغم من أن الكثير من الجهات تنظر للنساء بإعتبار أنهن أداة للإنجاب ولسن ذواتاً مُنتجة وأيادٍ أصيلة في عملية بناء وتطوير المجتمعات، هذه الرؤية القاصرة التي تحاول أن تحشرهن في حرملك المنع والعزل الإجتماعي. إننا نؤكد على إلتزامنا بالقضايا التي ندعو لها من أجل تمكين النساء والعدالة النوعية في المجتمع ولا مجال للمزايدة على مواقفنا من هذه القضايا، إلا بمقدار حيادنا عن مبادئنا التي نعضُّ عليها بنواجذنا ونلتزم بها في جميع نشاطتنا وبرامجنا، ومنها بالتأكيد احتفالات يوم المرأة العالمي الذي يُعتبر من صميم الجهد العالمي في سبيل تنمية المرأة، الذي لا يمكن إعتباره بأي حال من الأحوال لحظة احتفالية عابرة، وذلك لأنه يزيد من قيمة التضامن والمناصرة لقضايا المرأة إبتداءً من النساء في مناطق النزاعات والحروب، والنساء اللائي يعانين من الفقر وإنعدام الخدمات الصحية، وليس إنتهاءً بالنساء في المدن والأرياف ممن يفتقرن للقوانين العادلة والمجتمع المنصف الواعي بدورهن في الحياة. إننا نؤكد بأن احتفالنا بيوم المرأة العالمي في الثامن من مارس من كل عام، لا ينتقص من الجهود المُضنية لمناصرة ودعم النساء في جميع مناطق السودان، بل هو عملٌ موازٍ لجميع الجهود الرامية لتعريف المُجتمع بالعنف الواقع على المرأة، وبحقوق النساء والإعلان عن مناصرتهن ودعمهن لنيلهن لكرامتهن، ولجذب الكثير من فئات هذا المُجتمع ناحية الصف الداعي للعدالة والمساواة النوعية، وبالتالي فإن هذا الاحتفال في هذا اليوم، لا يمكن فصله بأي حال من ما نقوم به ويقوم به غيرنا في هذا المجال. لقد ظلننا نؤكد وسنستمر في تأكيد أن ما يحدث في السودان من عنف ضد النساء، ليس وليد اللحظة، ولا يمكن التعامل معه من خلال المواقف الآنية وطريقة "رزق اليوم باليوم"، لذلك طالبنا بعدم إستخدام النساء بشكل خاص في أي تمويه في الصراعات السياسية، وطالبنا بالتعامل مع النساء في إطار القانون وإحترام حقوق الإنسان والنساء، مع ضرورة الإهتمام بإصدار قوانين تخصُّ التحرش الجنسي المتزايد والعنف ضد النساء خاصة الإغتصاب والإعتداءات الجسدية المتكررة. إن وضع دستور دائم للسودان ليس ملكاً لأحد أو حكراً لجهة ما، فالقوانين الدولية أصبحت حاضرة ومؤثرة في تنظيم الحياة والمجمتعات في جميع أنحاء العالم المُتحضِّر، وقد أصبحتْ جزءاً من الدستور الإنتقالي لعام 2005، وبالتالي أي نكوص عنها يُعتبر جريمة في حق البلاد والمواطنات والمواطنين، خصوصاً وأن الدعوة لمجتمع ديمقراطي يُحترم فيه الإنسان وخصوصيته، صارت دعوة عالمية لا يحتكرها أحد، ويبقى والحال كذلك، ضرورة أن يكون هناك إتفاق على الإلتزام بتحويل النصوص الدستورية إلى قوانين سارية وذات قوة حتى يتم إستعدال كفة القوانين لتتوافق مع الدستور، هذا الإلتزام الذي لا مجال للتنصل عنه في جميع الأحوال، حتى نصل إلى دستور يضع في الإعتبار إحترام النساء بوصفه دليل على وعي المُشرّع/ة بماهية النوع الإجتماعي ورفع الحساسية تجاهه. إن إنضمام فئات عديدة من فئات المُجتمع السوداني ومؤسساته للحملات والاحتفالات الخاصة بالنساء لهو النجاح الذي نصبو إليه كمنظمات تعمل لدعم حقوق النساء، ونخصُّ هنا الشباب والشابات بإهتمامتهن/م المختلفة والأجهزة الإعلامية والمؤسسات الخدمية، فهذا يؤكد أننا نسير في الإتجاه الصحيح، ونأمل في أن يجيئ العام القادم والسودان بجميع أطيافه وفئاته جزءاً من هذا الاحتفال وكل النشاطات الداعمة للنساء.