ينام ملء جفونه قرير العين حملت إجابات وزير دفاع نظام الإنقاذ في اللقاء الذي أجرته معه قناة الجزيرة القطرية الكثير من التناقضات ، وأوضحت بجلاء العقلية والكيفية التي تدير بها هذه المجموعة البلاد ، فعلى سبيل المثال عند سؤاله عن اسباب نقض رئيسه من مسجد والده للإتفاق الاطاري الذي وقعه النظام مع الحركة الشعبية بشمال السودان بأديس ابابا ، أجاب بأن هذا الاتفاق وقعه (نافع) ورفضته أجهزة الحزب والدولة ، وأضاف (أنا زاتي كان وقعت اتفاق براي ممكن اجهزة الحزب والدولة ترفضه) ، كأن هذا (النافع) جاء من خارج اجهزة الحزب والدولة والكل يعلم بأنه متنفذ جداً داخل حزب النظام ونائب لرئيسه ومساعداً له بالقصر الرئاسي ، ليتضح كيف يتحكمون في البلاد بأهوائهم الشخصية ويرهنون مصيرها لخلافاتهم وصراعاتهم الداخلية . ولكن أكثر ما أثار العجب والحيرة والأسى في اجاباته خلال هذا اللقاء هو إجابته على السؤال الذي طرح عليه في نهايته عند سؤاله هل يستطيع النوم مرتاح البال عندما يأوي الى فراشه ليلاً ؟؟ فأجاب (اضع رأسي على وسادتي وأنام ملء جفوني قرير العين) ، وإبتسامة المذيع الذي أجرى اللقاء ونظراته تحمل الكثير من عدم القناعة بالإجابة . فهذه الإجابة تحمل ثلاثة إحتمالات أولها أن يكون هذا الضيف كاذباً ويجافي النوم عينيه وتطارده ارواح الآلاف من الذين أبادهم في دارفور وتسيطر على أحلامه جثثهم ودمائهم والنيران التي أشعلها (جنجويده) في منازلهم الريفية البسيطة إذا استطاع أن يحصل على غفوة صغيرة ، وهذا الاحتمال ضعيف جداً لأنه يتحتم لصحته أن يكون من يجافيه النوم في هذه الحالة شخص يتمتع بقدر كبير من الاحساس وبعض تأنيب الضمير ، وهو أمر غير متوفر عند ضيف القناة الكريم فقد أباد ضحاياه بدم بارد وهو يعتقد بأنه يقوم بعمل وطني كبير كما صرح بذلك خلال اللقاء . امّا الإحتمال الثاني وهو أن يكون صادقاً فيما قال وينام فعلاً ملء جفونه قرير العين ، لا لشيئ الّا لأنه شخص غير سوي وغير طبيعي كسائر البشر ، فكيف ينام شخص سوي كسائر البشر ملء جفونه قرير العين وهو يعلم بأنه أشرف شخصياً على إبادة مئات الآلاف من السودانيين المسلمين ؟؟ دون أن تطارده ارواحهم وتخرج اليه جماجمهم وهياكلهم العظمية من قبرورها الجماعية في نومه ؟؟ . كيف ينام قرير العين اذا كان سوياً وهو يعلم بمسئوليته عن تشريد ملايين البسطاء من قراهم الي معسكرات اللاجئين والنازحين يفتقدون لأبسط مقومات الحياة يتوسدون التراب ويلتحفون السماء ، يقتلهم الجوع والمرض ؟؟ . كيف ينام قرير العين اذا كان سوياً وهو يعلم بأن مليشياته قامت بإغتصاب آلاف المواطنات السودانيات المسلمات في دارفور ورئيسه العنصري يرى بأن ذلك شرفاً لهن . فإذا كان فعلاً ينام ملء جفونه قرير العين كما قال فهو بذلك يكون حقاً شخصاً غير سوياً ويعضد بذلك صحة ما ذهب اليه الكثير من الكتاب الذين يصفونه (بالهبل والخبل) مستندين في هذا الأمر على أشياء شكلية كطريقة حديثه ولسانه الذي يملأ فمه بطريقة توحي بأنه فعلاً كذلك فأصبح يلقب (بأبو ريالة) وغيرها من الألقاب ، فقدم بتلك الإجابة الدليل القوي على ذلك الرأي. أمّا الإحتمال الثالث وهو الأرجح يتمثل في إن هذا الضيف كاذب في إجابته ولا يستطيع الاستمتاع بنومه ملء جفونه قرير العين كما صرح بذلك ، ويجافي النوم مقلتيه ويقضي ليله متقلباً من جنب الى آخر ، ولكن يرجع ذلك الى سبب آخر غير السبب الوارد في الاحتمال الأول هو خوفه من المصير المرعب الذي ينتظره في زنازين لاهاي ، وفزعه من ما يراه في غفواته القليلة من أحلام مرعبه يسيطر عليها أوكامبو وخليفته فاتو بن سودة . طارق محيسي