في الاسبوع الماضى..وفي المشهد السياسي الذي أكتبه اسبوعيا ،كان الخط الرئيسي للمشهد إنها الحرب ..آتية لاريب فيها وذكرت استعدادات أهل الجنوب للحرب بدأت قبل ان يقرعوا طبولها ..وأنها أوشكت على الانطلاق نحو الحدود بعد ان حشدت أعدادا كبيرة من المقاتلين ..وتحت إشراف فنى وعسكرى إسرائيلى وأمريكى. وفوجئنا بعد يومين من ذلك الحديث بالهجوم على هجليج السودانية ..والتي طردت قواتنا المسلحة المعتدين منها ،ولكن بعد يومين سرعان ما عادت جيوش الغدر والخيانة للهجوم على هجليج.. كل التوقعات كانت في الخاطر والوجدان ،وكانت القوات المسلحة السودانية الباسلة تعرف كل شئ يجري على الحدود للانقضاض على هجليج..،وكانت الاستخبارات العسكرية تعلم تمام العلم ان هجليج ليست الهدف الأول لقوات الحركة الشعبية ،وإنما قصدوا أن يشغلوا القوات المسلحة بالاستعداد لصد هجومهم على هجليج ليضربوا مواقع أخرى يشتتون بها جهود القوات المسلحة .في جنوب كردفان والنيل الازرق وربما أبيي. الآن السودان كله على قلب رجل واحد ..لصد المعتدين وتلقينهم درسا لا ينسونه ،مثلما حدث في النيل الازرق وتلودي وغيرهما . فى تقديرى الذي تقوم به الحركة الشعبية من تحد سافر وعدوان غادر يجب ان يصب في صالح الحكومة, بمعنى ان يجمع حولها كل قوى المعارضة, عدا الشعبي الذي يؤيد سيرة هذا الذي يحدث في السودان, لأن نظرته كلها تتلخص في الانتقام من المؤتمر الوطني, لانه لا يريد ان ينشئ ما حدد له من المؤتمر وبسبب ذلك تحولت القيادات التي كانت متحكمة في البلاد الى عناصر معارضة لا يستمع لها أحد. نحن نطالب السيد رئيس الجمهورية بأن يعقد اجتماعاً موسعاً مع كافة القوى السياسية المعارضة (إلا من يأبى) ويضع الاوراق كلها على الطاولة ويطالب منهم ان يغلقوا كل ملفات الخلاف مع المؤتمر الوطني مؤقتاً لأن الذي يواجه السودان أخطر من تلك الخلافات ويجب عليهم ان يقفوا صفاً واحداً لصد العدوان, لأن هذه المؤامرة الكبرى إذا قدر الله لها النجاح فلن تجد هذه القوى السياسية وطناً تحكمه. لأن المؤامرة تشهد زيادة انقسام السودان وزيادة تشتيته ويقول لهم اما الوحدة او الطوفان وعليهم ان يتحملوا اختيارهم. الأمر يحتاج الى عقلاء وحكماء السياسة السودانية في أحزابنا ولا يحتاج الى أصحاب المزادات الخاصة, والذين ما زالت صدورهم مليئة بالهواء الساخن, يخرجوا في حالات إذكاء روح التآمر على السودان والعمل على إسقاط الحكومة. وإذا افترضنا جدلا ان هذه الحكومة بلغت من السوء الكثير فما هو البديل؟ هل هؤلاء الذين يقفون مع التمرد ومع العون الأجنبي المتربصة بالسودان؟ الإجابة وهي تأكيد لا وألف لا!!. لقد مرت على السودان حكومات اكثر سوءا من هذه الحكومة ولم نستطع ان ننجز 5% مما أنجزته هذه الحكومة والتي تغيظ إنجازاتها القوى السياسية التي تفكر في الوصول الى السلطة على ظهر دبابة أجنبية او أي قوى أجنبية مهما كانت الخلافات معها. على قيادات بعض القوى السياسية التي تفكر بمنطق أعوج يعيد الاستعمار الى بلادنا ان تعيد التفكير بمنطق أكثر وعياً وأكثر واقعية ويعملوا في كيفية الخروج من الأزمة الحالية والتي أدخلت فيها البلاد كل القوى السياسية في الحقب السياسية الماضية كافة. وأذكر الجميع بأن حق تقرير المصير الذي أوصلنا الى هذه المرحلة وافقت عليه كل الأحزاب السودانية ومعظم القوى السياسية الكبرى طالبت بالدستور الاسلامي فلماذا نعيب على الانقاذ طرحها لهذين المطلبين, إن معظم القوى السياسية الكبيرة والفاعلة كانت حليفة للحركة الشعبية قبل نيفاشا وأن الراحل الدكتور جون قرنق رفض مقترحاً بحضور قيادات تلك الأحزاب كمراقبين في مباحثات نيفاشا. هذا ما لا يستطيع أحد ان يزايد عليه.. أعجبني خبر صادر من السيدة المحترمة الدكتورة مريم الصادق تدعو فيه الجميع لإدانة العدوان, تصوروا قوى سياسية فاعلة ترفض إدانة عدوان عسكري توسعي على بلادها ماذا تنتظر من هذه القوى. يا إخوان المشكلة ليست الانقاذ الآن, المشكلة فيما يحدث من عدوان عسكري غاشم يستهدف تحرير كل السودان من العرب والمسلمين. واندهشت كثيار كيف لشيخ اسلامي مستنير ومجدد ان يتحالف مع العدوان الصليبي الغاشم حتى ولو بالصمت وعدم الإدانة. نحن نريد من الأحزاب المشاركة كافة في حكومة القاعدة العريضة ان تحشد جماهيرها وتدفع بهم الى الخنادق الأمامية لنعرف قوة كل حزب وبعدها على الحكومة تقويم هذه الأحزاب بحجم مشاركتها الفعلية في نفير الحرب. نحن نعلم ان هناك تناقصا في جماهيرية كثير من الأحزاب بسبب التشظي الذي أصاب كيانات تلك الأحزاب كما أن هناك أحزابا تملأ الدنيا ضجيجاً وحضورها لا يملأ بصا واحدا منب صات الوالي. وهناك أحزاب الوعي والتنوير والتي تمتلك قدرات كبيرة على التأثير لذلك يجب على الحكومة النظر لكافة هذه الاحزاب نظرة جديدة وواقعية وان تدفعها لإدانة العدوان وعلى صده. حركة التعبئة والاستنفار ستأخذ مداها بعد ان أوكلت قيادتها للسيد النائب الأول الأستاذ علي عثمان محمد طه وهو رجل يمتلك من القدرات ما يجعل الجميع ينخرطون في التعبئة. أعجبني الدكتور عصام احمد البشير في خطبته يوم امس الجمعة حول التعبئة والاستنفار ودعوته للجماهير لصد العدوان الغاشم. والرجل ذرب اللسان صاحب قاموس كله حكمة تقنع بشرا كثيرين وهو رجل لديه قدرة كبيرة لجذب الناس للاستماع والاستمتاع بما يقول انه رجل مقنع له التحية في هذا الصباح الرائع. في تقديري ان الحكومة تعاملت مع كثير من المتآمرين ضدها بمرونة اكثر من اللازم لدرجة ان البعض وصفها بالضعف. ترصد المتآمرين..وتحقق معهم وتطلقهم بعد ان يقولوا لها بعض الكلام الحلو الكاذب. ثم تتخذ قرارات صارمة وبعد يومين تتنازل عنها. لذلك ظن كثيرون ان الحكومة اصبحت حكومة ضعيفة ومن السهولة الانقضاض عليها, واذا لم تكشر الحكومة -أي حكومة في العالم عن انيابها الاحتياطية- لن يحترمها أحد, ولن يعمل لها أحد حسابا. التآمر واضح كالشمس والمتآمرون يمارسون تآمرهم تحت حرارة الشمس وضوء القمر والخلايا النائمة تمارس النوم نهارا في الحارات الطرفية التي يتجاوز عددها 160 حارة في امدرمان فقط ناهيك عن الأحياء الطرفية الأخرى في العاصمة وبعض الخلايا النائمة تمارس عملها نهارا في اسواق الخضار يبيعون الطاطم والليمون والنظارات الشمسية الصناعية وفي بيع التسالي والترمس وشرائح الموبايلات والرصيد والمناديل الورقية. وسوق الخرطوم ملئ بالسلاح الأبيض المحلي والمستورد ويفترش على الأرض في أسواق الخرطوم وأمدرمان والبعض يحمله باعة متجولون. كل هذا تعلمه أجهزة الدولة ولكنها تغض الطرف لماذا.. لا أحد يدري. الدولار وصل الى عنان السماء وتجار الدولار يملأون طرقات الخرطوم يرفعون الأوراق المالية أمام المارة والشرطة ترى والأمن الاقتصادي يرى ويسمع (وجابوه ليه) لكنهم جميعا لا يتحركون.. ولا نعلم السبب.. يا اخوان يا مسؤولين أدركوا هذا الوطن إنه يؤكل من أحشائه ولا أحد يرفع صوتاً.