وزير الداخلية يتفقد رئاسة هيئة التدريب ويؤكد على أهمية التدريب فى رفع كفأءة منسوبى قوات الشرطة    والي حاضرة الشرق يتحرك في إدارة ولايته بين ثلاث خشبات    رسمياً.. ريجيكامب مديراً فنياً للهلال    نهضة تونس و عصار يسيران لوضع خارطة جديدة للكرة بالقضارف    الرحلات الجوية تعود إلى مطار الخرطوم خلال شهرين    د. أمين حسن عمر يكتب: ديمقراطية أهل السودان    هل سيعود المصباح أبوزيد علي متن طائرة كامل إدريس ؟!    ضبط عدد 12 سبيكة ذهبية وأربعة كيلو من الذهب المشغول وتوقف متهم يستغل عربة دفار محملة بمنهوبات المواطنين بجسر عطبرة    حميدان التركي يعود إلى أرض الوطن بعد سنوات من الاحتجاز في الولايات المتحدة    الكشف عن المرشحين للفوز بجائزة الكرة الذهبية 2025    والي النيل الأبيض يزور نادي الرابطة كوستي ويتبرع لتشييّد مباني النادي    لجنة أمن ولاية الخرطوم تشيد باستجابة قادة التشكيلات العسكرية لإخلائها من المظاهر العسكرية    عزيمة وصمود .. كيف صمدت "الفاشر" في مواجهة الهجوم والحصار؟    بالصور.. تعرف على معلومات هامة عن مدرب الهلال السوداني الجديد.. مسيرة متقلبة وامرأة مثيرة للجدل وفيروس أنهى مسيرته كلاعب.. خسر نهائي أبطال آسيا مع الهلال السعودي والترجي التونسي آخر محطاته التدريبية    شاهد بالفيديو.. بالموسيقى والأهازيج جماهير الهلال السوداني تخرج في استقبال مدرب الفريق الجديد بمطار بورتسودان    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    شاهد بالصورة والفيديو.. سيدة سودانية تطلق "الزغاريد" وتبكي فرحاً بعد عودتها من مصر إلى منزلها ببحري    حادث مرورى بص سفرى وشاحنة يؤدى الى وفاة وإصابة عدد(36) مواطن    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    شاهد.. الفنانة إيلاف عبد العزيز تفاجئ الجميع بعودتها من الإعتزال وتطلق أغنيتها الترند "أمانة أمانة"    شاهد بالفيديو.. بعد عودتهم لمباشرة الدراسة.. طلاب جامعة الخرطوم يتفاجأون بوجود "قرود" الجامعة ما زالت على قيد الحياة ومتابعون: (ما شاء الله مصنددين)    يؤدي إلى أزمة نفسية.. إليك ما يجب معرفته عن "ذهان الذكاء الاصطناعي"    الشهر الماضي ثالث أكثر شهور يوليو حرارة على الأرض    عمر بخيت مديراً فنياً لنادي الفلاح عطبرة    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (روحوا عن القلوب)    الجمارك تُبيد (77) طنا من السلع المحظورة والمنتهية الصلاحية ببورتسودان    12 يومًا تحسم أزمة ريال مدريد    الدعم السريع: الخروج من الفاشر متاح    التفاصيل الكاملة لإيقاف الرحلات الجوية بين الإمارات وبورتسودان    الطوف المشترك لمحلية أمدرمان يقوم بحملة إزالة واسعة للمخالفات    السودان يتصدر العالم في البطالة: 62% من شعبنا بلا عمل!    نجوم الدوري الإنجليزي في "سباق عاطفي" للفوز بقلب نجمة هوليوود    يامال يثير الجدل مجدداً مع مغنية أرجنتينية    تقارير تكشف خسائر مشغلّي خدمات الاتصالات في السودان    توجيه الاتهام إلى 16 من قادة المليشيا المتمردة في قضية مقتل والي غرب دارفور السابق خميس ابكر    السودان..وزير يرحب بمبادرة لحزب شهير    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    مسؤول سوداني يردّ على"شائعة" بشأن اتّفاقية سعودية    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"كهف" الخارجية السودانية و"خندق" حسان الأمني!! حامد بشرى


[email protected]
فرغت لتوي من قراءة مخطوط الأستاذ فتحي الضو (الخندق) والذي دفع به للمكتبة السودانية في نهاية الشهر المنصرم . وقد كان بحق مفاجأة لي وللكثيرين في أن يتمكن شخص بمفرده من الحصول علي كل هذه الوثائق السرية والرسائل المتبادلة بين جهاز الأمن وعملائه في الخارج، ليس هذا فحسب وإنما إستطاع الوصول إلى خزائن رئيس الجهاز الفريق صلاح عبدالله قوش ومدنا بهذه المعلومات والتي لم يك في الحسبان أن نتحصل عليها حتي بعد زوال هذا النظام ناهيك عن الإطلاع عليها الآن . هذا يمثل إختراقاً وصدمة ستبقي آثارها السلبية لفترة طويلة في جبين جهاز ظل يُرهب ويُهدد ويتوعد كأنه ربكم الأعظم . يُبطش بالمعارضين ويُمثل بهم ويرسل ضحاياه إلى مقابر جماعية مجهولة . أما الذين كُتبت لهم النجاة بعد خروجهم من معتقلات وأقبية هذا الجهاز، كانت تصحبهم العلل والأمراض النفسية وتلازمهم بصورة مزعجة مدي الحياة. ومن المفارقات كان هذا الجهاز في السابق يخفي حتي معارضيه من البشر، أما اليوم فلا يستطيع سُتر عورته ، سبحان مغير الأحوال . وحقاً أسد عليّ وفي الحروب نعامة . ولعل الحصول علي هذا الكنز يكشف بوضوح الإمكانيات اللا محدودة للشعوب في قهر الظلم وتأكيد إحقاق الحق مهما طال الزمن .
ومهما حاولت السُلطة الحالية حجب الكتاب عن الشعب السوداني فإنها لن تستطع إلى ذلك سبيلا . ونزيدها علماً، بقولنا إن الكتاب ورسالته وصلتا إلى شعب السودان رغم الحظر المفروض عليه عبر الموانئ المختلفة ، ممثلة في إجراءات تفتيش حقائب العائدين وضمائرهم . فالخرطوم بدأت في تحضير قوائم وجداول زمنية للقُراء والقراءة، إذ يكفي وصول نسخة واحدة لينكشف المستور . هذا شعب جبار يرفض الظلم ويتوق للحرية ويتشدق لمعرفة الحقيقة خاصة إذا كانت تتعلق بمُستبدٍ ظالمٍ، لا يحترم كبيرنا ولا يوقر صغيرنا، أوصلته قلة حياءه حتي أصبح يتطفل علي ملبسنا ومشربنا وأسلوب تربيتنا لأطفالنا ، بل ذهب أكثر من ذلك وأساء إلى أعرافنا وموروثاتنا.
في البدء لست بصدد تقيم هذا السفر ولا إطراء مؤلفه ومدحه، إذ يكفيه فخراً بهذا السبق أنه عرّض حياته إلى مخاطر لا تُحسب عقباها من قبل أعوان الجهاز بالداخل والخارج، علاوة علي أنه لم تسعدني الظروف بمعرفته . المرة الأولي والأخيرة التي تحدثت معه تلفونياً كنت معزياً في فقده لرفيقة عمره .
أصابتني الدهشة وفغر فاهي، حينما وصلت في قراءتي إلى الرسائل المتبادلة بين المقدم محمد حسان بابكر المقيم في ذلك التاريخ بأديس أبابا ومخدمه الفريق صلاح قوش مدير جهاز الأمن المقيم بالخرطوم، حول الكيفية التي يجب بها معالجة مخطط الجنائية الدولية . إضافة إلى تلك الرسائل، توجد كثير من الوثائق والمكاتبات الألكترونية المتبادلة بين قوش ومعاونيه حول هجوم حركة العدل والمساواة علي أمدرمان قبل وقوع الحدث، كذلك هنالك وثائق حول التكتيكات التي يجب إتباعها في ملف أبيي ورسائل الكترونية متبادلة بين الجهاز والدولة العبرية في عام 2008 قام بها مندوبهم الدائم والذي سبق أن ساعدهم في ترحيل الفلاشا .
يتضمن الكتاب وثائق تتعلق بفساد مالي لمسئولين بجهاز أمن الدولة وتورط المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي السابق جورج بوش (القس جون دانفورث) عراب نيفاشا معهم. بعد إطلاعي علي هذه المكاتبات تأكدت أن ما يسمي بوزارة الخارجية السودانية لا وجود لها . لك أن تتصور يا عزيزي القارئ أن كل المعلومات والمكاتبات والإتصالات التي كانت تدور خلف الكواليس والمتعلقة بالمحكمة الجنائية الدولية مسئول عنها شخص واحد أوحد هو المدعو حسان المقدم بجهاز الأمن ورئيسه صلاح قوش، في حين أن طاقم الخارجية السودانية من دبلوماسيين وإداريين وفنيين لا حول ولا قوة لهم فيما يقرره ضابط الأمن المقدم حسان، حيث تغيب المؤسسية والعمل الجماعي والمحاسبة ناهيك عن المراجعة المالية لهذه الأتعاب .
دبلوماسية رأس الذئب الطائر:
بعد أن أصبح جلياً في يونيو عام 2008 أن مدعي المحكمة الجنائية الدولية السيد أوكامبو بصدد تقديم ملف إتهام ثاني للجرائم التي أُرتكبت في دارفور لقضاة المحكمة، تمَّ حصول الدولة السودانية عن طريق عميلها حسان علي وثيقة صادرة من السيد جوهينو رئيس البعثة الأممية لحفظ السلام بالسودان . وضّحت الوثيقة بالأسماء قائمة المتهمين التي قد تصل إلى ست شخصيات إضافة إلى التداعيات السياسية والأمنية علي بعثتي اليونميس واليونميد، كما وضحت مستقبل العلاقة والتدهور الخطير الذي سيحدث بين حكومة السودان والأمم المتحدة . نبهت الوثيقة إلى أن مقاومة أنشطة الأمم المتحدة سيقود بالضرورة إلى تجميد التعاون في القضايا السياسية والتي تتمثل في تنفيذ إتفاقية السلام الشامل ، نشر قوات الهجين " اليونميد" وعملية سلام دارفور . أشار التقرير إلى أن الأمم المتحدة واليونميس ليس مُخولان وفقاً لإتفاقية روما فيما يتعلق بأوامر الأعتقال التي تصدرها المحكمة الجنائية الدولية . تداعيات هذه الأتهامات قد يترتب عليها الغاء الشراكة بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني أو ما كان يسمي بحكومة الوحدة الوطنية بحكم أن رئيس الحكومة يواجه إتهامات جنائية . كذلك فإن دعاوي المحكمة الجنائية سيقوي من موقف الإنفصاليين الجنوبيين، ويزيد إحتمال إعلان الأستقلال من جانب واحد . إضافة إلى أن لوائح الإتهام قد تعزز توجه حزب المؤتمر الوطني للأستمرار في السلطة إلى الأبد لحماية أعضائه، وبالتالي التقليل من إحتمال قيام إنتخابات نزيهة في السودان . إنتهي بتصرف تلخيص الوثيقة ، التشديد من عند كاتب المقال .
إضافة إلى هذه المذكرة تحصل المدعو حسان الذي يقطن بالهضبة الأثيوبية - وليس بالعواصم الأوربية كما يحلو لدبلوماسيي الخارجية الإقامة بها - على نقاط محادثة تلفونية بين أوكامبو والأمين العام لشئون حفظ السلام جوهينو تمت في 30 يونيو2008 وبعث بتقريره المفصل إلى رئيسه صلاح عبدالله قوش في اليوم التالي مع تنبيهه بضرورة التحرك العاجل قبل حلول منتصف الشهر الجاري موعد إعلان المدعي العام لقائمته الجديدة لإرباك خططه وتشتيتها في المحور القانوني كما ورد في الرسالة المعنونة بسري للغاية وشخصي.
أصُبت بدهشة أكثر جراء الصلاحيات التي يتمتع بها المدعو محمد حسان بابكر في مخاطبته لرئيسه وتنبيهه إلى ضرورة التحرك العاجل . هذه الصورة من المخاطبة تدل علي أن السيد حسان مُلقي علي عاتقه مسئولية تنوء بحملها الجبال، ألا وهي قيامه منفرداً بالدفاع عن السيد الرئيس، ليس هذا فحسب وإنما وضع الخطط والبرامج في تشتيت وبعثرة إتهامات المحكمة الجنائية الدولية لمن إستطاع إليها سبيلا. لم أخف إعجابي بأمكانيات وإجتهادات حسان ومحاولاته الدؤوبة في إفشال مخطط أوكامبو . فحسان لا يريد أن يقفز ويتفوق علي العاملين بالسلك الدبلوماسي فحسب، وإنما أراد أن يمسك بمفاتيح السياسة الخارجية كما كان يفعل حسن . ولتأكيد هذا الإفتراض عليك بالرجوع للرسالة الأولي التي أطلق عليها "عملية الخندق" . حيث كتب في البند الرابع ما يلي:
أكد (هود) (إسم حركي لعميل أجنبي يعمل لحساب حسان) أن عدم تعاطي السودان مع المحكمة وتجاهله لها تماماً أتاح المجال للمدعي العام بالتحرك بحرية في كل الإتجهات وفي البند السادس ورد مايلي : "أشار (هود) الي أن هنالك خطوات يتعين القيام بها منذ الآن وقبل صدور الطلب في منتصف الشهر المقبل وقبل أن يصبح مادة تتناولها أجهزة الإعلام، وذلك لأجل تأخير صدور الإعلان وشغل المحكمة بقضايا قانونية يمكن أن تتطاول وتستمر لعدة سنوات . هود عميل حسان والذي يحمل الجنسية البريطانية علي ما أعتقد إجتهد أكثر من ذلك ووضح الخطوات التي يجب إتباعها علي المستوي القانوني ، والإعلامي والسياسي والدبلوماسي . وأبدي (هود) ملاحظة جديرة بالإهتمام حول التصريحات الغاضبة التي صدرت من السفير عبدالمحمود عبدالحليم عقب بيان المدعي العام، وما تسببت فيه من زيادة حالة العداء مع عدد من الدول كان ينبغي كسبها لجانب السودان بدلاً عن إستعدائها (يعني كوستاريكا عندما وصفها بأنها جمهورية موز) وكذلك تحامله على المدعي العام الذي تعتبره عدد من الدول أنه يقوم بواجبه. وعلق علي ضرورة لجم الانفعالات في مثل هذه الحالات والتركيز علي نقض الجوانب القانونية والإستفادة منها بصورة منطقية بدلاً عن المهاترات، والتي لا تجدي نفعاً بل ستزيد من تعقيد المسألة!
بغض النظر عن سلامة منطق (هود) إلا أن غصة في الحلق تظل عالقة وسؤالاً يطرح نفسه بالحاح: هل بلغت بنا المصائب في عهد الإنقاذ هذا الدرك بحيث أصبح العملاء يُقيمون أداء سفاراتنا وسفراؤنا؟ حينها أدركت جلياً عمق المحنة التي تمر بها الدبلوماسية السودانية، ولم أستبعد أنه سيأتي يوماً يقرأ فيه العاملون بهذه الوزارة كشف تنقلاتهم وترقياتهم صادراً من مكتب (هود) وليس من الرئاسة، إذا ظلت الإنقاذ على سدة الحكم، وإذا لم يتحركوا لوقف العبث الذي ينتهجه جهاز أمن قوش ومحمد عطا. فعملية الخندق التي كانت تهدف في جزء منها إلى إبطال قرارات أوكامبو إصطحبتها توجيهات واضحة من المقدم حسان إلى صلاح قوش مدير جهاز الأمن السابق علي هذه الشاكلة:
- أعتقد أن هذا الأمر (يقصد أمر مذكرة المدعي العام بتوقيف حق السيد رئيس الجمهورية) يتطلب التعامل معه بالجدية اللازمة ودراسة هذه الخطة بصورة متأنية والشروع في إنفاذها منذ الآن . هذه هي توجيهات المقدم حسان إلى الفريق صلاح الدين عبدالله قوش.
ياتري من هو المسئول عن سياسة السودان الخارجية ، أفراد جهاز الأمن الملحقون بسفاراتنا بالخارج أم وزارة الخارجية وسفرائها ؟ يتضح جلياً من هذه الخطابات ونبرة التعامل مع الرؤساء أن الفئة التي تعذب وتعتقل وتصادر الكلمة وتكمم الأفواه هي صاحبة الحل والعقد فيما يخص القضايا الدولية والمصيرية . يواصل السيد حسان إجتهاداته في رسالته الموجهة إلى رئيسه بتاريخ 27 يونيو 2008 حيث طلب من مصدره (هود) مواصلة إتصالاته لمعرفة أية تطورات قد تطرأ في خضم الحملة الجارية الآن في الشبكة العنكبوتية عن العواقب المترتبة عن إتخاذ قراركهذا . ( القرار هو أن السيد الرئيس سيكون ضمن قائمة المتهمين الذين سوف توجه لهم لوائح إتهام).
نعلم جيداً أن السيد حسان بحكم المسئولية الملقاة علي عاتقه لا يملك الوقت الكافي للبحث في قوقل عن تداعيات قرار المدعي العام بتضمين إسم السيد الرئيس إلى قائمة المتهمين الأولي والتي شملت أحمد هارون وعلي كشيب . هل عجزت وزارة الخارجيه وبعثاتها الدبلوماسية والعاملين عليها من القيام بهذا التكليف؟ علماً أنه تكليف باستطاعت أي طالب جامعي أن ينجزه، بدلاً من تكليف هود بأداء هذه المهمة والتي عوضاً علي سهولتها ستُكلف الخزينة أموالاً طائلة . أما كان الأجدر بهذه البعثات القيام بهذه المهمة بدلاً عن تتبع أنشطة الجاليات وبث الخلافات وسط عضويتها وتجنيد بعضهم لكي يقوموا بمهام أجهزة الأمن . خلط عبثي يصل مرحلة المفارقة المبكية ، مسئول الأمن يتولى متابعة الملفات الخارجية ومسئولي السفارات بالخارج يقومون بمقام جهاز الأمن في تتبع الجاليات ورفع التقارير إلى جهاز الأمن بالداخل .
يواصل الرجل الخارق حسان في إجتهاداته ويرسل النصح إلى رؤسائه في الخرطوم، حيث لا تجد أذناً صاغيه وكأنه لا يدري أن في آذانهم وقر . ففي رسالته بتاريخ 10 يوليو كتب الآتي :
من جانب آخر سيقوم المدعي العام يوم غدٍ 11 يوليو 2008 بتقديم تقرير لمجلس السلم والأمن الأفريقي . وقد قمت بإعداد مذكرة توضح موقف الحكومة السودانية من المحكمة مدعمة بحقائق واضحة مستندة على القرار 1593 ونظام روما الأساسي، تطالب الإتحاد الأفريقي أن يكون له موقف واضح من المدعي العام خاصة وأنه أضحي سياسي وبدأ يتجاوز المهمة التي أسندت اليه وفقاً لقرارمجلس الأمن .... تم توزيعها علي أعضاء مجلس السلم والأمن الأفريقي وأرسلت نسخة منها إلى المندوب الدائم في نيويورك ( التشديد من عندي ) هنا تبوء السيد حسان موقع وكيل وزارة الخارجية بجدارة يُحسد عليها .
وفي خاتمة مذكرته خط ما يلي : " أري تشكيل لجنة سياسية لتقوم بعمل خطة إعلامية حتي لا تتسم ردود أفعال الدولة بالتخبط بحيث تضع موجهات إعلامية وتحدد من يخول له التحدث للإعلام. " ألا تتفق معي أيها القارئ الكريم أن السيد حسان قد تغول علي صلاحيات النائب الأول ناهيك عن مسئول الدائرة السياسية للمؤتمر الوطني.
مذكرات حسان وإهتمامه بسلامة السيد رئيس الجمهورية فاقت إهتمامات عضوية المؤتمر الوطني مُجتمعة، ليس هذا فحسب وإنما نراه يُوجه رؤسائه ويهديهم إلى الطريق الصحيح، مثال ذلك: أري تشكيل لجنة قانونية لدراسة هذا الأمر وعمل مقترحات للمجموعة القانونية التي تنظر في هذه القضية أمام المحكمة الجنائية إنابة عن السودان . كذلك يمكن أن تقدم بينات بما تقوم به المؤسسة العدلية في الوطن وتنشيط عمل المحاكم الخاصة في دارفور لتؤكد فعالية القضاء الوطني دون الإكتفاء بهذا الحديث لوسائل الإعلام فقط . لعلم القارئ أن هذا المقترح سبق تشكيل لجنة مولانا دفع الله الحاج يوسف.
يواصل حسان في بعث نصائحه حتي بح صوته: "أري أن الوقت يسرقنا وسنتفاجأ بإصدار القضاة أمر التوقيف ونحن نكابد في الجبهة السياسية والدبلوماسية وحدها .... أن هذه القضية تعتبر من أخطر وأكبر التحديات التي تواجه الدولة مما يتطلب إستخدام كل الإمكانيات لمواجهتها..... يجب أن نستلهم الدروس من تجربة القوات الدولية ولا يتم تقديم التنازلات (بالقطاعي) في الوقت غير المناسب "عزيزي القارئ هذه الملاحظات لم تأت من قوى التجمع المعارض وإنما من مقدم بجهاز الأمن . حسان ذهب أبعد من ذلك حينما لم يعارض فكرة عميله (هود) بضرورة إعفاء أحمد هارون من أي مهام تنفيذية وأن يُسلم للمحكمة أحد المدانين السابقين فوراً والثاني قبيل أن تصدر المحكمة قرارها بشأن مذكرة التوقيف في حق الرئيس. هذه المقترحات الإيجابية لم تجد أذناً صاغية كسابقتها حتي أصبح رئيسنا أول رئيس محظور من الطيران فوق البحر الأبيض المتوسط وأصبحت تنطبق عليها الحكمة الشعبية القائلة " المكتولة ما بتسمع الصايحة "
فحسان لم تؤكل إليه مهمة المحكمة الجنائية فقط، وإنما أُضيفت له مهام أخري كتتبع الهجوم المحتمل على الخرطوم من قبل قوات العدل والمساواة قبل حدوثه ، كذلك موضوع أبيي حيث تم التنسيق بينه والسفير الدرديري محمد أحمد، وخلاف ذلك من المواضيع التي لا أريد أن أفسد على القارئ متعة قراءتها من مصدرها الأساسي (الخندق) وكما وعدنا فتحي فهناك المزيد الذي سيأتي لاحقاً .
هكذا تعاملت وزارة الخارجية مع أخطر وأعقد قضية يمر بها السودان الحديث منذ إستقلاله . حيث يقابل إتهام رئيس جمهورية بجرائم حرب وإبادة جماعية وتطهير عرقي بعدم مسئولية ولا مبالاة واستهتار . هل بعد هذا ياعزيزي القارئ ترى أي أهمية لهذا المحفل الذي يطلق عليه وزارة الخارجية؟ أي المحفل الذي أوشك أن يطيح بحكومة ما سُمي بالوحدة الوطنية حينما تشاكس طرفا الإتفاقية في من تؤول له هذه المؤسسة.
زبدة القول كنت في مقالات سابقة نبهت إلى الفساد الذي عمّ سفاراتنا بالخارج أملاً في إصلاح الحال، أما اليوم فأضم صوتي إلى أصوات المتظاهرين بالخرطوم (الشعب يريد أسقاط النظام )!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.