بعد ان دفعت باستقالتي كرئيس لقسم الاخبار بصحيفة السوداني لرئيس تحرير الصحيفة، حزمت امتعتي ويممت وجهي صوب الميناء البري بالخرطوم بعد ان قررت قضاء بعض الوقت مع اهلي بولاية القضارف، الا ان الدهشة قيدت خطواتي تماما وانا اهم بدخول الميناء بعد ان اخرجت من جيبي عنوة "جنيه ونصف" قيمة تذكرة الدخول، في بادئ الامر خيل لي تماما ان عيدا ما فاجأنئ كما يفاجئ غيري من بني بلدي حيث ان مارايته كان اشبه بزحمة العيد في الميناء .. الكل مهرول.. نساء مسنات واخر يافعات رجال واطفال يستظلون بالمباني من سموم الشمس الحارقة بعد ان ضاقت صالات الميناء، دخلت الي الصالة الاولي المخصصة لبصات الدرجة الاولي وجدت جل "شبابيك" التذاكر مغلقة القليل منها مكتظا بالمسافرين خاصة الي ود مدني ، خيل لي لحظتها ان اضرابا ما نفذه اصحاب شركات النقل او ان طارئا قد اصاب الطرق المودية للولايات، سألت وكانت اجابة كل من سألته لا تتعدي " بصات مافي.."، واثناء تجوالي في الصالات اقترب مني احد الشباب وهمس في اذني " مسافر وين " قلت له القضارف .. تدفع ( 75) جنيه نشوف ليك تذكرة هكذا كان حدثه معي .. سالته ليه ..؟ الا انه لم يجبني واختفي، مع العلم بان قيمة التذكرة للقضارف في بصات درجة اولي تساوي (38) جنيها لاغير، وهكذا الحال يجده المسافر الي سنجة ومدني وغيرها من المدن، احد "الركيبين" بالميناء جلس بجواري بعد سئمت الوقوف وبدأنا نتجازب اطراف الحديث، بعد ان كلت اتهاماتي بالسرقة للركيبين الذين يعملون في جلب الركاب الي شبابيك التذاكر، وقال مدافعا " والله ياعمك الناس ديل كلهم قايلين انو نحن البنبيع التذاكر دي بالسوق الاسود وهم ماعرفين القاعد ابيعها منو " سألته طيب القاعد ابيعها منو ..؟ اجابني بعد ان تفحصني جيدا .. "انت عارف في عساكر شغالين هنا بشيلوا التذاكر من المكاتب لما يكون في زحمة وبيعوها سوق اسود ومافي زول قاعد اسألم نحن ديل القاعدين نشيل وش القباحة "، واحد من العاملين في مكاتب التذاكر همس في اذني " والله نحن بنبيع التذاكر بالسعر المحدد لكن في ناس بتجاروا بالشغلة دي" .. رددت في نفسي طيب ياربي ما دام في ناس بتاجروا بالتذاكر داخل صالات الميناء البري ايا كانوا عساكر او موظفين ومعروفين الا يوجد من يسألهم او يحاسبهم وتساءلت هل هناك ضوابط محددة داخل تلك الصالات، ام ان الامر متروك لمن يتربح من عناء البسطاء .. واذا كان من يقومون بامر الميناء يكابرون فعليهم النزول هذه الايام الي الصالات ولينظروا بام اعينهم ما يحدث ولا اعتقد ان ذلك يتم بغير علمهم ..