بدأ العد التنازلي لمهرجان كان السينمائي الدولي ، حبث من المفترض أن يتم الإفتتاح يوم 16 مايو المقبل وتستمر فعالياته لمدة 11 يوما ، وتقرر أن يكون الإفتتاح بفيلم " مملكة طلوع القمر " Moonrise Kindom من إخراج ويس أندرسون ، والذي شارك في كتابة السيناريو مع رومان كوبولا نجل المخرج الشهير فرانسيس كوبولا . اللغط ما يزال جاريا حول فيلم الإفتتاح الذي يتناول قصة سام وسوزي العاشقان الشابان اللذان يهربان من بلدتهما الإنكليزية الصغيرة بحثا عن حياة صاخبة ، فيندفعان لتشكيل فرقة بحث صغيرة لمعرفة مصيرهما ، ويقود الفرقة شريف البلدة الكابتن شارب ووالدا سوزي ، وهي قصة معذبة ومفاجئة لأطفال وبالغين في أيام عاصفة من صيف عام 1965 . من هو وبس أندرسون ؟ المخرج ويس أندرسون يعتبر واحدا من القوى الصاعدة في السينما الأمريكية ، فهو كما يقول النقاد يدخل فيها لمسة شخصية للغاية ، ويشكل الفيلم دليلا على حرية الإبداع ، والمعروف أن هذا الفيلم سيبدأ عرضه في صالات السينما الفرنسية في نفس تاريخ عرضه في مهرجان كان . وكان المخرج الفرنسي الرائع تييري فريمو قد قال عن أندرسون " إنه حساس ومستقل ، وعلى الرغم من إعجابه بمخرجين أمثال فيلليني ورينوار إلا أنه مخرج رائع وخلاق أيضا " وحقيقة يعد ويس أندرسون واحدا من أهم مخرجي جيله ، وأحد أهم الآمال الواعدة في السينما الأمريكية المعاصرة ، ويمثل هذا الفيلم السينمائي السابع في مسيرته ، وسبق لأندرسون أن تم ترشيحه مرتين لنيل جائزة الأوسكار ، الأولى في فئة أفضل سيناريو أصلي عام 2001 عن رائعته The Royal Tenen B aums ، والثانية كأفضل فيلم رسومي عام 2009 عن فيلمه الشهير Fantastic Mr. Fox . هذا ويقوم ببطولة الفيلم نجوم كبار أمثال بروس ديليس وإدوارد نورتون وفرانسيس مكدورماند وتيلدا سوينتون وجيمس شوارزمان وهارفي كايتل . من جهته أعلن مهرجان كان قائمة الأفلام في مسابقته الرسمية لعام 2012 والتي تحوي 22 فيلما لنيل السعفة الذهبية في مجال أفضل فيلم وأحسن إخراج وكذلك في التمثيل والسيناريو والمونتاج والتصوير وغير ذلك ، وغلى جانب المسابقة الرسمية هناك جوائز الأفلام الوثائقية وجوائز أخرى كثيرة ، ويضم مهرجان هذا العام الكثير من المخرجين الفائزين بجائزة السعفة الذهبية في السنوات الماضية ، وهو ما سيجعل من دورته الخامسة والستين إحتفالية كبيرة ينتظرها عشاق السينما في كل العالم . الفائزون يعودون ومن هؤلاء المخرج الألماني مايكل هاتيكي الذي شارك عام 2009 وحصل على السعفة الذهبية عن فيلمه "الشريط الأبيض " ، ويعود هذا العام بفيلم " حب " من يطولة إيزابيل هوبير ، والفيلم يدور حول زوجين في الثمانين ، هما مدرسا موسيقى متقاعدان ولديهما إبنه متزوجة تعيش مع عائلتها بالخارج ، وفي يوم تتعرض المراة العجوز لهجوم ، ويكون اختبارا قاسيا للزوجين وحبهما . ويعود هذا العام المخرج الإنجليزي كين لوتش الذي فاز عام 2006 بالسعفة الذهبية عن فيلمه " الريح التي تهز الشعير " ، ويشارك بفيلم " مشاركة الملائكة " الذي يدور حول رجل ينجو من السجن ويفتح صفحة جديدة بعد أن أصبح أبا ويفكر هو وزملاؤه عن طريقة للخروج من حياتهم الميؤوس منها . أما المخرج الفرنسي جاك أوديار الذي فاز بالسعفة الذهبية عام 2009 بفيلمه " نبي " فيشارك هذا العام بفيلم " الصدأ والعظام " ، بطولة الممثلة ماريون كوتيار ، أيضا لن يغيب المخرج الإيطالي ماتيو جاروني وقد شارك عام 2008 بفيلم " صورة " ويعود هذا العام بفيلم " حقيقة " . ويقدم المخرج الإيراني عباس كياروستامي الذي فاز فيلمه " نسخة مضدقة " بجائزة أفضل ممثلة " جولييت بينوش " قبل عامين للمشاركة هذا العام في السباق بفيلم " كمن فب الحب " الذي صور في اليابان . ويسير هذا العام عدد كبير من النجوم على السجادة الحمراء متمنين الفوز ، ومنهم براد بيت الذي يشارك فيلمه " قتلهم بهدوء " ويلعب فيه دور المنقذ المحترف الذي يحقق في سرقة وقعت أثناء مباراة في لعبة البوكر ، وهو من إخراح المخرج الأسترالي أندرو دومينيك ، وهو فيلم سيعطي جرعة من العنف لسباق المسابقة الرسمية ، أما بروس ويلز فهو يشارك في بطولة فيلم الإفتتاح " طلوع مملكة القمر " . وتشارك النجمة نيكول كيدمان في المسابقة الرسمية بفيلم " موزع الصحف " من إخراج لي دانيلز ويقوم ببطولته الممثل زاك ايفرون وجون كوزاك ، والقصة تدور حول صحفي يعود إلى مسقط رأسه فلوريدا للتحقق في قضية تتعلق بسجين ، وكان يعرض لهذا المخرج منذ ثلاث سنوات في كان فيلم " ثمين " حول فتاة سوداء من هارلم ، وهي ليست المشاركة الوحيدة لنيكول ، فهي تشارك بفيلم آخر خارج المسابقة للمخرج فيليب كوفمان وهو " همنجواي وجيلهورن " وتلعب فيه دور زوجة كاتب ومراسل حرب أمام الممثل كليف أوين . العرب في كان يلاحظ في مهرجان هذا العام تواجد المخرج المصري الكبير يسري نصرالله بفيلمه " بعد الموقعة " ، وهكذ يعود نصرالله إلى واجهة المحفل السينمائي العالمي بعد 15 عاما كاملة على إختيار فيلم " المصير " للمشاركة في المسابقة الرسمية للمهرجان وتكريم المخرج الراحل المقيم يوسف شاهين بالجائزة الشرفية عن مجمل أعماله في إحتفالية المهرجان بدورته الخمسين عام 1997، وقد أسعدني الحظ بحضورها وشاهدت كيف كان الإحتفاء بواحد مثل شاهين. فيلم " بعد الموقعة " يحكي قصة ناشطة سياسية تشارك بأحداث ثورة الخامس والعشرين من يناير في ميدان التحرير ، وتواجه بعد ذلك عدة صعوبات ومشاكل ، والفيلم من بطولة منه شلبي وباسم سمرة وناهد السباعي ، وهو الفيلم السابع في مسيرة نصرالله بعد أفلامه الرائعة : مرسيدس ، المدينة ، باب الشمس وأحكي يا شهرزاد . ومن الأخبار الهامة لمتابعي السينما العالمية من العرب قرار إدارة مهرجان كان السينمائي عرض فيلم وثائقي عن أحداث الثورة الليبية التي أطاحت بالعقيد الراحل معمر القذافي ، والفيلم بعنوان " قسم طبرق " لمخرجه الكاتب والفيلسوف الفرنسي برنار هنري ليفي وذلك خارج المنافسة في عرض خاص ، وبررت إدارة المهرجان قرارها بعرض الفيلم الذي صور مخرجه بعض لقطاته في نيويورك ولندن وباريس وبحكي تفاصيل أحداث الثورة الليبية التي استمرت على مدى ثمانية أشهر بأنه يعكس توق الجماهير إلى الحرية وكيف نجحت بإصرارها في تغيير مسار التاريخ في ليبيا . هذا وينافس الفيلم الجزائري القصير " الحبر والعالم " لمخرجه سفيان بلالي في العروض الشرفية للأفلام القصيرة ، والفيلم يروي حكاية فلسفية عن الحبر والإنسان ،وكيف يبدأ الفرد بالكتابة بالحبر ويرسم مستقبله في لحظة من اللحظات ليجد نفسه في عوالم أخرى ، كما يسرد الفيلم إمكانية بناء أو تدمير العالم بالحبر ، واستعان المخرج بتقنيات عالية رغم قلة الإمكانيات ، خصوصا وأن الفيلم صور في منطقة " بوغني "في أعالي مدينة " تيزي " بالقبائل الصغرى في الجزائر . وهذه هي المرة الثانية على التوالي التي يمثل فيها المخرج الجزائري الشاب سفيان بلالي ، حيث سبق وأن شارك بفيلم " الإختطاف " في منافسة الأفلام القصيرة في الدورة 64 لمهرجان كان السينمائي . إذن نحن موعودون يوم 16 مايو لنعيش يوما فنيا تاريخيا يتابعه الملايين من عشاق السينما العالمية في العديد من أقطار العالم ، البعض يتابع أفلامه المحبوكة جيدا ، والبعض الآخر يتابع فنون الإخراج ومدارسه الجديدة ، والبعض يهمه نجوم السينما وابتساماتهم العريضة والتمثيل الخارق ، وهناك من يتابع فنون السينما الأخرى مثل التصوير والمونتاج والميكياج ، ولا نعدم أن نجد البعض من محبي الأزياء الفاخرة والألوان الباهرة المستخدمة في إخراج اليوم في أزهى حلله وإبداعه من ديكورات والسجاد الأحمر والمقابلات التلفزيونية والسينمائية .
