الأحمر يواصل صفقاته الداوية و يتعاقد مع الجناح الغامبي    مجلس الأمن يطالب مليشيا الدعم السريع بإنهاء "حصار" مدينة الفاشر    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يحاول التحرش بمطربة أثناء تقديمها وصلة غنائية في حفل خاص والجمهور يستغرب من تجاوب الفنانة وعدم صدها له    مدرب ليفربول الجديد يرسم خطة "إبعاد" صلاح عن الفريق    فيروس غريب يضرب نجوم منتخب فرنسا عشية انطلاق كأس أمم أوروبا    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يحاول التحرش بمطربة أثناء تقديمها وصلة غنائية في حفل خاص والجمهور يستغرب من تجاوب الفنانة وعدم صدها له    بالصورة.. المريخ يواصل تدعيم صفوفه بالصفقات الأجنبية ويتعاقد مع الظهير الأيسر العاجي    شاهد بالصورة والفيديو.. ظهرت وهي تبادل عريسها شرب الحليب بطريقة رومانسية.. مطربة سودانية تكمل مراسم زواجها وسط سخرية جمهور مواقع التواصل    شاهد بالفيديو.. الفنانة مروة الدولية تغني لزوجها وتتغزل فيه خلال حفل بالقاهرة (قلت للحب حبابو.. سألت انت منو قال لي أنا جنابو) وساخرون: (ختر خير جنابو الخلاك تلبسي طرحة)    معبر ارقين تستقبل اكثر من 700 سودانيا مرحلا من مصر    المريخ يبرم صفقة نيجيرية ورئيس النادي يفتح باب الحوار أمام الصفوة    ردًا على العقوبات الأمريكية.. بورصة موسكو توقف التداول بالدولار واليورو    حوار صريح مع الصادق الرزيقي وآخرين من عقلاء الرزيقات    صالون لتدليك البقر في إندونيسيا قبل تقديمها أضحية في العيد    غوغل تختبر ميزات جديدة لمكافحة سرقة الهواتف    ((هولاء رجالي فجئني بمثلهم ياجرير))    "أشعر ببعض الخوف".. ميسي يكشف آخر فريق سيلعب لصالحه قبل اعتزاله    بعد انحسار الأزمة.. الاقتصاد يعزز التوافق بين الرياض والدوحة    امرأة تطلب 100 ألف درهم تعويضاً عن رسالة «واتس أب»    الدولار يسجل ارتفاعا كبيرا مقابل الجنيه السوداني في البنوك المحلية    ناشط جنوب سوداني يكتب عن فوز صقور الجديان على منتخب بلاده: (قاعدين نشجع والسودانيين يهتفوا "دبل ليهو" ولعيبة السودان بدل يطنشوا قاموا دبلوا لينا..ليه ياخ؟ رحمة مافي؟مبروك تاني وثالث للسودان لأنهم استحقوا الفوز)    القصور بعد الثكنات.. هل يستطيع انقلابيو الساحل الأفريقي الاحتفاظ بالسلطة؟    البرهان يهنئ صقور الجديان    "فخور به".. أول تعليق لبايدن بعد إدانة نجله رسميا ..!    الهروب من الموت إلى الموت    ترامب معلقاً على إدانة هانتر: سينتهي عهد بايدن المحتال    شرطة مرور كسلا تنفذ برنامجا توعوية بدار اليتيم    تُقلل الوفاة المبكرة بنسبة الثلث.. ما هي الأغذية الصديقة للأرض؟    4 عيوب بالأضحية لا تجيز ذبحها    عدوي: السودان يمر بظروف بالغة التعقيد ومهددات استهدفت هويته    قصة عصابة سودانية بالقاهرة تقودها فتاة ونجل طبيب شرعي شهير تنصب كمين لشاب سوداني بحي المهندسين.. اعتدوا عليه تحت تهديد السلاح ونهبوا أمواله والشرطة المصرية تلقي القبض عليهم    نداء مهم لجميع مرضى الكلى في السودان .. سارع بالتسجيل    شاهد بالفيديو.. الراقصة آية أفرو تهاجم شباب سودانيون تحرشوا بها أثناء تقديمها برنامج على الهواء بالسعودية وتطالب مصور البرنامج بتوجيه الكاميرا نحوهم: (صورهم كلهم ديل خرفان الترند)    الإمارات.. الإجراءات والضوابط المتعلقة بالحالات التي يسمح فيها بالإجهاض    إسرائيل: «تجسد الوهم»    الإعدام شنقاً حتى الموت لشرطى بإدارة الأمن والمعلومات    اللعب مع الكبار آخر قفزات الجنرال في الظلام    نصائح مهمة لنوم أفضل    إغلاق مطعم مخالف لقانون الأغذية بالوكرة    شرطة بلدية القضارف تنظم حملات مشتركة لإزالة الظواهر السالبة    التضخم في مصر.. ارتفاع متوقع تحت تأثير زيادات الخبز والوقود والكهرباء    إجتماع بين وزير الصحة الإتحادي وممثل اليونسيف بالسودان    أمسية شعرية للشاعر البحريني قاسم حداد في "شومان"    عودة قطاع شبيه الموصلات في الولايات المتحدة    داخل غرفتها.. شاهد أول صورة ل بطلة إعلان دقوا الشماسي من شهر العسل    محمد صبحي: مهموم بالفن واستعد لعمل مسرحي جديد    خطاب مرتقب لبايدن بشأن الشرق الأوسط    السودان.. القبض على"المتّهم المتخصص"    قوات الدفاع المدني ولاية البحر الأحمر تسيطر على حريق في الخط الناقل بأربعات – صورة    الغرب والإنسانية المتوحشة    رسالة ..إلى أهل السودان    من هو الأعمى؟!    حكم الترحم على من اشتهر بالتشبه بالنساء وجاهر بذلك    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كنت رئيساً لمصر مذكرات اللواء محمد نجيب


New Article
الفاضل عباس محمد علي أبوظبي 30 اغسطس 2012
عدت من عطلتي بمصر متأبطاً هذا السفر، والتهمته للمرة الثانية، وعجبت كيف أنّا مررنا عليه مرور الكرام، رغم أنه بأرفف المكتبات منذ عام 1984. إن محمد نجيب كنز مصري وسوداني ضاع من بين يدي الشعبين، تماماً كما ضاع صالح فى ثمود، فكأن أبا الطيب يتحدث بلسانه عندما قال:
أنا ترب الندي ورب القوافي وسمام العدا وغيظ الحسود
أنا فى أمة تداركها الله غريب كصالح فى ثمود
عموماً، كان من الضروري الوقوف عند كتابه أعلاه...وأخذه بالدراسة والتحليل والتعليق...وإعادة الترويج لما ورد فيه من معلومات دقيقة وخطيرة، حتى تعم الفائدة.. وحتى نعيد النظر فى الكثير من المسلمات التى كبلتنا وغبّشت رؤيتنا طوال الحقبة الناصرية وما تلاها – إلى يوم انتفاضة الشعب المصري فى العام المنصرم.... ولو استوعبنا ما سجله محمد نجيب من متاهات وتعرجات السياسة المصرية فى مطلع الخمسينات..لأدركنا كنه الجذور التى تشكلت منها التيارات التى تزحم الساحة اليوم....
وبالتحديد، دعنا نتأمل ما قاله عن الإخوان المسلمين.
عندما أصدرت حكومة ثورة 23 يوليو قرارها بإلغاء الأحزاب، استثنت (الإخوان المسلمين).. الذين كانوا حلفاءها فى بادئ الأمر، وعينت منهم وزيراً (أحمد حسن الباقوري)، وكان زعماؤها حسن الهضيبي وعبد القادر عودة مستشارين راتبين لمجلس الثورة، وبالتحديد لنائب رئيس الوزراء البكباشى جمال عبد الناصر. وكان التحريض الإخواني يركز علي حمل الضباط الأحرار نحو قلب ظهر المجن للديمقراطية الليبرالية التى كان محمد نجيب من دعاتها... وعلى إقامة "خلافة إسلامية" جديدة تجعل مصر فى موقع الريادة بالنسبة للأمة الإسلامية والعربية،... وكانت المخابرات المركزية الأمريكية تبارك ذلك آنئذ.. حيث أن الولايات المتحدة كانت لاهثة وراء سد الفراغ الذى بدأت بريطانيا فى تركه وراءها بالشرق الأوسط.
ولكن، فى حقيقة الأمر، اتضح أن الحلف مع الإخوان كان حلفاً تكتيكياً مرحلياً، قصد به عبد الناصر تقوية جناحه فى مجلس الثورة حتى يتم التخلص من محمد نجيب، ومن ثم انقلب جمال على الإخوان، على إثر مسرحية محاولة إغتياله فى المنشية يوم 26 أكتوبر 1954 .... وصفاهم بطريقة هارون الرشيد مع البرامكة، إذ تم إعدام سبعة من قادة الإخوان، على رأسهم عبد القادر عودة، وأرسل 254 من كوادرهم للسجون.
ويتحدث نجيب فى مواضع كثيرة من كتابه عن إنتهازية الإخوان المسلمين وعدم صدقيتهم وميكيافيللتهم وخيانتهم للعهود وتذبذبهم، وعن صلاتهم الدؤوبة والمستمرة بالاستخبارات البريطانية والأمريكية،.. إذ يقول فى صفحة 253 (طبعة المكتب المصرى الحديث 1984):
(لقد اشتراهم عبد الناصر ليبيعني..ثم باعهم واشترى السلطة المطلقة..إن خطأ الإخوان فى هذا الموقف كان خطأ استراتيجياً..لأنهم تصوروا أن القضاء على الأحزاب كان لصالحهم، بحيث يصبحون الحزب الوحيد والقوة الوحيدة، ولم يدركوا حكاية العصا الوحيدة التى يمكن كسرها، والدليل على ذلك أنهم انتهوا إلى السجن والتعذيب والتشريد عندما وصل عبد الناصر للحكم، ولم يشفع لهم موقفهم ضد الأحزاب وضد تعدد الآراء...)
عموماً، آلت السلطة كاملة لعبد الناصر بعد أن انقلب على محمد نجيب.. ومن بعده الإخوان المسلمين...، ودخلت مصر فى نفق حكم الفرد الذى لم تخرج منه إلا فى العام المنصرم بفضل الإنتفاضة الشعبية التى وضعت نهاية لحكم حسنى مبارك، ...بيد أن المفارقة الكبرى هي أن يأتي الإخوان المسلمون للسلطة بعد إنتخابات هذا العام... على الرغم من تاريخهم المعادى للديمقراطية وسعيهم المكشوف لإقامة إمارة إسلامية يستفردون فيها بالأمر ويفرضون وصايتهم، ليس علي الشعب المصري وحده، إنما علي كافة الشعوب الإسلامية والعربية، إن وجدوا لذلك سبيلاً،.... فدعوتهم عابرة للقارات بلا أدني شك، وهم أعداء "للشعوبية".... ودعاة "للأممية الإسلاموية الإخوانجية"، فما هم إلا جزء من "تنظيم الإخوان المسلمين العالمي".
وظل محمد نجيب منطوياً علي جروحه لثلاثة عقود من حياته ببيت زينب الوكيل المهجور بضاحية المرج فى أطراف القاهرة، بينما تقاذفت النوى كل أعضاء مجلس الثورة،... ومن حِكَم رب العالمين أنه عاش أطول من أعدائه، إذ مات عبد الحكيم عامر مقتولاً أو منتحراً، الله أعلم، ومات عبد الناصر قبل محمد نجيب بخمس عسرة سنة، على الرغم من أنه أصدر أمراً بتصفية محمد نجيب عام 1956 أيام العدوان الثلاثي.. وبتذويب جسده فى حامض الكبريتيك.. ولكن لسبب ما لم يتم تنفيذ تلك التعليمات، أو لعله غيّر رأيه بعد أن انقلب العدوان إلى انتصار.. بفضل إنذار بولقانين وضغط آيزنهاور... وانسحاب القوات الإنجليزية والفرنسية والإسرائيلية بأمر من مجلس الأمن الدولي.
وبينما ظل محمد نجيب يدفع ثمن دفاعه عن الديمقراطية ومطالبته بعودة الأحزاب (بعد تنظيفها من الفاسدين الذين أدانتهم المحاكم النزيهة)، ظل نظام عبد الناصر يتنكّب طريقه...من وحدة فاشلة مع سوريا لم تدم لأكثر من ثلاث سنوات، وأخرى أكثر فشلاً مع اليمن، وعلاقات غير سوية وكثيرة الأزمات مع الدول العربية القريبة والبعيدة، كالسودان والسعودية وتونس والعراق...إلي تقدم إقتصادي وتحول إجتماعي متعثر، لم يصل للمستويات الراقية التى بلغتها دول أخرى فى زمن قياسي، مثل النمور الآسيوية، كوريا الجنوبية وماليزيا وسنغافورة وإندونيسيا، أو التى لحقت بها فى الآونة الأخيرة كالهند والصين وتركيا والبرازيل، أيضاً فى زمن قياسي.
وقال نجيب.. ص 368:
(ذاق الذين ساندوا الدكتاتورية من نفس الشراب الذى ساقوه للآخرين..إنهم لم يسكتوا على الخطأ فقط..وإنما ساندوه أيضاً..ودافعوا عنه وبرروه..وأسهموا فيه..ومع ذلك عندما انتهى دورهم أطيح بهم..وأصبحوا مثلي..
(ولو قرأوا قليلاً من التاريخ لعرفوا أن عبد الناصر نفّذ نصائح مكيافيللي فى "الأمير"..خاصة تلك التى تنصح الحاكم بالتخلص من كل الذين ساعدوه فى الوصول إلي الحكم واستبدالهم بآخرين يدينون له بالطاعة والولاء....
(ولكن...دارت عليهم الدوائر..وخرجوا من النفوذ إلي النسيان..وانتهى بهم الأمر إما إلي الإستقالة أو الانتحار....اللهم لا شماتة).
وقال نجيب... ص 376:
(لقد عرفت كم كانت جريمة الثورة "يعني ثورة 23 يوليو" فى حق الإنسان المصري بشعة..وعرفت أي مستنقع ألقينا فيه الشعب المصري الذى فقد حريته وكرامته وأرضه وتضاعفت متاعبه.......المجاري طفحت ..المياه شحت..الأزمات اشتعلت..الأخلاق انعدمت.. والإنسان ضاع...لقد قمنا بثورة ..فإذا بهم يحولونها لعورة.)
ولعل محمد نجيب فيما قال أعلاه يتحدث دون أن يدرى عن الإنسان السوداني كذلك ... فقد أطلت عليه "ثورة" مماثلة ...وهي الإنقلاب العسكري الذى قام به الإخوان المسلمون فى 30 يونيو 1989 وجاء بعمر البشير رئيساً وحاكماً فرداً منذئذ..فإذا هو ليل طويل أناخ على أهل السودان... وإذا بهم يهانون ويوضعون تحت بوتات جلاوزة الأمن .. وإذا بالوطن يقسّم إلي كانتونات...ذهب الجنوب منها بقضه وقضيضه ليصبح دولة مستقلة تجلس كالشوكة فى خاصرة النظام الذى ساعدها على الإنفصال..جزاء سنمار.. وستتبعه أخريات إذا تطورت الأمور بالطريقة التى تسير عليها الآن فى دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق.
وجاء فى الفقرة التى ختم بها نجيب كتابه – ص377 -:
(لا أمل فى أن يتقدم الشعب سوي بالديمقراطية..فالحرية قبل الخبز..والديمقراطية قبل العدالة الإجتماعية...وقد دفعت أنا ثمن الديمقراطية ودفع الشعب ثمنها..ولكن الشعوب التى تعوض شيخوختها بشبابها..وماضيها بمستقبلها..تملك الفرصة الذهبية لتغيير واقعها السياسي والإقتصادي والإجتماعي..).
وأسلم نجيب روحه الطاهرة لبارئها بعد نشر هذا السفر الثمين ببضع شهور..ويتعين علينا أن نتدبر ما فيه من عبر..لا أن نكرر أخطاءنا ونتمادى فى المكابرة لعشرات السنين...ثم نأتى لنجبّ كل ما سلف ونتحسر على الزمن الذى ضاع والحليب الذى سكب على الأرض...فلا شيء يعوّضنا عن الديمقراطية..وكما قال محمد أحمد المحجوب: "فإن علاج الديمقراطية هو مزيد من الديمقراطية"...ولو حكّمناها بيننا فإن ذلك يعني الحكم الرشيد والشفافية وحرية التعبير والصحافة غير المكبلة والمكممة الأفواه ..والقضاء العادل والنقابات والمؤسسات الجماهيرية التى تدافع عن كل الفئات والقطاعات والإثنيات بحرية وسلامة وصوت جهير وثقة فى النفس...ومع كل هذه المساحات المتاحة يتم علاج التظلمات والشكاوى فى جو صحي..ويضمن كل مواطن وكل إقليم حقه.......وما كان لمشكلة كجنوب السودان أن تصل إلى حد الإنفصال..وأن تقود لما بين الشمال والجنوب الآن من حساسيات وتعقيدات ومشاكل. والسلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.