كلام الناس *نحتاج دائما لمراجعة التاريخ واعادة قراءته كما نحتاج الى مراجعة واقعنا وعادة تقييمه من خلال التجارب العملية وانعكاساتها على مجمل حياتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والامنية والرياضية والفنية و... الخ *للاسف لم نعد نهتم بالتارخ وعبره ولا بالواقع الذي نعيش فيه، بل هناك محولات هروب مستمرة على المستويين الجماعي والفردي وفق مواقف براجماتية وانتهازية هي ذاتها نتاج هذا الواقع السياسي والاقتصادي الضاغط. *لذلك تستوقفنا التنبيهات الايجابية التي تهز ركود حياتنا وتجعلنا ننتبه الى الجفاف الفكري الذي بات يهدد حاضرنا ومستقبلنا، بل للاسف هناك من يحاولون اهالة التراب على كل تراثنا الحضاري والانساني وهم يضخمون انجازاتهم كما يرونها دون اعتبار لانعكاس سياساتهم على الواقع الماثل اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وامنيا واخلاقيا ورياضيا وفنياو....الخ. *تذكرت كل ذلك وانا اتابع خطبة الجمعة امس التي القاها الشيخ الدكتور مدثر احمد اسماعيل بمسجد مجمع الامام مالك بمربع 2 بالفيحاء لانها من الخطب النادرة التي تخرج بنا من النهج الروتيني الممل الذي لايقترب من الواقع الاولى بالمخاطبة *كانت الخطبة درسا بليغا عن الحضارة وهو يعقد مقرنة بين واقعنا الحضاري وواقع البلدان المصنفة بالعلمانية والالحاد او اللادينية، وكان الدكتور مدثر منصفا وهو يرصد القيم الايجابية في واقع هذه البلدان. *بين لنا كيف ان العلم في هذه البلدان حق مشروع ومكفول لكل انسان بغض النظر عن دينه اوجنسه او نوعه او لونه بينما الواقع الماثل في بلداننا الاسلامية والعربية والافريقية والنامية وتحت النمو يؤكد وجود مصاعب وعقبات في طريق التعليم ابتداء من كلفته الباهظه وليس انتهاء بضغوط الحياة الاقتصادية والمعيشية التي تؤثر سلبا على التعليم. *اوضح ايضا كيف ان العمل حق مشروع ومكفول لكل قادرفي تلك البلدان فيما يعاني ابناؤنا وبناتنا من العطالة والبطالة وعدم العدالة في توزيع فرص العمل و...الخ من مظاهر الظلم والفساد المستشرية في بلداننتا. *القيمة الحضارية الثالثة الغائبة في بلداننا التي تحدث عنها الكتور مدثر هي الوقت الذي يعتبر في تلك البلدان ثروة قومية مقدسة فيما لايجد في بلداننا من يلتزم به ويقدر ه ويحترمه للدرجة التي اصبحنا نصف المواعيد الدقيقة بانها مواعيد خواجات اما مواعيدنا فحدث ولا حرج و حكى الطرفة التي تروى عن مواعيدنا - في السودان - التي تقول : انا جاييك الساعة العاشرة اننتظرني حتى العاشرة والنصف اذا تاخرت انتظر حتى الساعة حداشر واذا لم احضر ممكن تمشي الساعة اتناشر. *ما احوجنا لمثل هذه التنبيهات المهمة التي ترشدنا الى بعض مواقع الخلل في حياتنا ، وهي تنبيهات لاتعني المخاطبين وحدهم وانماهي بالدرجة الاولى موجهة لاولي الامر ممن بيدهم القرار خاصة فيما يتعلق بالتعليم والصحة والعدالة وحقوق المواطنة ، فهذا هو الطريق للحكم الراشد العادل وليس الايديولوجيات والشعارات حتى وان تدثرت بالدين لان المحك هو ما نلمسه ونحسه في حياة الناس وليس في الخطب السياسية والبيانات الرسمية التي يكذبها الواقع..